رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فين الأغانى الوطنية؟!

قلنا في مقال سابق إن بلدنا قد تحول بفضل من الله، خلال السنوات السبع الماضية، إلى خلية نحل لا يهدأ عمالها أو يكسلون، ولست أظنني في حاجة إلى تقديم دليل على صحة ما قلته، كونه واقعا مرئيا ومتاحا للجميع مشاهدته، تماماً كما الشمس التي لا يغطيها الغربال.

إذا كان هذا هو حالنا، والحالة التي أضحى عليها بلدنا، فأين الأغاني الوطنية المعبرة عن هذا الحال، والموثقة لتلك الحالة؟!

الطفرة التي تشهدها مصر حالياً في عهد الرئيس السيسي، أعزه الله وأيده، لا بد لها من توثيق دقيق يحكي للأجيال القادمة كل ما مررنا به من أزمات، وما واجهناه من تحديات، وكيف تمكنّا بمدد من الله، ثم بجهد وجد المخلصين، وصبر ومثابرة المصريين، من تذليل الصعاب وإزالة العقبات، واجتياز المحن والأزمات، والتغلب على المشكلات، والعبور الآمن ببلدنا لينتقل من مرحلة اللادولة المهددة، إلى مرحلة الدولة الآمنة، ومنها إلى الدولة المستقرة، الناهضة الصاعدة الواعدة، لنقدم توصيفاً واقعياً لما كان الحال عليه، ثم ما آل إليه!

المشروعات الآن في كل مكان بطول البلاد وعرضها، شمالها وجنوبها، فأين الأغاني الوطنية التي تعتبر هي المرآة العاكسة للحالة الوطنية للشعب، والترمومتر الذي تقاس بواسطته درجة الانتماء الوطني لأبنائه، وأحد العوامل المحفزة على الإنجاز؟، وربما كان هذا هو الدافع وراء إذاعة النشيد الوطني في المدارس عند كل صباح، وعزف السلام الجمهوري قبل بدء المباريات الدولية.. فين الأغاني الوطنية؟

ألم تكن أغنية "حكاية شعب"، التي غناها عبدالحليم حافظ، ولخص من خلالها قصة بناء السد العالي من ألفها إلى يائها في بضع دقائق، أفضل توثيق لملحمة بناء عظيمة، وإنجاز كبير تمكن المصريون من تحقيقه؟!

لقد قدم عبدالحليم بمفرده أكثر من ٦٠ أغنية وطنية، وثّقت وأرّخت للحقبة الناصرية بآمالها وآلامها، عايش من خلالها الجيل الجديد أجواء كل ما كان فيها وبها، دون أن يعيشوها أو يروها!
فين الأغاني الوطنية؟

لماذا قَلّت، وندرت، وشحّت، ثم غابت تماماً عن المشهد، تاركة الساحة مباحة، والآذان مستباحة لسماع نوع عجيب غريب من الأغاني، بأصوات متنافرة، ومنفرة، ظهرت فجأة وطفت، ثم ما لبثت أن سيطرت وطغت، واجتاحت المجتمع بكامله، وكانت بمثابة العملة الرديئة التي لم تقنع بطرد العملة الجيدة فحسب، بل أكلتها وهضمتها وشربت وراها فوار كمان! 

حيكا، وويكا، وفطوطة، وماشة، وكماشة وأبوسريع، صاروا هم نجوم المرحلة!.. كيف يحدث هذا؟ ولماذا؟

نحن الآن في مرحلة إعادة تأهيل وبناء تتطلب نوعا آخر من الغناء يتماشي مع الزخم الموجود، ليعيد إلى الأذهان زمن الريادة الغنائية، و"العملقة" الفنية، ونسترد من خلاله تلك القوة الناعمة، بكل ما كان لها من تأثير على وجدان الأمة بأكملها!

لماذا لا ندعو كبار المطربين والملحنين، والكتاب والمؤلفين وهم موجودون للآن،
متعهم الله بالصحة والعافية، ندعو "الكبار فقط"، و«المتمهرجين» يمتنعون- لنقول لهم، إنكم الآن مستنفرين للقيام بمهمة وطنية، والفرصة سانحة أمامكم لتقدموا كل ما لديكم من إبداع، ونحن سندعمكم، وسنوفر لكم كافة الإمكانيات، ولا أظنهم سيتأخرون أو يتقاعسون، بل سيسعدون، ويسرون، ونسعد نحن أيضاً بعودتهم، لكي نسترد مكانتنا ومجدنا الفني الذي ولّي، فنحن من صنعناه ونحن به أولى!
حفظ الله بلدنا وأعان قائدنا.