رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإذاعى أحمد سعيد يروى كواليس بث محاكمة «إقطاعى المنيا»

الإذاعى أحمد سعيد
الإذاعى أحمد سعيد

كانت مصر أول دولة عربية تذيع محاكمة على الهواء، حكى تفاصيلها الإذاعى الكبير أحمد سعيد، الذى استدعاه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فجأة، ليناقش معه كيفية إذاعة هذه المحاكمة التى تتعلق بفلسفة ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وموقفها من الإقطاعيين.

بدأت القصة، التى رواها «سعيد» فى حوار مع جريدة «العربى»، عام ١٩٩٧، برفض عدلى لملوم، الذى وصف وقتها بأنه أحد أكبر الإقطاعيين فى المنيا، قانون الإصلاح الزراعى، فى سبتمبر ١٩٥٢، وإعلانه التمرد ومهاجمة قسم الشرطة.

حينما وصل الخبر إلى «سعيد»، عرضه على اللواء محمد كامل الرحمانى، مدير الإذاعة الذى عينته الثورة، فجرى استدعاؤه إلى مبنى مجلس قيادة الثورة بالجيزة، وفوجئ بأنه يقف أمام «عبدالناصر».. يقول عن تلك اللحظة: «كنا نعرف أن عبدالناصر هو الذى صنع التنظيم الذى قام بالثورة، وأن اللواء محمد نجيب هو الأب الروحى».

وأضاف: «بدأ عبدالناصر يناقشنى فى كيفية إذاعة المحاكمة على الهواء دون إحداث بلبلة، فقلت إنها مسئولية من ينقلون المحاكمة، وأوضحت إمكانية إيقاف البث وإعادته فى أى وقت.. كنت أريد أن تُذاع هذه المحاكمة بأى شكل، ليدرك الناس حقيقة الإقطاعيين، وأنهم يحاولون هدم الثورة».

سأله «عبدالناصر»: «هل هناك حلول أخرى غير البث المباشر؟»، فرد عليه «سعيد»: «يمكننا أن نسجل المحاكمة ونجرى للتسجيل عملية مونتاج ونختار المقاطع المهمة»، فأحب الرئيس هذا الاقتراح، فاستدرك الإذاعى الكبير وأعرب عن قلقه من أن التسجيل قد يجعل الأمر يفقد جزءًا كبيرًا من مصداقيته، موضحًا أن المحاكمة ستنعقد بعد ٤ أيام وأن هذا وقت كافٍ للتعاون مع المدعى العام والمحكمة بما يحقق الهدف، فرد الرئيس: «اعملوا اللى تعملوه المهم إن فكرة الثورة لا تهتز.. لأننا فى حرب». توجه «سعيد» إلى المحكمة فى المنيا، والتقى رئيس المحكمة وجلس مع المدعى العام وناقش معه الاتهام، وجرى عقد المحاكمة، وأُذيعت للناس بنجاح. ويشير «سعيد» إلى أنه كان قلقًا من أن تتسبب القرارات الاشتراكية فى أزمة فى الشارع المصرى، خاصة مع ظهور أقاويل حول معارضتها للدين، فتواصل مع مجموعة من الشيوخ، وأذاع برنامجًا عن أوجه التشابه بين الاشتراكية والإسلام، وأكد أن المال كله لله وأن يد الإنسان راعية عليه ولا يمكنها أن تملكه، وأنه لا شىء يستطيع الإنسان أن ينفرد به دون إرادة المجتمع.