رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكونكر».. لعبة القمار الإلكتروني التي حولت الأطفال إلى لصوص

لعبة الكونكر
لعبة الكونكر

أحدثت واحدة من الألعاب الإلكترونية التي انتشرت بين الأطفال في الفترة الأخيرة ضجة واسعة وذلك بعد أن خرج الأزهر الشريف ليعلن تحريمها باعتبارها نوعًا من أنواع القمار، هي لعبة "الكونكر" والتي عرفت باسم لعبة القمار الإلكتروني حيث يستقطب موزعيها بمحافظات مصر الأطفال المراهقين بداية من سن العشر سنوات لإيهامهم بفكرة الثراء السريع، وذلك نظرًا لرغبتهم فى المجازفة، لتصبح "الكونكر" هواية الكثير من الأطفال والتى بها يستنزفون أموال آبائهم لتصب فى مصلحة أصحاب السايبرات وموزعي سيرفرات اللعبة الذين يعملون في الخفاء لتسهيل تبادل الأموال بينهما.

حكم لعبة كونكر 

واعتبر مركز الأزهر العالمي للفتوى أن اللعبة تفتقد الضوابط التي حث عليها الدين الإسلامى فهي تحوى مخالفة صريحة لشرع الله، وهى القمار إذ يلعب فيها أكثر من شخص على رصيدًا وهميًا من النقود على شكل نقاط.

تواصلت "الدستور" مع بعض الأهالي الذين وقعوا أبنائهم ضحايا لهذه اللعبة دون أن يدروا.

ضحايا لعبة كونكر

أحمد سمير والد الطفل حسن 15عامًا يوضح أن من يدرك خطورة هذه اللعبة يدرك تمامًا أنها لا تقل أبدًا في قسوتها عن المخدرات، وما تجلبه لمدمنها من دمار.

يتابع بقوله أن لعبة "الكونكر" حولت ابنه إلى لص يسرق أي شئ أمامه من أجل الحصول على المال، وذلك بعد أن كان دمث الخلق حسن التربية، مشيرًا إلى أنه في البداية لاحظ التغيير بسلوك ابنه، وظن أنه اجتمع برفاق السوء وأدمن أيًا من المخدرات إلا أنه مع البحث وراؤه، اكتشف أنه مدمن للعبة تدعي "الكونكر" وهي لعبة تعتمد فى محتواها على المقامرة، واكتشفها من خلال أحد أصدقاء السوء الذي اتفق مع أحد أصحاب "السايبرات" ليأتي إليه بزبائن يغويهم باللعبة مقابل حصوله من أصحاب السايبر على نسبة من الأموال.

 كذلك وصف خالد احمد احد شباب منطقة المناوات بمحافظة الجيزة أنه أقنعه بعض الأصدقاء بأن لعبة "الكونكر" هى أسهل طريق للحصول على المال دون تعب أو شقاء حتى أصبح يعمل ويدفع كل راتبه فيها ودفع حصيلة 4 أعوام من العمل بمجال المقاولات حتى وصلت خسارته إلى أكثر من ٥٠ ألف جنيه، إلا أنه ما زال متردد في ترك ممارسة هذه اللعبة على أمل الفوز واسترداد أمواله، مؤكدا أنه يشعر بخيبة الأمل ولم يعد يحتمل خسارته حتى أصيب بحالة نفسية يصعب علاجها.

أما محمد أمين فأوضح لـ"الدستور"أن شقيقه رسب هذا العام رغم أنه كان متفوقًا دراسيا وكان الأول على مدرسته فى الشهادة الابتدائية، وذلك بسبب لعبة "الكونكر" فقد أصبح يقضي معظم أوقاته داخل "سايبر" قريب من منزلهم ويعود في ساعات متأخرة من الليل، بالإضافة الى اتجاهه للاستدانة من بعض زملاؤه بحجج واهية، ليتطور الأمر إلى قيامه بسرقة مبلغ كبير من أموال والده، لتكتشف الأسرة ذلك الأمر، ويمرض الوالد بأزمة قلبية بعد سماعه أن ابنه أصبح لصًا. 

