رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رجال من ذهب».. قصص مُلهمة لمنقذي حريق دمنهور المروع

حريق دمنهور
حريق دمنهور

في تمام الساعة الواحدة والنصف عصرًا، الأحد الماضي، شب حريق داخل عيادة بمنطقة الكوبري العلوي  بدمنهور، إثر انفجار أسطوانة غاز أكسجين، ما تسبب في إحداث أضرار جسيمة داخل معمل تحاليل طبية وشقة سكنية وعيادة طبية.

بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث، انتشر فيديو لمشهد الحريق عبر منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت فيه سيدة أربعينية تلقي إبنتها الصغيرة من الشرفة، حفاظًا على روحها قبل أن يلتهمها الحريق، لتجد بعد لحظات وجيزة رجالًا من نوع أصيل، ضحوا بحياتهم مقابل إنقاذ الأرواح المعرضة للخطر.

الفيديو أثار مشاعر رواد «السوشيال ميديا» فور انتشاره، فالمشاهد التي تضمنها كانت مؤلمة إلى حد كبير، والبعض الآخر كان مطمئنًا لوجود مواطنين لا يهابون المخاطر، مستعدون للمخاطرة بحياتهم من أجل الآخرين.

حريق دمنهور

«الدستور»، نستعرض قصص الأبطال الذين تدخلوا في الوقت المناسب، وأنقذوا الأهالي من موت محقق، وأسفرت عن إصابة 13 شخصا بحروق واختناقات.

تضحية بطل
كان محمد بلال، صاحب الـ35 عامًا، أحد قاطني قرية زاوية غزال، في طريقه للسفر خارج المحافظة برفقة صديقه في العمل، وإذ فجأة أرشد زميله للسير عبر الطريق الذي شهد الحادث، معبرًا عن ذلك: "حاجة إلهية قالتلتي نمشي من هنا رغم إن الطريق دا كان أطول".

وبمجرد وصولهما للشارع، سرعان ما وجدا المواطنين يفرون هربًا من الحريق، لكن "بلال" اختار المواجهة وبالفعل قاده إحساسه بالمسؤولية تجاه العقار المحترق، ليرى مشهدًا أليمًا لسيدة حملت طفلتها على يديها، ووقفت أمام الشرفة لتستغيث بالمارة قبل أن تلتهما النار.

لم يتردد الشاب الثلاثيني في المطالبة بعمل وحدة إنقاذ سريعة من قبل أهالي المنطقة: "جيبنا بطانية وقولنا للست تحدف بنتها عليها قبل ما الحريق يأكلهم"، مشيرًا إلى اللحظة الصعبة التي واجهتهما حين ألقت الأم إبنتها بطريقة خاطئة تسببت في اصطدامها بعمود الإنارة، لكنها الأهالي تحركوا سريعًا لإنقاذها.

محمد بلال

وبعد الاطمئنان على الطفلة، صعد "بلال" إلى عقار مجاور، حاملًا لوح خشبي لينقذ السيدة ، وطلب منها الصعود عليه، لكنها نزلت عليه بعزمها لتكسره: "طلعت بسرعة أنقذها قبل ما تقع وخدت معايا سلم خشبي".

استشهد الشاب قبل صعوده لإنقاذ السيدة، وحين وصل إليها طلب منها أن تمسك به جيدًا حتى يستطيعا سويًا النزول للأسفل دون أي خسارة، وبالفعل نجحا، ليستكمل "بلال" بطولته في إنقاذ العالقين الآخرين داخل العقار المحترق.

وفي اللحظة التي حمل فيها "بلال" السيدة"، كان الزجاج المتساقط من العقار إثر الحريق ينهش في جسده، مصيبًا إياه بالجروح، لكنه لم يشعر بشئ في ذلك الحين، حتى وصل بها للأسفل، ونزع ملابسه الممزقة، ليصعد مرة أخرى وينقذ من تبقى من مواطنين داخل العقار.

"كنت شايف أمي وأختي"، أردف الشاب في حديثه للدستور: "حضرت لذهني فكرة من أجل إنقاذ العالقين، وهي الصعود للعقار المجاور للحريق، اصطحب سلم معدني يستطيع من خلاله تجاوز المكان العالقين به، وبالفعل نجحنا في إنقاذ 3 سيدات وطفل ورجل".

وفور الانتهاء من المغامرة البطولية، توجه "بلال" لعمل إسعافات أولية لتهدئة الحروق بجسده، وامتنع عن الذهاب إلى منزله، خوفًا من أن تراه والدته، وتصاب بالفزع كونها مريضة في الوقت الحالي.

الدخان القاتل

محمد مسعود، كان أحد الأبطال المشاركين في إنقاذ ضحايا حريق دمنهور، يروي اللحظات المرعبة التي عاشها لمدة ساعتين: "كنت متواجدًا في عملي بمديرية الصحة أمام العقار المحترق، وبمجرد أن شاهدت الدخان يتصاعد، توجهت إلى مصدره لمعرفة ما يحدث".

وصف صاحب الـ40 عامًا، فى حديثه للدستور، كواليس ما حدث في الفيديو المنتشر عبر صفحات "السوشيال ميديا": "طلعنا فوق على طول علشان نشوف الناس المحبوسة، كان فيه دخان كتير وكل ما نقرب بنتخنق أكتر، مقدرناش ندخل خالص كنا هنموت فوق".

محمد مسعود 

وإذ فجأة انقطعت الكهرباء تمامًا عن العقار، بجانب الدخان الكثيف الذي انتشر في كل مكان، وحاوط المنقذين ومنعهم من الدخول نهائيًا، ليتجهوا مرة أخرى إلى الأسفل، ويقرروا الصعود إلى العقار المجاور: "كسرنا الشقة المقفولة وضحينا بحياتنا علشان ننقذ الأطفال الصغيرة".

اعتمد "مسعود" على اللوح الخشبي لإنقاذ العالقين داخل العقار المحترق، وبالفعل نجحت خطته، وشعر بالسعادة البالغة حين تم إنقاذ الضحايا رغم الإصابات الطفيفة ، ثم جاءت وحدات الإنقاذ لإطفاء الحريق بشكل كامل، ونقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.

لم يصاب الرجل الأربعيني بأي جروح، لكنه تعرض لاختناق بسبب الدخان الكثيف: "بحمد ربنا أولًا أن الناس طلعت سليمة، وربنا نجانا من الحادث المأسوي اللي عيشناه".