رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هكذا تنموا الشائعات.. حكايات وهمية على كوبري الساحل

كوبري الساحل
كوبري الساحل

في العاشر من أكتوبر الجاري؛ توقفت الأنفاس فجأة على كوبري الساحل على نهر النيل بالقاهرة.. علّت دقات القلوب، واتجهت الأنظار جميعها نحو مياه النيل، مارة من كسر في حاجز حديدي على جانب الكوبري؛ اعتقد الناظرون أن سيارة أجرى تُقل ركابًا سقطت من هُنا.. أحدهم سمِع صوت التطام جسم بالماء، وآخرون استنتجوا كواليس ما جرى، ثم نسجوا على غراره قصصًا أثارت حزنًا كبيرًا بين المصريين، وأثارت تساؤلات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول لغز اختفاء السيارة المزعومة رغم جهود كبيرة للإنقاذ النهري للتوصل إليها.

 

يوم الخميس، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا أسدلت فيه الستار أخيرًا عن واحدة من أغرب القصص التي نُسجِت لحوادث فوق سطح مياه النيل، لتُؤكد أنه لا توجد سيارات بالأساس قد سقطت من هُنا، وأن كل ما جرى هو سقوط غطاء سيارة كبيرة الحجم في مياه النيل، وهو ما عثرت عليه قوات الإنقاذ النهري عند بحثها بعد تلقي بلاغًا من أحد المواطنين بأن آخرين أبلغوه برؤيتهم لشئ يسقط في مياه النيل من أعلى الكوبري.

 

بلاغ المواطن تحدث عن سقوط جسم مجهول في المياه.. هكذا أبلغه مواطنون رجّحوا أن يكون ما رأوه سيارة ميكروباص، لكنهم لم يتحققوا من ذلك، فاتخذ المبادرة للإبلاغ عما أخبروه إياه.. تعاملت الأجهزة جميعها مع البلاغ بجدية، تحسبًا لوجود سيارة بالفعل، ووجود ركاب يستقلونها ـ كما اعتقدوا هنا.

 

توقعات بأن يكون الجسم الذي سقط في المياه سيارة ميكروباص، تحوّلت فجأة إلى تأكيدات على مواقع التواصل الاجتماعي بأن سيارة سقطت بالفعل، وراح المُدوّنون عبر هذه المواقع يتوقعون ما جرى، وعدد ركاب السيارة المزعومة، ومصير من فيها، وتأخر العثور عليها، وأين ستظهر جثامين من فيها.. هكذا نُسجِت الحكايات ونمت الشائعات حول واقعة لم تحدث بالأساس.

 

بينما كانت مواقع التواصل الاجتماعي تزدحم بالمنشورات التي تتناول الحديث عما جرى على كوبري الساحل، وأين ذهبت السيارة المزعومة، كان فريقًا أمنيًا يواصل الليل بالنهار بحثًا عن حقيقة ما جرى، ليرصد معه التقاط كاميرا مراقبة لجسم غريب يسقط في المياه، ويتوصل لشاهد رؤية (صياد) يقول إنه شاهد غطاء سيارة يتهاوى من أعلى الكوبري نحو النيل.

 

جهود الفريق البحثي استهدفت توسيع نطاق البحث عن أي معلومات قد تقود إلى حقيقة الأمر، فحددت المسارات المتوقعة لمرور السيارة المزعومة، ومواقف سيارات الأجرة لتبين ما إذا كانت هناك أي سيارات مفقودة، أو بلاغات عن تغيب مواطنين، لكنها لم تعثر على أي خيوط تُرجح سقوط سيارة في المياه.. السيارات جميعها تعمل في أماكنها، ولم تختفِ أي سيارة هُنا.. ولا بلاغات باختفاء مواطنين.

 

أخيرًا؛ صارت رواية الصياد أكثر تجسيدًا لما حدث بالفعل، خاصة مع انتشال غطاء سيارة بالفعل من المكان نفسه الذي أشار له الصياد.. لكن احترافية الفريق البحثي جعلته لا يعتمد السيناريو بما توصل له من معلومات، فأجرى مُحاكاة لما حدث في هذه اللحظات، وبالغطاء نفسه الذي سقط، ومن مكان سقوطه، ليجري إلقاؤه من جديد، ثم معاينة ما تلتقطه نفس كاميرا المراقبة التي سجّلت اللحظات في الواقعة الأولى.. تمت التجربة، وأظهرت المشهد نفسه.. الآن بات مؤكدًا أن الغطاء هو الذي أثار رعب المصريين طيلة الأيام الماضية، ممزوجًا بشائعات أطلقها شهود لم يشاهدوا شيئًا.

اقرأ أيضًا:

«غطاء سيارة».. «الداخلية» تكشف لغز ميكروباص الساحل