رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا يحدث في بريطانيا بعد بريكست؟

أزمة نقص الوقود
أزمة نقص الوقود

تواجه بريطانيا مشكلات وأزمات متتالية نتيجة تضافر تداعيات انفصالها عن الاتحاد الأوروبي مع جائحة كورونا، ما أدى إلى سيل من الصدمات ضربت قطاعات العمل والطاقة والغذاء في المملكة المتحدة، حيث تكافح صناعة الأغذية بالفعل للحفاظ على الأرفف وقوائم الطعام مخزنة بسبب نقص العمالة، علاوة على تفاقم أزمة الوقود في ظل تزايد إغلاق محطات وقود السيارات نتيجة عدم وصول إمدادات الوقود إليها، بسبب نقص في عدد سائقي الشاحنات الناقلة لها، ما تسبب بعرقلة عمليات تسليم المواد الغذائية والبضائع والسلع الاخرى، إضافة لأزمات أخرى منها ارتفاع أسعار الطاقة.


واضطرت بعض محطات الوقود إلى إغلاق أبوابها في الأيام الأخيرة لعدم وجود عدد كاف من السائقين المؤهلين لتوزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد، كما وردت العديد من التقارير عن أرفف السوبر ماركت والمحال الفارغة بسبب مشاكل الإمداد، ما دفع مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الإعلان عن أن الحكومة "تدرس تدابير مؤقتة لتجنّب أي مشكلات فورية"، مع امتداد طوابير السيارات المنتظرة أمام محطّات الوقود وخصوصًا في جنوب شرق إنجلترا. 


- أزمة نقص العمالة وسائقي الشاحنات


أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الأحد، أنها ستمنح ما يصل إلى 10 آلاف تأشيرة عمل مؤقتة سعيًا منها للاستجابة لنقص اليد العاملة، ولتخفيف النقص في عدد سائقي الشاحنات، الذي يقدر بـ100 ألف سائق، وجذب مزيد من سائقي الحافلات الأجانب، في تحول غير متوقعً في سياسة الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ووفقا لما أفاد به موقع "يورونيوز" الأوروبي، تتّجه لندن لتخفيف شروط منح التأشيرات بصورة مؤقتة لمواجهة نقص عدد سائقي الشاحنات، والذي تسبّب بنقص في إمدادات الوقود وأدى إلى تشكل طوابير كبيرة أمام المحطات في الأيام الأخيرة، لا سيما بعد تجاهل المواطنون دعوات الحكومة لهم بعدم التهافت على شراء البنزين بعد أن أغلقت بعض المحطات أبوابها بسبب نقص الإمدادات.

وبحسب الموقع، ستتصدر السلطات ما يصل إلى 5000 تأشيرة مؤقتة بموجب برنامج قصير الأمد في صناعة النقل، و 5500 تأشيرة أخرى لعمال الدواجن "لتجنب أي ضغوط أخرى محتملة على صناعة المواد الغذائية خلال هذه الفترة الاستثنائية.

من شأن هذه التأشيرات، ومدتها 3 أشهر (من أكتوبر إلى ديسمبر)، أن تعوض النقص الصارخ في عدد السائقين والعمال، إلى جانب تعويض النقص في القطاعات الرئيسية في الاقتصاد البريطاني مثل تربية الدواجن.


وأضافت "يورنيوز" أن الحكومة البريطانية ستقوم ايضا بالافراج عن ملايين الجنيهات لتدريب 4 آلاف سائق شاحنة من خلال إقامة مراكز تدريب لزيادة سرعة العملية، حيث ستخصص 10 ملايين جنيه إسترليني (11.7 مليون يورو) لتدريب 3000 شخص خلال دورات "مجانية ، قصيرة ، مكثفة"، إلى جانب تدريب الألف شخص الآخرين في دورات محلية تمولها ميزانية الحكومة لتعليم الكبار.


ونقل الموقع عن رئيس اتحاد الصناعة البريطانية ، توني دانكر ، قوله إن نقص السائقين كان جزئيًا من "مخلفات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، مضيفا "كان لدينا العديد من السائقين الذين عادوا إلى ديارهم وأعتقد أن هذا هو السؤال الأكبر بشأن نظام الهجرة ، وهو سؤال معقد".


- سياسية بريطانية تلقي باللوم على "بريكست" في تفاقم أزمة الغذاء ونقص البضائع


ألقت ديان أبوت السياسية البارزة ووزيرة داخلية حكومة الظل العمالية، باللوم على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، في تفاقم الأزمات التي تعاني منها المملكة وأبرزها أزمتي الغذاء والوقود، حيث أدى تهافت المواطنون على الشراء بدافع الذعر إلى نقص خطير في البنزين في جميع أنحاء البلاد.

