رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شوقى علام: الفتاوى تنطلق من محور الاستقرار المجتمعى وبناء الإنسان

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

بيَّن الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مهتمًّا للغاية بقضية الاستقرار المجتمعي، حتى قبل بعثته الشريفة. فقد كان عليه الصلاة والسلام في مرحلة الشباب نموذجًا وقدوة، وكانوا في قريش عندما يختلفون في شيء يحتكمون إليه، مثلما حدث عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في الكعبة بعد تجديدها، وكادوا يقتتلون، فقالوا نحكِّم أول مَن يدخل علينا، فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أول الداخلين، فاستبشروا وقالوا: هذا الأمين! رضينا، هذا محمد. وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر، فقال: "هلمَّ إليّ ثوبًا"، فأتَوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا" ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه. 

وأضاف خلال لقائه في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق: "وفي هذا معنى كبير لوأد الفتنة وتحقيق للاستقرار المجتمعي بعدما نال الجميع شرف المشاركة. وفيه دلالة قوية أيضًا على أنه عليه الصلاة والسلام لم ينشأ على تمييز أحد أو إقصائه أو ظلمه، بل ظهر منه ما هو أرقى من ذلك؛ وهو العفو عمن ظلمه".

وتابع أنه بعد بعثته صلى الله عليه وسلم الشريفة وظهور الشكل الأوليِّ للدولة، وَضَعَ الإنسانَ في مقدمة الاهتمامات؛ لأن صناعة الشخصية السوية مدخل أصيل في صناعة الحياة، حيث غيَّر صلى الله عليه وسلم القلوب والعقول، واهتم بتثقيف الإنسان (ذكرًا وأنثى) وتعزيز قدراته، فرسم بذلك الأطر العامة لمبادئ التعايش بين الإنسان وأخيه الإنسان المختلف معه في المعتقد والدين بحسب بنود "وثيقة المدينة"، التي تعدُّ أول دستور حقيقي لكافة الحقوق ولكافة الأمم والملل التي كانت تعيش في المدينة. وهي وثيقة ذات أهمية كبرى في التاريخ الإنساني.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الشرع الشريف اهتم ببيان حقوق المرأة، فعند قراءة التاريخ قراءة صحيحة ومتفقة مع الروايات الثابتة نلحظ أن حضور المرأة كان واضحًا وبشدة في شخص السيدة خديجة (رضي الله عنها) في مرحلة مكة المكرمة، ثم بعد ذلك قادت المسيرة العلمية أمُّنا عائشة (رضي الله عنها وعن أبيها)؛ فقد شهد لها النبي (صلى الله عليه وسلم) بالعلم؛ فقال: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"، ويقصد أمنا عائشة (رضي الله عنها)، فضلًا عن بقية أمهات المؤمنين وسائر الصحابيات.

وأكد المفتي أن تمكين المرأة المصرية وإتاحة المناصب القيادية لها -كالوزارة وغيرها- هو إعادة لحقوقها المسلوبة، وهو أمر لا يتعارض مع الدين الحنيف، بل يعد تطبيقًا وتنفيذًا لأوامره، وهو ما تسعى إليه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وما تطمح إليه رؤية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

كما ورد على من يدعي أن المرأة لا تصلح أن تكون قاضية لأن شهادتها نصف شهادة الرجل قائلًا: التطور في أدلة الإثبات لم يعد يفرِّق بين الرجل والمرأة في قضايا كثيرة جدًّا؛ فالمرأة عنصر أساسي في الإثبات، أو قد تكون وحدها مع قرائن أخرى عاملًا من عوامل الإثبات ما دام القاضي يطمئن إلى أدلة الثبوت وإلى شهادتها، ويرى أنها صادقة؛ فإنه يبني الحكم عليها.

وفي سياق متصل، قال مفتي الجمهورية إن النموذج النبوي الشريف لم يكن شغوفًا بتطبيق الحد، والدليل على ذلك أحداث عديدة، منها قصة ماعز الذي جاء إلى النبي للاعتراف بما ارتكب من ذنب، والنبي يحاول أن يصرفه. وعليه، فالشريعة الإسلامية لم تكن شغوفةً بتطبيق الحدود بقدر حرصها على ستر الناس، وقديمًا كان يُستحب للقضاة أن يلقِّنوا مرتكب الحد ما يدفع عنه الحد.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تستحق أن تكون استراتيجية المساواة وعدم التمييز، بل هي استراتيجية المواطنة الكاملة التي تحارب التمييز على كل المستويات.