صباح مشالي: شبكة كهرباء مصر جاهزة للربط الدولي مع أوروبا.. ومصر تمتلك فائضا في توليد القدرات الكهربائية (حوار)
أكدت المهندسة صباح مشالي، نائب رئيس مجلس إدارة منظمة ناقلي شبكات الكهرباء لدول حوض البحر الأبيض المتوسط Med-Tso، أن الأساس في تغذية الشبكة القومية لنقل الكهرباء في مصر كان الجهد 220 كيلو فولت، وأن الشبكة القومية لنقل الكهرباء في مصر ترتكز علي خطين فقط بالجهد نفسه، الأول ينطلق من السد العالي منذ ستينيات القرن الماضي، والثاني يختص بالربط الكهربائي بين مصر والأردن، والذي ينطلق من السد العالي ثم الكريمات ثم التبين ثم أبوزعبل ثم طابا وعيون موسي إلخ.
وأضافت المهندسة المصرية الحائزة علي جائزة ضمن أفضل 4 مهندسات في العالم للعام 2020 خلال الحوار الأول لها منذ توليها رئاسة المصرية لنقل الكهرباء الذي اختصت به "الدستو ر" أن شبكة كهرباء مصر كانت تعتمد لسنوات طوال علي خطي جهد فقط، بقدرة 500 كيلوفولت، إلي أن وصلنا اليوم إلي إقامة شبكة قومية موازية علي الضفة الشرقية لنهر النيل جهد 500 كيلوفولت، وشبكة أخرى في الساحل الشمالي لمصر بنفس الجهد، مضيفة أن حجم الشبكات التي تم إضافتها تعادل 4 أضعاف الجهد في الماضي.
وأكدت رئيس لجنة المهندسات وعضو المجلس الأعلي لنقابة المهندسين المصرية، أن قطاع الكهرباء في مصر أحدث نقلة نوعية من حيث استقرار الشبكة القومية لنقل الكهرباء؛ وإتاحتها.. وإلي نص الحوار:
كيف استعدت كهرباء مصر للربط مع الشبكة الأوروبية؟
في بداية العام 2020 انضمت شبكة كهرباء مصر كعضو عامل في منظمة ناقلي شبكات الكهرباء لدول حوض البحر الأبيض المتوسط Med-Tso، تضم 28 دولة عربية وأوروبية، وتختص الـ Med-Tso بإعداد الدراسات الخاصة بمشروعات الربط الكهربائي الدولي بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتعمل علي تقديمها للاتحاد الأوروبي للعرض من أجل توفير التمويل اللازم لإقامتها، شرط أن يكون لهذه المشروعات جدوي اقتصادية.
وتعد منظمة الـ Med-Tso هي الذراع الفني للاتحاد الأوروبي في مشروعات الربط الكهربائي الدولي في منطقة البحر المتوسط.
ما الامتيازات التي حصلت عليها الشبكة المصرية من عضوية الـ Med-Tso؟
بداية؛ عدم عضويتها في المنظمة خسارة كبيرة، خاصة وأن عين الدولة المصرية علي الربط الكهربائي مع الشبكة الأوروبية، بالإضافة إلي كم الامتيازات التي حصل عليه قطاع الكهرباء بعد العضوية، منها الخبرة الدولية في مشروعات الربط الكهربائي من خلال الإطلاع علي تجارب الدول الأوربية السابقة، والدراسات الحالية، ومدى التأثير الإيجابي والسلبي لمشروعات الربط في المنطقة علي مصالح الدولة المصرية السياسية والاقتصادية.
ما الدور الذي يقوم به قطاع الكهرباء المصري في الـ Med-Tso؟
منذ حصول قطاع الكهرباء المصري علي عضوية المنظمة، ونحن أن لم نكن أعضاء في جميع اللجان؛ فنحن رؤساء لها، وفي العام 2021 حصلت علي منصب نائب رئيس مجلس إدارة منظمة ناقلي شبكات الكهرباء لدول حوض البحر الأبيض المتوسط Med-Tso، عن منطقة شمال إفريقيا، وهذا نتيجة ما تم بذله من جهد، أدى إلي رفع مستوى الثقة في الكوارد المصرية، مما عزز تواجدنا في المنظمة بشكل سريع وكبير، عبر استقطاب المزيد من شباب المهندسين والفنيين المصرية من الشركة المصرية لنقل الكهرباء، للمشاركة في لجان الدراسات الفنية لمشروعات الربط الكهربائي الدولي داخل المنظمة لمنطقة حوض البحر المتوسط.
وهذه من الامتيازات التي حصل عليها قطاع كهرباء مصر، وتعد من الإجراءات المساهمة بشكل كبير في جاهزية شبكة كهرباء مصر للربط الكهربائي مع أوروبا، بعرض قدراتنا وجاهزيتنا، وجودة وكفاءة الشبكة، مما ساهم في توفير التمويل اللازم لمشروع الربط الكهربائي الدولي بين مصر وقبرص واليونان، وهو بمثابة نقطة الإنطلاقة لربط شبكة كهرباء مصر مع الشبكة الأوروبية.
