رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يرفض المشري انتخابات الرئاسة الليبية؟


لأنه إخواني حتى النخاع، يدين بالولاء للتنظيم الدولي للإخوان.. فقد أعلن رئيس ما يسمى بـالمجلس الأعلى للدولة الليبية، والقيادي في تنظيم إخوان ليبيا، خالد المشري رفضه قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، واصفاً إياها بـ (الانقلاب على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية).. وكتب في تدوينة له على (تويتر)، (14 فبراير 2014 انقلاب حفتر ـ القائد العام للجيش الليبي خليفة ـ و25 يوليو 2021 انقلاب قيس ـ يقصد الرئيس التونسي قيس بن سعيد ـ ما أشبه الليلة بالبارحة)، مع أن الأمر لا يخص بلاده، بقدر ما هو مسمار جديد في نعش الإخوان، وخصوصاً وأن معقلاً جديداً لهم قد سقط، بعد خسارة حزب العدالة التنمية في المغرب نتائج الانتخابات الأخيرة.. كما أنه القيادي الإخواني المعروف في الأوساط الليبية بكونه عراب الانقلابات، حيث سبق ودعم انقلاب (فجر ليبيا) على البرلمان المنتخب هناك في 2014، ليقود ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري، كما كان أول من يلوح بالانقلاب على الانتقال السلمي الوليد في ليبيا، وأعلن أنه لن يقبل بنتائج انتخابات ديسمبر المقبلة، حال جاءت بالمشير خليفة حفتر رئيساً للبلاد، ولوح بحمل المليشيات للسلاح ضد هذه النتيجة.
ويعد المشري أحد الذين يحاولون دفع خارطة الطريق الجديدة لانتشال ليبيا من أزمتها، إلى نفق مسدود، بإعلانه أن قانون انتخاب الرئيس، الصادر عن مجلس النواب (معيب وغير مقبول)، متهماً مجلس النواب بـ (الاستحواذ على السلطة وعرقلة الانتخابات).. وداعياً إلى (تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للقيام بواجبها المنوط بها بوقف ما أسماه بـ (المخالفات الدستورية)، وتعطيل (القانون أحادي الجانب)!.. في الوقت الذي رحب بإقرار القانون قيادات سياسية بارزة في مصراتة، في مقدمتهم النائب في المجلس الرئاسي الأسبق أحمد معيتيق، ووزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا.. فأين يكمن السر في رفض المشري لقانون الانتخابات الرئاسية في ليبيا، الذي يعتبر طوق نجاة للدولة الليبية، وتحريرها أراضيها من احتلال قوى أجنبية ومرتزقة، أشاعت الفوضى ونشرت الفساد بين ربوعها؟.. وما هي أسباب كراهيته للمشير خليفة حفتر؟.
أثار انطلاق العملية الأوروبية (إيريني)، في مارس 2020، لمراقبة حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا غضب المليشيات المسلحة غربي البلاد وداعميها من تنظيم الإخوان الإرهابي، وسط مخاوف من قطع السبل أمام الدعم الخارجي للإرهاب في البلد الساحلي الغني بالنفط.. وسعى تنظيم الإخوان الإرهابي، متمثلاً في خالد المشري، للتصدي للالتفاف الشعبي حول القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وتفويضها بإلغاء العمل بالاتفاق السياسي الذي أنشأ عدداً من الكيانات السياسية غير الدستورية أو المعتمدة من البرلمان، وعلى رأسها مجلسه الاستشاري.. وهذا المجلس، هو مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أسست عقب توقيع اتفاق الصخيرات في 17 ديسمبر 2015، التي جاءت بحكومة الوفاق، قبل تنصلها منذ ذلك الحين من الالتزام بالاتفاق، مما دفع المشير خليفة حفتر لإعلان إسقاطه الشهر الماضي.. وترجم المشري تخوفاته من وقف الإمدادات الخارجية للإرهابيين في الغرب الليبي بالأسلحة والعتاد، في اتهامات للجيش الليبي والدول العربية بأنها تواصل إرسال السلاح لقتال المليشيات، مع أن الأسلحة والجنود والمرتزقة كانت تترى إلى ليبيا، لدعم المليشيات الإخوانية التي تسيطر على العاصمة طرابلس بغية التأسيس لوجود عسكري أجنبي في البلاد.
ويعرف عن المشري أنه من أكبر عملاء قطر وتركيا، وأحد مُشرعني الغزو التركي للبلاد، من خلال علاقاته الوطيدة بالمليشيات والمخابرات القطرية والتركية على السواء، كما أنه مقرب من مليشيات (الزاوية) التابعة لتنظيم القاعدة برئاسة أبوعبيدة الزاوي شعبان هدية.. والمشري قيادي بارز في تنظيم الإخوان الإرهابي، ومن مؤسسي حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لإخوان ليبيا، كما تجمعه اتصالات وثيقة مع الإخواني الليبي المقيم في تركيا علي الصلابي، ومفتي الإرهاب الصادق الغرياني.. وقد بدأت علاقته بالتنظيم مبكراً، وشارك في عدة أعمال خاصة بالتنظيم واعتقلته الدولة الليبية بين عامي 1998 و2006، بعد ثبوت تورطه في التآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية.. وقد ساعدت علاقاته الواسعة مع المخابرات التركية والقطرية، والمتطرفين الهاربين من السجون عقب أحداث عام 2011، في بروز نجمه السياسي ليبدأ في تنفيذ الأجندة القطرية.
