رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البنتاجون» يطور آلية بيولوجية لاستخلاص المعادن الأرضية النادرة

البنتاجون
البنتاجون

أطلق باحثون في البنتاجون مشروعًا يستهدف استخراج المعادن الأرضية النادرة ذات الأهمية الحيوية للتقنيات العسكرية، من مصادر محلية أميركية باستخدام حشرات ميكروسكوبية متناهية الصغر من أجل وقف الاعتماد على الصين.

وكشفت وكالة المشروعات البحثية الدفاعية المتطورة "DARPA" التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاجون) النقاب عن مشروعها البيوتكنولوجي الثوري غير المسبوق الذي ترغب في تطويره كخطوة أولية لإنهاء اعتماد الولايات المتحدة على الصين، التي تحتل صدارة العالم في إنتاج المعادن الأرضية النادرة التي تحظى بأهمية استراتيجية نظراً لاستخداماتها في التكنولوجيات العسكرية المهمة والاستراتيجية.

وقالت مديرة وكالة المشروعات البحثية الدفاعية المتطورة ستيفاني تومبكينز -في مؤتمر عقد تحت رعاية مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية- إنها ستقرر ما إذا كان المشروع سيستحق الدخول به إلى مستوى الاستخدام التصنيعي الواسع النطاق لاستخدام الحشرات الميكروبية في كمرشحات بيولوجية للكشف عن تلك المعادن.

وأفادت تومبكينز التي خدمت سابقًا كضابطة استخبارات وجيولوجية في الجيش الأمريكي، "من وجهة نظر DARPA، فإننا ندرس: ما هي بعض المعوقات التي تقف أمام الولايات المتحدة لكي نتمكن من الهيمنة على تشغيل المعادن الأرضية النادرة".

كانت وكالة "داربا" التابعة للبنتاجون أعلنت في يوليو الماضي إطلاق مشروع "الميكروبات البيئية كمورد للهندسة البيولوجية" Ember، وهو برنامج مدته أربع سنوات لتعزيز البحوث العلمية في مجال استخدام الحشراب الميكروبية (متناهية الصغر) وتقنيات هندسة الجزيئيات الحيوية من أجل تطوير آليات تتوقع أن ينتج على نطاق واسع، لفصل وتنقية للمعادن تعتمد على الأسس البيولوجية. ويستهدف البرنامج توسيع الإمدادات لـ17 عنصرًا تستخدم في الأقطاب الممغنطة للمحركات الكهربائية، ونوعيات من السيراميك لديها قدرة فائقة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة، وتقنيات الليزر.

وقللت تومبكينز من سقف التطلعات بالنسبة للبرنامج واكتفت بالقول "إننا لم نصل بعد إلى حد القول إننا حققنا ثورة، لكننا أجرينا ما يكفي من التقييم العلمي المبدئي الذي يسمح لنا بالقول إن الجوانب الفيزيائية والكيميائية العلمية التي تنطوي عليها (بحوثنا)، تجعله (البرنامج) شيئاً ممكنا وقادراً على تحقيق مستويات إنتاج كافية، كما أن امكانية زيادة الإنتاج إلى مستوى التصنيع على نطاق واسع، تجعله أمراً يستوجب الاهتمام".

وحسب "معهد العلوم الحيوية الأمريكي" AGI، فإن التقنيات الحيوية في قطاع المناجم شرعت في استخدام الكائنات الدقيقة والمتناهية الصغر لاستخراج المعادن من صخور خام الحديد، أو من مخلفات المناجم، كما أنه يمكن استخدامها لتنقية المواقع الملوثة بالمعادن. فمن خلال تلك التقنيات، فعندما تستخرج المعادن القيمة والثمينة كالنحاس والنيكل والذهب الموجودة في الصخور الصلبة، فإن إحدى التقنيات الحيوية المستخدمة في المناجم تعمل على تفكيك المعادن المحيطة بالمعدن المراد استخراجه، وتقنية حيوية أخرى تعمل على تفكيك المعدن نفسه.

تحظى الصين بوضعية مهيمنة في سوق "العناصر الأرضية النادرة" REE إذ تسيطر على معظم الإمدادات والصادرات والقدرات الاستخراجية العالمية، وأنتجت الصين منها 140 ألف طن في العام الماضي 2020، مقابل 38 ألف طن أنتجتها الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة منذ مطلع الألفية الثالثة إلى تضييق فجوتها مع الصين في ذلك السوق لأسباب استراتيجية وجيوسياسية.

المعروف أن هناك صعوبة في استخراج المعادن الأرضية النادرة نظراً لتشتت احتياطياتها، فضلاً عن احتياجها استثمارات مالية هائلة تتخطى مليار دولار لاستغلال وتشغيل منجم واحد من المعادن الأرضية النادرة السبعة عشر (سكانديوم، وإيتريوم، ولنثانيوم، وسيريوم، وبريزيوديميوم، ونيوديميوم، وبروميثيوم، وسماريوم، ويوروبيوم، وجادولينيوم، وتيربيوم، ودسبروزيوم، وهولميوم، وإربيوم، وثوليوم، وإيتربيوم، ولوتيتيوم)، والتي استُمد معظم أسمائها من المناطق التي اكتشف فيها.

وتتسم العناصر الأرضية النادرة REE بخصائص كيميائية وفيزيائية تجعلها مرغوبة ومهمة للعديد من الصناعات التكنولوجية المتطورة، إذ يتمتع بعضها بقدرات فائقة على التوصيل الكهربائي تحت درجات حرارة عالية، وأخرى مقاومة للتآكل وذات صلابة عالية، وهي خصائص تمنحها أهمية خاصة لتصنيع كابلات الألياف الضوئية، وصناعة السيارات الكهربائية، وصناعة توربينات توليد الكهرباء من الرياح، والأقمار الصناعية.

أما على صعيد الاستخدامات العسكرية، فإنها تدخل في تصنيع الكثير من المعدات والتجهيزات العسكرية المتطورة من بينها أجهزة الرؤية الليلية، والصواريخ الموجهة، وأنظمة الرادارات، وتقنيات الاتصالات المتطورة ومعدات الطيران والملاحة الجوية.