ما ملامح الخطة التي التزم بها قطاع الكهرباء من أجل الربط مع أوروبا؟
كان لدينا خطة للعام 2021 تتعلق بتوقعات الأحمال الزائدة علي الشبكة القومية، وأن تصل إلي أقصي حمل 33 ألف ميجاوات، وتم الإعداد إلي بلوغ هذا الحمل دون أي تخفيف للأحمال، وبناء علي تم عمل الدراسات اللازمة لنقاط الضعف بالشبكة والعمل عليها، من أجل اغطية هذه التوقع لزيادة الأحمال، علر رغم أن الفترة الزمنية التي يتحقق خلالها بلوغ الشبكة للحمل الأقصي قد لاتستغرق 10 دقائق، وتعرف بـ "اللقطة".
ولكن التخطيط للشبكات الكهربائية، يتم علي أساس أسوـ تقدير، أي كما لو كان إجمالي قدرات الشبكة الكهربائية مستمرين في الاستهلاك، وهذه العملية تتم بشكل دوري سنويًا، لدراسة معدلات التوقع لزيادة الأحمال للعام المقبل، ومع الأخذ في الأعتبار عوامل أخري في هذه الدراسة، منها استراتيجية التنمية التي تعمل عليها الدولة، وإمدادات القدرات الكهربائية لقطاعات الدولة، ومشروعات الطرق، والمصانع، ومواجهة الكوارث الطبيعية مثل فيروس كوفيد19.
وفي العام 2021 بعد التعافي الاقتصادي التدريجي من جائحة كوفيد19، كان الدراسات المتوقعة لأحمال الشبكة الكهربائية في مصر 33 ألف ميجاوات، ولما بلغ الحمل الأقصي 32 ألف ميجاوات فقط، كان تقدير عادي جدًا لآنه أقل من المتوقع، وهذا نتيجة جاهزية الشبكة القومية لنقل الكهرباء لاستقبال أقصي حمل.
إلي أي مدى كانت شبكة كهرباء مصر تعاني عدم الاستقرار والإتاحية؟
في الماضي كي يتم عمل الصيانة لأحد الوحدات أو لأحدي خطوط الجهد، كان لابد من إجراء التنسيق المسبق مع مركز التحكم قبل ذلك بشهر تقريبًا عن موعد الصيانة، وذلك لصعوبة وعدم استطاعاتنا علي فصل أحد الخطوط عن الشبكة، أو إخراجه عن الخدمة، لدرجة أنه لم يكون في استطاعتنا مجرد الخروج بوحدة فقط؛ عن الخدمة.
واليوم؛ أصبحت الشبكة القومية لنقل كهرباء مصر تمتلك فائض في توليد القدرات الكهربائية؛ وخطوط جهد عملاقة بديلة لأي خط يخرج من الشبكة.
وهناك فارق بين ما يعرف بالاستقرار في شبكات الكهرباء يعرف "الاعتمادية والإتاحية"، وهما وحدة قياس كفاءة وجودة الشبكة الكهربائية، والاعتمادية: هي مدى استقرار الشبكة الكهربائية في التغذية بأي كيفية، بالإضافة إلي قياس الإتاحية: وهي قدرة الشبكة علي الوصول إلي أبعد نقطة تحتاج إلي التغذية الكهربائية.
بالإضافة إلي ما يعرف بالكود المصري لنقل الكهرباء عند N-1 : ويعني أنه عند فقد أي عنصر من العناصر الشبكة تكون الشبكة مستقرة –وهذا يعني أن الشبكة تعمل بكفاءة وجودة واستقرار رغم فقدان أحد عناصرها-
وتابعت: والآن؛ بعد إنشاء الشبكة الموازية الجديدة للشبكة القومية لنقل كهرباء مصر، تحولنا إلي العمل بكود مصري جديد لنقل الكهرباء وهو ( N-2) بدلًا من (N1-)، وهذا الكود يعني:ماذا لو فقدت عنصران من الشبكة الكهربائية؟ وما مدي استقرار الشبكة حين ذلك؟.
ما القيمة المضافة للشبكة القومية لكهرباء مصر بعد العمل بالكود الجديد( N-2)؟
فعليًا؛ هو تأكيد انتقال الشبكة القومية لنقل الكهرباء في مصر؛ نقلة نوعية، تتمثل في التحرك من مرحلة إتاحة الخدمة الكهربائية المقدمة؛ إلي جودة هذه الخدمة عند تقديمها، وأيضًا؛ جاهزية شبكة كهرباء مصر للربط الكهربائي الدولي مع شبكة كهرباء أوروبا.
ما شروط ومعايير جاهزية الشبكة المصرية للربط مع أوروبا؟
الربط الكهربائي مع شبكة كهرباء أوروبا، تطلب إجراءات محددة المعايير، أهمها؛ مدى الاعتمادية للشبكة، وفعليًا شبكة كهرباء مصر أصبح لديها فائض قدرات، وإمكانية إضافة قدرات من الطاقات المتجددة، خاصة وأن أوروبا تستهدف تعظيم الاستفادة من القدرات الكهرباءة المنتجة من الطاقات المتجددة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفقًا لإتفاقة المناخ في باريس 2015، وذلك سوا داخل القارة الأوربية، أو خارجها بشراء الشهادات الخضراء، ومصر أصبحت بلد جاذبة لذلك.