انتخب المشري في عام 2012 لعضوية المؤتمر الوطني العام، الذي سيطر عليه المتطرفون وانتهت ولايته عام 2014، ووصل إلى أن أصبح عضواً في لجنة الأمن القومي، ومقرر اللجنة، ثم رئيساً للجنة المالية.. وقد أحيا الاتفاق السياسي بمدينة الصخيرات المغربية هذا المؤتمر المنتهية ولايته بانتخاب مجلس النواب، وحولته إلى ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري، حيث ظل في عضويته إلى أن أصبح رئيساً له في 4 أبريل 2018.. ومن خلال هذه العلاقات المشبوهة، استطاع في هذه المدة القصيرة التي قضاها خارج أسوار السجن، أن يشغل عدة مناصب مالية كبرى؛ من بينها المدير العام لهيئة الأوقاف وشؤون الزكاة في ليبيا، ومدير إدارة الشؤون الإدارية والمالية بمركز تنمية الصادرات، ورئيس قسم الشؤون المالية بالهيئة العامة للتمليك، ورئيس لجنة المراقبة بالشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات.. وخلال هذه المدة لم يسلم من عدة اتهامات بقضايا فساد، حيث كشفت وثائق مسربة أن المشري استولى على أكثر من 190 مليون دولار من ثروات الشعب، لينفقها كتمويل على تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين في ليبيا.
أثارت هذه الاتهامات الجهات الرقابية في ليبيا التي طالبت بمحاكمته، وأشهر تلك القضايا كانت في يناير 2019، حيث طالبت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا برفع الحصانة عن خالد المشري، للتحقيق في مخالفات وتجاوزات مالية وإدارية.. وأشارت الهيئة في طلبها إلى أن المشري متورط في القضية رقم 10 لسنة 2017، المتعلقة بمخالفات وتجاوزات مالية وإدارية إبان ترؤسه اللجنة المالية بالمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.. ولم تنقطع زيارات المشري إلى كل من تركيا وقطر، حيث يلتقي مسؤولين كباراً في البلدين لترتيب الحصول على الدعم للمليشيات، إذ التقى، مارس 2019، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، لهذا الغرض.
وعقب انطلاق عملية الجيش الوطني الليبي لتحرير طرابلس، من المليشيات والجماعات الإرهابية 4 أبريل 2019، بأقل من عشرة أيام، هرول المشري إلى تركيا لاستجلاب الدعم للإرهابيين في حكومة السراج.. وتقول تقارير دولية إن المشري هو عراب الاتفاقية الأمنية التي وقعها السراج مع أردوغان والتي أسست للغزو التركي لليبيا، وصفقات السلاح والمرتزقة السوريين.. ويقول موقع (أفريكا إنتليجنس)، المقرب من دوائر الاستخبارات الأوروبية، إن (المشري وقياديين آخرين في حزب العدالة والبناء؛ هما نزار كعوان نائب رئيس حزب العدالة والبناء ورئيس الدائرة السياسية وعبد الرزاق مختار السفير الليبي في تركيا، تورطوا في اختلاسات مالية تُقدر بـ 40 مليون دولار من خلال تدخلهم، عبر بعض الوسطاء، في ملف توريد المعدات العسكرية من تركيا إلى ليبيا).. وقد اكتشفت (المخابرات التركية هذه الاختلاسات الضخمة وأجبرت السراج على إقالة السفير الليبي في تركيا، وإبعاد المذكورين أعلاه عن ملف التعاون التركي الليبي).
كما أكد الموقع أن شكوك السراج ازدادت بعد ورود معلومات مؤكدة عن قيام مجموعة من قياديي العدالة والبناء، وعلى رأسهم نزار كعوان وخالد المشري والسفير السابق لدى تركيا عبد الرزاق مختار وخالد شكشك، بشراء عمارة سكنية في إسطنبول بقيمة 22 مليون دولار، وحاول المشري استغلال جميع موارد الدولة لصالح التنظيم الإرهابي حزب العدالة والبناء، من خلال استصدار قرارات اعتمادات مستندية للشركات التابعة للحزب.. وفي هذا الصدد، تفجر الصراع بين المشري ومحافظ المصرف المركزي الليبي (الصديق الكبير)، لرفض الأخير منح اعتماد مستندي بقيمة 175 مليون دولار لشركة محسوبة على حزب العدالة والبناء تعتزم بناء مصنع أسمنت في مدينة (زليتن) شرقي طرابلس.. هذه هي الحكاية.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.