وأضاف محمد أن هناك الكثير من الأهالى لا يعلمون عن أبنائهم شيئا نتيجة غياب الدور الرقابى للأبوين على سلوكيات أبنائهم، وأنه أكتشف أن هناك المئات من المراهقين بل والأطفال الذين لا يتعدى عمرهم العشرة أعوام وقعوا ضحية للعبة الكونكر، وحينما حاول أن يحذر أصدقاءه منها على صفحته الشخصية على الفيس بوك انهالت عليه التعليقات بأن هذه اللعبة موجودة منذ أكثر من عشرة أعوام والغريب أن الآباء والأمهات لا يعلمون عنها شيئا وهناك فتيات كثيرات هن الأخريات وقعن فريسة لها، بجانب وجود العديد من الجروبات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يتابعها الملايين من محبي اللعبة !.

أما الطالب مهند سمير فيقول عن "الكونكر" أنها تختلف عن مثيلاتها من ألعاب القمار الإلكتروني مشيرًا إلى أنها بدأت كلعبة حظ عادية، وكان جمهورها من الشباب والأطفال الذين اعتادوا عليها.

وتابع أنه اختلف الأمر بعد تحديث السيرفر الخاص بها لتصبح لعبة قمار يضطر فيها اللاعبون خاصة ممن أدمنوا عليها واعتادوا عليها لسنوات طويلة أن يرضخوا لقواعدها الجديدة والمحاولة بمبالغ كبيرة يوميا لإرضاء غرورهم. 

‏وأضاف أن ما يزيد خطورة هذه اللعبة أن هناك العديد من الأطفال الذين لا يتعدى عمرهم العشرة أعوام يدمنونها، وروى أنه فى العام الماضي شهد أحد السايبرات بمدينة العبور واقعة غريبة لطفل عمرة ١١عاما دخل للعب "الكونكر" ليتوفى إثر أزمة قلبية نتيجة خسارته مبلغ ٨٠٠ جنيه داخل اللعبة ولفظ أنفاسه الأخيرة أمام شاشة الكمبيوتر وسجلت الكاميرات هذا الحادث المؤسف.

وعن قواعد اللعبة قال مهند إنها تشترط وجود 5 أفراد لكى تبدأ وتكون بينهم منافسة شرسة تخلق بينهم عداوة تنتهى بمناوشات وأحيانا القتل، موضحًا أنه شاهد بنفسه بعض المشاجرات بالأسلحة النارية بين شباب داخل منطقته بسبب لعبة كونكر بحكم أنه كان من مرتادى اللعبة فى فترة من الفترات ولكن استطاع بإرادته أن يمتنع عنها.

ومن جانبه، أكد النائب أحمد بدوى رئيس لجنة الاتصالات بالبرلمان في تصريح له أن اللجنة رصدت مخاطر العديد من الألعاب الإلكترونية خاصة التى تحتوى على العنف لمنعها وذلك مثلما حدث من قبل مع لعبة الحوت الأزرق التى تم إلغاؤها تمامًا داخل مصر وذلك من أجل حماية الأطفال والشباب من خطورتها، مؤكداً أنه ستتم مراجعة لعبة "كونكر" الفترة القادمة والتى سبق وأن حذر الأهالى منها وأوصى بضرورة متابعة سلوكيات أولادهم لحمايتهم من عواقب الألعاب الإلكترونية، وكل ما يؤثر على حياتهم بالسلب، ووعد بأنه سيتم منع التطبيق فى مصر إذا ثبت تهديدها للأمن العام، بالمتابعة مع الجهاز القومى للاتصالات والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات .

وعن رأي الدين في لعبة "الكونكر" فأكد الشيخ ربيع جمعة أمام مسجد الرحمن بمحافظة بنها أن كافة الألعاب التى يدخل فيها المال سواء كانت إلكترونية أو مادية والتي يوجد بها احتمالية للمكسب أو للخسارة فهى تعد حرام شرعاً، لأنها مضيعة للوقت والمال كما تعتبر من الكبائر التى حرمها الله تعالى وذكر قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).