رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبطال أكتوبر يروون ذكريات نصر 73: تضاعفت قوتنا بـ«الله أكبر» (صور)

انتصار اكتوبر
انتصار اكتوبر

آلاف القصص ما زالت تروي من أبطال حرب أكتوبر، ذكريات ومواقف لا تنسى، مشاعر مختلطة بكاء وفرحة وانتصار ترتسم على وجوه أبطال الحرب، وشعور بالفخر لما قدموه، ومازال يروونه للأجيال لكي يتعرفوا كيف كان لهذا اليوم العظيم وهذا الجيش القوي دور كبير في عودة العزة والكرامة.

سامي الحمامصي: اكتسبنا قوة مضاعفة بكلمة الله أكبر

يروي سامى عبدالفتاح الحمامصى، ذكرياته مع سنوات تجنيده بالجيش المصري، ومشاركته في حرب أكتوبر، حيث يقول إنه التحق بالجيش عريف مجند بسلاح المهندسين، بكتيبة ٦٧ برمائية، وكانت نقطة القتال الذي يتواجد بها بمعبر ٤٨ منطقة الرياح بالقنطرة.

تابع الحمامصى "عندما ألتحق بالجيش في 69، كان العدو حينها يضرب في كل مكان وبدأ في سلاح المدرعات وبعد التدريب به تم تدريبه مرة أخرى في لواء إمداد بطريق السويس، الفرقة 218 لتعويض نقص الجنود على الجبهة، ثم بعد انتهاء التدريب عاد مرة أخرى للمدرعات والتحق بفرقة ميكانيكا على المدرعات وتم اختياره مع أحد زملائه في فرقة الدعم والنقل الكلي بسلاح المهندسين الخاص، واستمر في سلاح المهندسين حتى الخروج من الجيش في سبتمبر 1947.

أشار إلى أنه مكث في الجيش 5 سنوات: «كنا جميعا ندخل الجيش لا ننتظر العودة بل نحلم باسترداد الأرض»، لافتًا إلى أن سلاح المهندسين أحد الأسلحة المعاونة وكان في أحد كتائب البرمائية بالجيش الثاني، ويتم توزيعهم على المعابر حيث كانت فرقته مكونة من 16 مجندًا بخلاف القادة، وكانت مهمة الفرقة تركيب المعديات في المياه لعبور البرمائيات، لأن الكباري تأخد ساعات لكن المعديات يتم لحامها في المياه في غضون دقائق لعبور البرمائيات وتم التدريب لمدة طويلة وفي كل مرة نكون في شبه حرب.

أوضح أنه قبل الحرب بيوم تحركوا للتوزيع على الأماكن الخاصة بهم، وكانت هناك سرية تامة، ولم يكن احد يعرف انها الحرب، إلا بالإحساس من ذوي الخبرة، ووصلنا إلى الأماكن المخصصة لنا والخنادق الموجودة لوضع المعدات وتم تغطيتها بالشباك، وفي الصباح كان اليوم طبيعي جدا، ووقفنا ننظر إلى العدو وكان بيننا وبين المياه 2كيلو فقط، وفي الساعة 12 ظهرا اجتمع بنا القائد تم ابلاغنا بالحرب وخلال ساعتين كنا قد سلمنا الأمر لله وبدأت الحرب المجيدة.

سامي الحمامصي

وتابع كل ما تخيلنا انه صعب ومستحيل تحول إلى العكس تماما بكلمة الله أكبر التي كانت تهز الارض، وكان هذا اليوم بمثابة فرح لنا، كنا مثل شخص اكتسب قوة مفاجاة ومضاعفة ليضرب شارع بأكمله بمفرده، وكانت جميع الأسلحة مجهزة على اعلى مستوى».

الناس كانت بتسألنا عملتوا إيه عشان تنتصروا

وروي أن أسرته تم وصول نبأ خاطئ لها بأنه قد توفى في الحرب، وبعد نزوله اجازة بعد شهر ونصف، كانت 24ساعة فقط، لم يكن يتوقعوا اني مازلت على قيد الحياة، بل كانوا منتظرين تأكيد الخبر، لافتًا انه شارك في الحرب 3 من الأسرة مشاركين في الحرب، هو وشقيقه وزوج شقيقته، وعند عودته استقبل حينها بفرحة كبيرة من الناس والجيران والأهل، وكان الكل له سؤال واحد: «عملتوا إيه عشان تنتصروا».

