رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحثة تستعرض أهمية إطلاق تقرير «التنمية البشرية»: يُحسن أوضاع البلاد

إطلاق تقرير التنمية
إطلاق تقرير التنمية البشرية في مصر

نشر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بحثية جديدة حول تقرير التنمية البشرية فى مصر 2021 تحت مسمى “التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار” والذي يتناول جوانب التنمية البشرية والتنمية المستدامة، الذي أطلقته وزراة التخطيط والتنمية الاقتصادية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر.

 

في هذا السياق، استهدفت الباحثة بسنت جمال، في الدراسة التي أجرتها في المركز تحليل أهمية التقرير ودلالة توقيت إطلاقه، مع استعراض أهم مكوناته وتحديد أداء مصر في مؤشرات التنمية البشرية الحديثة.

 

وأكدت أن إطلاق هذا التقرير جاء عقب توقف دام 10 سنوات بما يؤكد قدرة مصر على تجاوز العديد من التحديات والأزمات خلال العقد الزمني الماضي، مما يجعلها قادرة على التعاون مع المؤسسات الدولية في جمع البيانات وتحليلها وإتاحتها بشفافية من أجل الإجابة على سؤال "أين تقف مصر على خريطة التنمية البشرية مقارنة بدول العالم؟".

 

وقالت الباحثة إن أهمية التقرير تنبع في تتبعه للعديد من القضايا الجديدة والحيوية؛ إذ إنه لم يقتصر فقط على تناول المؤشرات الصحية والتعليمية ونصيب الفرد من الدخل القومي، وإنما تعدى ذلك ليتناول مؤشرات الحوكمة وتمكين المرأة ومكافحة التغيرات المناخية للمرة الأولى على الإطلاق، وهي قضايا تستحوذ على اهتمام المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة.

 

وتابعت أنه لا يعني اهتمام مصر بالملفات الثلاث أنها أهملت الجوانب الأساسية للتنمية البشرية؛ إذ ضاعفت الدولة مخصصات التعليم 10 مرات خلال 7 سنوات لتصبح ٣٨٨.١مليار جنيه فى العام المالى الحالى، وكذلك مخصصات قطاع الصحة بنحو 19 ضعفًا لتصل إلى ٢٧٥.٦ مليار جنيه في عام 2021، وأطلقت الدولة أيضًا العديد من المبادرات الحكومية خلال السنوات الماضية مثل “100 مليون صحة” و”حياة كريمة” لتعزيز الحماية الاجتماعية وتطوير القرى الأكثر احتياجًا بما يقلل من حجم الفجوة الموجودة بين الحضر والريف. وتؤكد هذه البيانات أن الدولة تعمل على قدم وساق لتحقيق المزيد من التقدم في جميع الملفات المتعلقة بتنمية الإنسان في آن واحد مع عدم إغفال قضايا التنمية الاقتصادية التقليدية كالصحة والتعليم.

 

وأشارت إلى أن تقرير التنمية البشرية يتضمن عددًا من المحاور المهمة -كما ذكرنا سابقًا- مثل الاستثمار في رأس المال البشري، وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز الاستدامة البيئية، إلى جانب تمكين المرأة وتعزيز الحوكمة. ويتناول التقرير فترة مهمة في تاريخ مصر الحديث بدأت مع ثورتي 2011 و2013 ثم إقرار دستور جديد في عام 2014 وما أعقبه من إصلاحات مهمة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية عالجت بحسم تحديات تنموية مزمنة. 

 

وعلاوة على ذلك، يظهر التقرير نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي-الذي طبقته مصر عام 2016- في تحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي وتعزيز الثقة به، مما عزز من قدرة البلاد خلال مواجهتها لتداعيات جائحة كورونا وجعلها من الدول القليلة التي استطاعت تحقيق نمو اقتصادي إيجابي خلال العام الماضي، وكذلك استعرض التقرير أهم الخطوات الهادفة لضمان الحق في التنمية، وتشمل تعزيز التمويل من أجل التنمية، وتطوير قاعدة المعلومات للتخطيط التنموي السليم، والتوسع في التحول الرقمي وتسريع وتيرته في الخدمات العامة والمالية، وتطوير المؤسسات التنفيذية لتعزيز كفاءة تقديم الخدمات العامة وجودتها.

 

ولفتت إلى أن التقرير رصد تصنيف مصر وفقًا لنصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي من أصل 189 دولة، ومدى امتلاك مصر الإمكانات لتحسين الحماية الاجتماعية، وتمكين المرأة، وأنظمة التعليم، والحوكمة، وتحويل النمو الاقتصادي إلى استثمارات تؤدي إلى مزيد من التقدم في التنمية البشرية، بجانب إشادة المنسقة المقيمة للأمم المتحدة فى مصر “إيلينا بانوفا” بالجهود المصرية لإصدار التقرير في ظل استمرار أزمة كورونا مؤكدة أن الدولة كانت واحدة من دول الأسواق الناشئة القليلة التي شهدت معدلات نمو إيجابية خلال عام 2020.

وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة إن مصر كانت واحدة من أكثر الدول نشاطًا التي اتخذت تدابير حاسمة لضمان حماية المواطنين واستجابت بسرعة ملحوظة عبر حزم تحفيز شاملة تستهدف الفئات الضعيفة مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والحفاظ على اللاجئين والمُهاجرين.

 

في حين أشارت الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر “راندا أبوالحسن” إلى نجاح البرنامج الوطني المصري للإصلاح الاقتصادي في تحقيق الاستقرار والتنمية للاقتصاد الكلي بما حقق استقرارًا في العملة المحلية، وعزز الاحتياطي النقدي، وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، وكذلك أكد أمين المؤلف الرئيس لتقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في مصر لعام 2021 “خالد زكريا” أن التقرير أشاد بالمبادرات الصحية الرئاسية، ومجهود الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن التقرير أوضح أن هذه المبادرات جاءت للتعامل مع القضايا الرئيسة في قطاع الصحة. وفي الأخير، صرح مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “أخيم اشتاينر” بأن مصر تعتبر من أوائل البلدان التي تبنت مفهوم التنمية البشرية، مشيدًا بالتجربة المصرية بتعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية.

 

أداء مصر في مؤشرات التنمية البشرية

 

تؤكد الباحثة في دراستها أنه ارتفع مؤشر التنمية البشرية في مصر عام 2019 إلى 0.707 نقطة مقارنة مع 0.701 نقطة خلال 2018 لتحافظ على احتلالها المرتبة 116 عالميًا ضمن 189 دولة، كما إنها لا تزال في فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة لتصبح للمرة الأولى أعلى من المتوسط العام لجميع الدول العربية، وهو ما يتضح من الشكل التالي:

الشكل (1): تطور مؤشر التنمية البشرية

ويُمكن حصر الجهود المصرية في ملفات تمكين المرأة والتغير المناخي والحوكمة في النقاط الآتية:

  1. تمكين المرأة: تقدمت مصر حوالي 47 مرتبة في التمكين السياسي للمرأة بسبب زيادة تمثيلها في المجال التشريعي والتنفيذي، ولكن بالنسبة للتمكين الاقتصادي، فلا تزال معدلات البطالة بين الإناث مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بالرجال وهو ما يتبين من الشكل التالي:

الشكل (2): معدلات البطالة الفصلية وفقًا للنوع

يتبين من الرسم البياني السابق وجود فارق ضخم بين معدلات البطالة للذكور والإناث لصالح الذكور، وهو ما يوضح الصعوبات التي تواجهها النساء للدخول في سوق العمل مما أسفر في نهاية الحال عن ارتفاع معدل البطالة بينهن، حيث بلغ معدل البطالة بين الإناث خلال الربع الثالث من 2020 نحو 15.2% وهو مستوى مرتفع نسبيًا إذا ما قورن بنظيره بين الذكور، وذلك على الرغم من تراجع معدلات البطالة بين صفوف الإناث من 21.96% خلال الربع الأول من 2010 حتى 15.2% في الربع الثالث من 2020.

  1. مكافحة التغير المناخي: تتطلع مصر إلى شراكة شاملة مع الأمم المتحدة لدعم جهود معالجة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة في ضوء تنفيذ عدة مشروعات للتكيف مع تغير المناخ، وذلك في ضوء ارتفاع انبعاثات مصر من ثاني أكسيد الكربون كما يتبين من الرسم التالي:

الشكل (3): الانبعاثات الكربونية في مصر

يتبين من الرسم السابق ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر من 202.71 مليون طن متري خلال 2009 إلى 246.64 مليون طن متري خلال 2019. وكذلك ارتفعت حصة مصر من إجمالي الانبعاثات الحرارية العالمية كما يتبين من الشكل التالي:

الشكل (4): حصة مصر من إجمالي الانبعاثات (%)

يتبين من الرسم السابق أن مصر تساهم بنحو 0.7% فقط من إجمالي الانبعاثات الحرارية العالمية مقارنة مع نحو 0.64% خلال 2009.

  1. الحوكمة: تضمنت خطة الإصلاح الاقتصادي محورًا خاصًا بالإصلاحات الهيكلية، بحيث يتضمن السياسات الخاصة بخلق وتعزيز بيئة استثمارية أكثر تنافسية، وكذلك سياسات تعزيز المساءلة ومحاربة الفساد بكل انواعه، ورفع جودة المؤسسات العامة، وزيادة فاعليتها، ودعم اللامركزية. وقد تقدمت مصر درجتين في التقرير السنوي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية الخاص بمؤشر الفساد العالمي لعام 2020، حيث أصبح تقييمها 33 نقطة من ًأصل 100، وذلك يعد تقدمًا مقارنة بالعام الماضي حيث كان تقييم مصر 35 نقطة.

 

وتؤكد في ختام دراستها أنه نستخلص من التحليل السابق أن مصر تسير بخطى ثابتة تجاه تعزيز مبادئ التنمية البشرية مع زيادة التركيز على العديد من القضايا الهامة، حيث إن الاهتمام بملف التغير المناخي والحوكمة وتمكين المرأة يُمكن أن يصب مباشرة في تحسين أوضاع التنمية البشرية في البلاد.