ووفقا لصحيفة "اكسبرس" البريطانية، كانت هناك طوابير طويلة في المحطات الأمامية لمحطات الوقود في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ويشعر سائقي السيارات بالذعر لشراء البنزين على الرغم من مناشدات الوزراء والشرطة الذين حثوهم على أن يكونوا "عاقلين" وألا يتسببوا في تفاقم الوضع.

وفي هذا السياق، كتبت " أبوت"، عضو البرلمان العمالي عن Hackney North و Stoke Newington تغريدة عبر حسابها على "تويتر" تقول: "ليس هناك شك في أن سبب نقص الغذاء والبنزين الحالي هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي."

وأضافت: "أنصار البريكست يرفضون الاعتراف بذلك، لكن لا أحد يستطيع أن يقول إننا لم نحذر"، مشيرة إلى أن الأزمة ستزداد سوءًا قبل أن تتحسن.

وتواجه بريطانيا أزمة في سائقي الشاحنات جعلت منافذ بيع التجزئة ومحلات السوبر ماركت تحذر من نقص بعض أنواع الأغذية واختفائها من على أرفف المحلات، كما أن أزمة الغاز الطبيعي والكهرباء أدت إلى أزمة في الأغذية المجمدة مع تعطل التبريد، حسبما أكدت الصحيفة. 


جدير بالذكر أن مسحا لسائقي الشاحنات في بريطانيا في يوليو الماضي، شمل 615 سائقا، أشار إلى أن بريكست هو ثاني أهم سبب في أزمة النقص، أما السبب الأول فهو تقاعد السائقين كبار السن وعدم حلول جدد محلهم، فضلا عن عدم توافر سائقين من خارج بريطانيا بسبب تأخرهم في إجراء اختبارات فيروس كورونا، وكذلك اضطرار عدد منهم للدخول في الحجر بعد مخالطتهم مصابين بالوباء.


وكشفت صورا انتشرت مؤخرا مدى خطورة أزمة الوقود، حيث أظهرت العديد من مضخات الوقود المغلقة وأمامها طوابير سيارات اصطفت للتزود خوفا من نفاد البنزين، وهي مثال صادم على صعوبات الإمداد التي يعاني منها البريطانيون نتيجة وباء كوفيد-19 وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


- بريطانيا قد تستعين بالجيش لقيادة شاحنات الوقود في الأزمة


واستجابة لتلك الأزمات، أعلن وزير النقل البريطاني إنه من الممكن نشر الجيش ليلعب عناصره دور سائقي شاحنات بهدف المساعدة في معالجة أزمة الوقود المتفاقمة في بريطانيا، حيث أعلن جرانت شابس أن الحكومة تدرس استقدام الجنود لقيادة الشاحنات أو تدريب الآخرين في حال استمرار النقص الحاد في سائقي شاحنات البضائع الثقيلة (HGV) الذي يقوض عملية تزويد النفط، حسبما ذكرت صحيفة "اندبندنت" البريطانية. 


وفي هذا الإطار، اضطرت شركة النفط البريطانية العملاقة "بريتش بتروليوم" (BP) إلى تقنين تسليم النفط وإقفال بعض محطات التعبئة التابعة لها فيما أعلنت شركة "إيسو" Esso بأن عدداً صغيراً من المحطات التابعة لمتاجر "تيسكو" Tesco تأثرت أيضاً جراء النقص الحاصل.

فيما ذكرت صحيفة "التايمز" أن الحكومة قد تتجه إلى إعطاء الأمر بالبدء بخطة طوارئ تُعرف باسم Operation Escalin في حال تفاقم الوضع وأصبح أكثر سوءاً، في ظل محاولات الحكومة طمأنة السائقين وثنيهم عن الشعور بالهلع والتهافت على شراء الوقود، ووعدت "ببذل كافة الجهود الممكنة" لمواصلة الحصول على السلع بشكل طبيعي.

وبسؤال وزير النقل عبر إذاعة "أل بي سي" LBC عن احتمال تدخل الجيش في وقت قريب، أجاب أنه من الممكن نشر الجنود ليقوموا "بأمور مختلفة ومتنوعة تشمل مروحة واسعة بدءاً من المساعدة على إجراء الاختبارات إلى المساعدة على قيادة الشاحنات".

كما صرح الوزير لبرنامج "بي بي سي بريكفاست" BBC Breakfast قائلاً: "بالنظر إلى إمكانية اضطلاع الجيش بدور في هذه المسألة، أقول إنه بالطبع هنالك دور أساسي له وبإمكانه المساعدة و سنقوم بالاستعانة به".