أكد أن لحظة رفع العلم المصري على أرض سيناء كانت فرحة لا توصف:«شعور أن بيتنا ألي كان العدو واخدوا مننا رجع لنا تاني»، مؤكدًا أن سيناء بالنسبة له هى حياة وروح، وأنه يتملكه شعور الحزن عندما يمسها أحد، فهي الارض التي اعدناها بالدم والروح، مطالبًا الاجيال القادمة ان تتفهم ما حدث في الحرب والنصر، واننا لا ننتظر تكريم، بل ادينا واجبنا، ويجب ان يحافظ كل مصري على هذا النصر.

السيد البنا: المدفعية كانت من أساس الحرب

وقال السيد البنا إنه شارك في الحرب في سلاح المدفعية، وكان هذا السلاح والنقطة التي كانت مهمتهم تدميرها، أحد المهام الصعبة، لكن الإرادة وقوة الجيش المصري كانت أقوى.

السيد البنا

أوضح البنا أنه من مدينة إدكو، والتحق بالجيش في سبتمبر 1972 بسلاح المدرعات، وهو في سن 21 عامًا متابعًا أنه عقب التحاقه تم مد الجيش بأسلحة حديثة امريكية من ليبيا وتم دراسة المعدات، وتم تدريبنا عليها وتفوقنا على الخبراء الليبين الدارسين بإيطاليا، حيث انتقل حينها من المدرعات إلى المدفعية، وعمل على المدفعية الثقيلة، وكانت من اثقل أنواع المدفعية الموجودة بالجيش المصري، حيث يتم تثبيتها على مدرعات في الارض، بسبب رد الفعل القوي للطلقات.

وتابع أن المدفعية كانت من أساس الحرب، لأنه تحت ستار ضرب المدفعية تم نصب الكباري وتركيب ماكينات ضخ المياه لتفتيت الساتر الترابي، وعبور قوات المشاه، مؤكدا انهم لم يكونوا يعرفوا حتى يوم الحرب موعد الحرب، حيث كان هناك خداع استراتيجي للعدو، ولا أي شيي يوضح اننا نستعد للحرب، حتى لم نكن نحن نعرف، لافتًا ان العدو كان ينظر لنا من الضفة بأن لن يكون لنا قومة مرة اخري، وكنا نبين لهم ذلك من خلال تواجدنا في مواقعنا بدون زي الجيش وملابس القتال، وكنا نلعب كرة القدم والطائرة، وهو مظهر لايدل على الاستعداد للحرب لكن جميع  المدافع كانت مستعدة ومسددة على نقاط هامة في سيناء.

سامي الحمامصي

أشار إلى أنهم كانوا مكلفين بضرب نقطة الدفرسوار القوية بالقطاع الأوسط، وكان الاعتماد في تحديد الاهداف على الاستطلاع الذي يتواجد في نقاط مرتفعة يكشف الضفة من خلف الساتر، حيث كان ضرب المدفعية غير مباشر وكان الاستطلاع يصحح لنا من خلال هتاف الله اكبر وهو دليل أن الهدف أصيب.

وواصل حديثه أنه في 6 أكتوبر، استيقظنا جميعا لنرتدي ملابس القتال دون أوامر، وكنا نشعر بأن الوقت قد حان، وبعد ذلك جاءت الأوامر بالاستعداد ومع صوت الطيران سمعنا الله أكبر، وأصبحت سيناء باللون الأسود والأحمر وبعد رجوع الطيران بدأ دور المدفعية حيث انطلق 2000 مدفع في وقت واحد بالضرب بداخل سيناء.

سامي الحمامصي

وتابع: «كنا بنحلم باليوم ده، وأول طلقة كتبنا عليها طارق بن زياد تيمنًا بفتح الاندلس، وكانت الطلقة ارتفاعها نصف متر، وقطرها 155مم مدفعية ثقيلة، واثناء ضرب المدفعية تم عمل الكباري وعبرت الزوارق والمشاه الذين كانوا يتسلقون الساتر الترابي والذي زاوية ميله 45 درجة وكان صعب ولكن كان الجنود تتسارع للوصول لأعلى خط برليف، بجانب عمل مضخات المياه وفعل الثغرات به وعبرت المعدات الثقيلة إلى قناة السويس ودخلنا سيناء وأول خطوة  لي في سيناء سجدت على وقبلت الأرض.

