رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المجلات القبطية.. كتاب يناقش كل ما يتعلق بصحافة الأقباط وينشر مقطتفات من كنوزها

روبير الفارس
روبير الفارس

«الفارس» يعرض الأزمات التي مرت بها الصحافة القبطية والتي لاتزال تعاني منها 

ينشر 50 مقالًا تراثيًا من كنوز الصحافة القبطية وتقييمات لها أحدها للبابا شنودة 

 

في عادة الأمور، غالبًا مايخرج إلى النور، كُتب تملئ خزانات الكنائس عن القديسين ومعجزاتهم، أو كتبًا ذات طابع لاهوتي أو عقيدي أو طقسي أو روحي وما شابه، إلا أن هناك ركن يقبع بين أركان "التاريخ الكنسي" لم يسبق وتطرق إليه الكثير، وهو ركن الصحافة القبطية، كيف تحدث الأقباط عن أنفسهم، وكيف نشروا أخبارهم، منذ أن هلت بشائر القرن التاسع عشر.

آثر الباحث "روبير الفارس" أن يخوض مارثون 2021، بكتاب تجاوز الـ 550 صفحة، يُجيب خلاله عن تلك الأسئلة وأكثر، فأسماه " المجلات القبطية ..دراسة تاريخية ومختارات".

 

البداية 

مهدَّ "الفارس" طريقه إلى عالم الصحافة القبطية، بمدخل إليها، وهو الشعار الذي حملَّه لأول فصول كتابه، وقد زاد كثيرًا على ما قدمه بنفس العنوان منذ 20 عامًا تقريبًا بحسب ما شهد به إسحاق الباجوشي، عضو اللجنة الباباوية للتاريخ الكنسي، في تقديمه للكتاب.

لم يكتف الباجوشي، بتقديم الكتاب، بل صدرَّ  تقديمه بخلفية تاريخية لعلاقة الفارس بكتابه الأحدث، موضحًا أن البعض سيظن أنه استغرق عامين بحد أقصى لوضع المادة الموجودة داخل الكتاب، إلا أن الأمر لم يكن كذلك فقد بدأ تترتب في خيال "الفارس" منذ عام 1996، وهو العام الذي خطى فيه أول خطواته في مجال الصحافة، مؤكدًا أنهما قاما ضمن فريق من العمل تجاوز العشرة أفراد، بإعادة إصدار مجلة الفردوس للقس منسى يوحنا كاهن كنيسة العذراء مريم بملوي والفردوس كان من موضوعات هامة تاريخية وتعليمية وتربوية وثقافية وصدرت في 1926م.

كيف تحدث "الفارس" عن الصحافة والمجلات القبطية؟

بالعودة لأول فصول الكتاب فنجد أن "الفارس" قد تطرق إلى خمس نواحي يُمكن أن نسميهم بالأركان التاريخية للصحافة القبطية، وهم الملكية والاصدار وهناك نرى جدولأً بستة وسبعين مجلة وجريدة قبطية بين فيه الاسم وتاريخ الإصدار وجهته، ثم المضمون والأهداف وهناك رأينا علاقة الصحافة القبطية بأمور غير كنسية حيث الأدب والسياسة وعالم المرأة وغيرها من الأمور.

 

مشاكل واجهت الصحافة القبطية

جاء ذلك بجانب المشاكل والنتائج، وهناك ناقش "الفارس" مشاكل التوزيع واقتصار التمويل على الاشتراكات، وخرج لنا بعدة أمثلة وعلى رأسها مجلة مرقس ورسالة المحبة ومجلة مدارس الأحد، أما عن التوزيع في قلة صغيرة من مكتبات الكنائس.

 

تقييمات للصحافة القبطية 

ناحية أخرى تطريق "الفارس" إليها، وهي "التقييم" والتقينا في تلك الصفحات مع لقاء أجرته مجلة مدارس الأحد مع قداسة البابا الراحل شنودة الثالث في أكتوبر 1984، وقيمَّ الأخير خلاله الصحافة القبطية، أعقبه تقييمًا آخرًا للكاتب جرجس رفلة، وأخر للدكتور مينا بديع عبد الملك وآخرون.

هل لغير الأرثوذكس مساحة نشر؟

وزيلَّ "الفارس" أول فصول كتابه، بالحديث عن المجلات القبطية غير الأرثوذكسية، فنرى أن الكتاب الذي أورد خلال كتابه  ٥٠ مقالاً استخرجها من ٧٦ مجلة قبطية على قاعدة " من كل بستان زهرة "- كما قال، إلا أنه بطبيعة الحال كانت النصوص أو المقالات المأخوذة من مجلات الطائفة الأرثوذوكسية هي الأكثر عدداً بما لايقاس من مجلات الطائفتين الكاثوليكية والإنجيلية لاعتبارات تتعلق بكثافة الإنتاج الأرثوذوكسي من جهة وبكون الأرثوذوكس هم الطائفة القبطية الأكثر عدداً من جهة أخرى.