ماذا عن دور الهيدروجين الأخضر في تعزيز اعتمادية شبكة كهرباء مصر؟
يعتمد مشروع استخدام طاقة الهيدروجين الأخضر في توليد الطاقة الكهربائية علي استخدام الطاقة المتجددة، ويعد إضافة الطاقات المتجددة إلي الشبكة القومية لنقل الكهرباء خطر يصعب مواجهته في حال ضعف الشبكة القومية في مصر، وهذا يتطلب حسابات معقدة عند إضافة القدرات المولدة من الطاقة المتجددة للشبكة.
وحول مواجهة خطورة إضافة الطاقات المتجددة للشبكة القومية، عملت مصر علي إعداد دراسات مستفيضة مع مكاتب استشارية عالمية، من أجل سيناريوهات المستقبل والإجابة عن سؤال بعنوان" ماذا يحدث؟" عند وصول المستهدف بإضافة 45% قدرات مولدة من الطاقة المتجددة من إجمالي قدرات الشبكة القومية لكهرباء مصر بحلول عام 2035.
لذلك؛ يجب أن نكون علي استعداد لمواجهة بلوغ هذه النسبة، لآن مرحلة امان الشبكة عند إضافة قدرات الطاقات المتجددة تكون عند نسبة 15% من اجمالي القدرات بالشبكة، وتبدأ الخطورة عند بلوغ 20% قدرات من الطاقات المتجددة، وعليه كان لابد أن نسبق هذا التحدي بخطوة علي الأقل، ونبدأ في الاستفادة من التجارب العالمية والمشكلات التي واجهت الشبكات العالمية بسبب عدم دراسة سيناريوهات المستقبل.
ودون تحيز إلي القطاع الذي أعمل به، أن قطاع الكهرباء في مصر يكاد يكون القطاع الوحيد الذي يمتلك خطط خمسية مسبقة، مكنت الكهرباء من تنفيذ الشبكات التي تحتاج إليها بحلول 2025 و 2035، وهذا الإعداد كان يحدث في الماضي من أجل تدبير التمويلات اللازمة فقط؛ واليوم يحدث ليواكب الإنطلاقة السريعة للتتنمية التي تقوم بها الدولة المصرية، ونحقق المستهدف العام للدولة وهو الربط مع الشبكة الأوروبية.
ما موقف مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار في أفريقيا وآسيا؟
الآن؛ ترتبط شبكة كهرباء مصر مع كل من الأردن وليبيا والسودان، وجاري إمداد الأشقاء الثلاث بكل احتياجاتهم من القدرات وفقًا لجاهزية الشبكة الكهربائية لديهم.
علي سبيل المثال، نستطيع أن نصل إلي إمداد الأردن بـ 450 ميجاوات علي مدار 24 ساعة، ولكن ما يتم إمداد وفقًا للطلب الأردني لا يتعدي الـ 200 ميجاوات، وهناك لجان فنية تدرس رفع القدرات في الربط المصري الأردني، وذلك لأهداف منها، مد القدرات الكهربائية للأردن والعراق، بعد إنتهاء الربط الجاري بين الأردن والعراق، وأيضًا وفقًا لاتفاقية الربط المصري مع دول التعاون الخليجي.
وسابقًا كان الربط الأردني يرتبط مع سوريا ولبنان، وحاليًا بسبب الأوضاع السياسية هناك، توقف، ومن المتوقع أن يتم إعادة الإمداد من القاهرة إلي سوريا ولبنان عبر الربط مع الأردن.
ونستطيع أن نمد الأشقاء في ليبيا قدرات تصل إلي 250 ميجاوات، وذلك بناء علي ما تم تنفيذه من خط جهد 220 كيلوفولت الساحل الشمالي وقدراته تصل 500 كيلوفولت، يمتد من برج العرب حتي مرسي مطروح، وتم إنشاء هذا الخط بناء علي دراسة توقعات معدلات الطلب الليبي علي الطاقة الكهربائية، وبالتالي زيادة الطلب علي رفع قدرات الإمداد من القاهرة إلي طرابلس عبرالربط الكهربائي، وبناء عليه نحن الآن نستطيع أن نمد الاشقاء في ليبيا بقدرات تصل إلي 4000 ميجاوات .
وفيما يتعلق بالربط الكهربائي بين القاهرة والخرطوم، فهناك مشروع ربط يمد السودان بنحو 80 ميجاوات، وجاري تنفيذ إجراءات رفع السعة للقدرات إلي 300 ميجاوات.
أما عن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية، تم توقيع عقود المشروعات خلال العام الجاري، والانتهاء من كل حزم المشروع في الجانبان، لإنطلاق تبادل القدرات بنحو 3000 ميجاوات.