أشار إلى أن الحرب بداخل سيناء ظلت مستمرة، وكان العدو يهاجمنا بكل أنواع الأسلحة، وكانت تلك المنطقة هي بؤرة معارك الجيش الثاني وكان بالفرقة 16 كتيبة رقم 826 مدفعية ذاتية الحركة عيار 155مم، وهي اقوى وأحدث مدفعية على الجبهة المصرية وكانت الدقة متناهية، وكان مدرب الكتيبة العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة، ويشرف عليها المقدم محمد عفت السادات.

سامي الحمامصي

أوضح أنه أصيب من الطيران الإسرائيلي يوم 17 أكتوبر من خلال إلقاء القنابل العنقودية، وهي قنابل موقوتة، يلقيها الجيش الإسرائيلي على المقاتلين المصريين، لعمل حالة من الفوضي بين أفراد الجيش، والعودة للضفة الاخري، لكن لم يرجع جندي واحد، كما أن حينها كانت قد تم فك الكباري، وأصيب من خلال انفجار احد القنابل في الساق الايمن والايسر وتم نقله إلي المستشفي، ووصل الخبر لاسرته انه تم شطر النصف الاسفل من جسده، لافتًا انه ترك المستشفى وتحرك بالجبش الذي كان يغطي نصف جسده وعلى عكازين توجه إلى منزله ليطمئن اسرته وحينها استقبلته والدته قائلة انها لن تبكي لانها ام البطل، مسيرًا إلى ان يوم زيارته لمنزله أغلق الشارع من الناحيتين بسبب كثرة عدد  الناس والجيران التي جاءت لتهنئتي.


ياسين جابر: لم نخش الموت يوماً

قال ياسين جابر، 71 عامًا من الإسكندرية إنه ظل في الجيش 5 سنوات حيث التحق للتجنيد في عام 1970، وهو في سن العشرون وخرج في 1975، وكان في فرقة عبور البرمائيات، مؤكدًا أنه كان مؤمن بأن الحرب قادمة رغم تواجده من قبلها بثلاث سنوات، وحينما جاءت اللحظة وفي الساعة الثانية ظهرا بدأ الانطلاق بعد فتح المهندسين الثغرة في الجانب الثاني كنا في الجهة الشرقية الساعة الرابعة عصرا.

سامي الحمامصي

أوضح أنه أثناء الحرب وقبلها وبعدها واجهتهم اهوال كثيرة، ومنها رؤية القتلى والجرحى من زملائهم، فكان هناك روح مختلفة فمن يصاب كان لا يريد دخول المستشفى، ليستكمل المهمة، وهو ما رآه من احد اصدقائه رغم اصابته بشظايا كان لا يريد ركوب سيارة الاسعاف او يتوجه للمستشفى.

وأكد أنهم جميعا كانوا لا يخشون الموت، بل يريدون رؤية فرحة الانتصار فقط ورجوع الأرض، مؤكدًا انهم عشية يوم الحرب خرجنا لرؤية المعبر وتم اخبارنا انه إذا بدأت الحرب هذا هو المعبر الخاص بنا، وكانت العساكر الاسرئيلية أمامنا تنظر لنا ولم يكن احد يعرف ان وقت المعركة قد حان، وفي صباح اليوم التالي اجتمع بنا القائد واخبرنا بالاستعداد، وبدأنا في تجهيز معداتنا وملابسنا وكان القرآن هو الونيس والمطمئن لنا في تلك اللحظات.

واستكمل باكيًا، أنه لا يستطيع تمالك نفسه عند الحديث او سرد قصة انتصار حرب اكتوبر، والسنوات التي قضاها محملًا بالأمل في عودة الارض رغم سنه الصغير، والفرحة التي رآها في وجوه الجميع عند عودته والفخر الذي كان يشعر به من جميع من حوله.

السيد البنا
السيد البنا