وعلى الرُغم من ذلك فقد رأيناه يستعين بالدراسة التوثيقية التي للاب إسطفانوس دانيال راعي الكاثوليك بطهطا، عن الدوريات القبطية الكاثوليكية تحت عنوان: المجلات  القبطية الكاثوليكية (1899-1949)، ليتحدث أيضًا عن الدوريات الكاثوليكية حسب تاريخ تأسيسها بدأها بمجلة "الأسد المرقسي" تلاها بصحيفة الأقباط الكاثوليك، ثم مجلة الصلاح ثم صديق الكاهن إلى جانب ذكر عابر لأربعة مجلات أخرى في مجال النشاط الصحفي للكاثوليك في مصر،  ثم عرض لدراسة توثيقة للدكتور القس عيد صلاح راعي الكنيسة الانجيلية بعين شمس القاهرة  عن الصحافة الإنجيليَّة، مارًا على "النشرة الإنجيليَّة المصريّة" في سبتمبر 1864 وكان هذا هو التاريخ الفعلي لبدء الصحافة الإنجيليَّة في مصر، وعلي نسقها صدرت "النشرة الأسبوعيَّة" في بيروت في عام 1865.

آثار وكنز من الصحف القبطية

يعتبر الفصل الثاني، من "المجلات القبطية ..دراسة تاريخية ومختارات"، هو الفصل الذهبي، الذي قدمه "الفارس" كهديه لمحبي التراث، فقد قدم مختارات من المجلات القبطية التي تعتبر كنزًا يصعب الحصول عليه، فذكر بعض الافتتاحيات لأعداد أولى من بعض المجلات منها: مجلة مدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية، وكذلك مجلة الأقباط الكاثوليك وكذلك مجلة الهدى للأقباط الإنجيليين.

وأعقب ذلك مختارات من عدة مجلات جاءت نسبة المقالات المأخوذة من المجلات الأرثوذكسية، وعددها تسع وعشرون مقال، على رأسها العائلة القبطية واليقظة ومدارس الأحد ونهضة الكنائس ومرقس، بينما نشر من مقالات المجلات الكاثوليكية مقالين من مجلة كاثوليكية وهي مجلة صديق الكاهن، وكذلك مقالين من مقالات المجلات البروتستانتية أو الإنجيلية بحسب ما لقبها الكاتب من مجلة الشرق والغرب.

مجالات لم تعد موجودة

وناقشت المقالات المنشورة من الكتب والمجلات القبطية، مجالات يُلحظ أنها لم تعد تُثار حاليًا في مواضع النقاش، فنرى أن مجلة اليقظة الأرثوذكسية ناقشت العديد من الموضوعات ذات البصمة التاريخية فنشرت بين طياتها مقالين على سبيل المثال لا الحصر وهما "رجال القبط العظام كيرلس أبو الإصلاح القبطي؛ عبادة الحية في التاريخ".

ولم يقتصر الأمر على مجلة اليقظة فحسب، بل نرى أيضًا أن مجلة نهضة الكنائس نشرت مقالًا تحت شعار "اجتماع بالقصر البطريركي"، بينما نشرت مجلة مرقس مقالات أخرى تحت عنوان "عيد انبا شنودة رئيس المتوحدين، الانبا اندراوس، القديس مكاريوس الكبير للبابا شنودة، في عيد أبو مقار للاب متى المسكين".

مجلة مدارس الأحد وهي الأشهر بينهم تقريبًا، نشرت مقالات تحت شعار :" كيف أسهمت المدارس القبطية في خدمة التعليم الديني؛ الكنيسة في مائة عام المجلس الملي؛ مدرسة الاقباط الكبرى والتعليم في مصر الحديثة", وأخيرًا من الكنيسة الكاثوليكية فنرى أن "مجلة صديق الكاهن" نشرت مقالًا حول "اوريجانوس".

نوع آخر من الفنون التي قدمتها الصحافة القبطية هو  "أدب الحرب" والذي كان منتشرًا نظرًا للفترات التي مرت بها مصر منذ سنوات عدة، وعلى سبيل المثال نجد مجلة مرقس تُقدم مقالًا تحت عنوان " اختبارات جندي مسيحي في حرب أكتوبر 1973".

وفي الأدب والفكر القبطي قدمت  مجلة الشرق والغرب البروتستانتية "الأدب المسيحي في نظر أديبة فلسطينية"، بينما قدمت مجلة صديق الكاهن الكاثوليكية "النتاج الفكري المسيحي في مصر"، ومن المجلات الارثوذكسية قدمت مجلة مرقس "مدرستان للتفسير في الإسكندرية وأنطاكية"، بينما قدمت مجلة مدارس الأحد:  "قبطيات؛ كنيسة الغد – تراثنا القبطي؛ - خطوات علي طريق الفكر القبطي".

في الشأن العائلي والأسري، قدمت مجلة اليقظة الأرثوذكسية: "الأخلاق ؛ المدنية الحديثة والدين"، ونفس المجلة تطرقت إلى فن الرواية والقصص القصيرة، فقدمت :"المشعوذ؛ اعتراف؛  الهي رجائي؛ ليلة الميلاد"، بينما قدمت مجلة مرقس: "توبة فيلسوف. عن الدور البارز للكنيسة القبطية في الفكر وفي أفريقيا".

 

أخيرًا

نجح الفارس في كتابه أن يصنع أمرين الاول بينهم هو منح القارئ خلفية كاملة عن الصحافة القبطية، وعندما يقرأها ينعم بمعلومات لم يكن على دراية أو اطلاع بها، والثاني هو مقتطفات من الكنوز التي تمنح القارئ رجوعًا بالزمن إلى عصرًا ناقشت فيه المجلات القبطية كل أنواع الصحافة والقضايا المُجتمعية، وأمور أخرى، ليصبح الفصل الثاني هدية أهداها الكاتب للقراء.