رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكراه.. تفاصيل المحادثة الأخيرة التي جمعت خيري شلبي وصديقه إبراهيم اصلان

خيري شلبي
خيري شلبي

تمر اليوم الذكرى العاشرة لرحيل الروائي خيري شلبي، الذي غادر دنيانا في التاسع من سبتمبر 2011، وجمعته صداقة امتدت ما يزيد عن ربع قرن بالأديب إبراهيم  أصلان ، الذى كتب عن تفاصيل محادثة أخيرة جمعته بعم خيري قبل رحيلة بساعات، فقال: “أتخيل أنه من الممكن التحدث عن خيري باعتباره غير موجود في عالمنا، علاقتي به امتدت على مدى نصف قرن، تخللتها، بطبيعة الحال، بعض الفترات من المناكفة، لم تكن تدوم أكثر من أيام، لم ينقطع بيننا التواصل على الإطلاق”.

 

وتابع أصلان: "قبل وفاته مباشرة هاتفني ليسألني عن عنوان الجزء الثالث من «الكوميديا الإلهية» لدانتي لأنه كان يكتب مقالاً عنها لجريدة الوفد، وأخذ يحكي كالعادة حكايات قديمة وجديدة عن المدارس الصحفية، التابعي، روز اليوسف، وصلاح حافظ وآخرين. 

صوته كان نقياً وغير مرهق، السيدة زوجته كانت مذهولة لأنه توفي بعد مهاتفته لي بساعة فقط بينما يحادثها بدون أي مقدمات. ذهبت إلى بيته في الصباح، ودخلت حجرته، احتضنت جسده الذي فارقته الحياة، ولحظتها شعرت أنه سيفيق. أحسست بالانهيار في هذه اللحظة، لم أتصور أن موقفاً كهذا سيكون بهذه القسوة عليّ، وأنا المعتاد على مواقف مشابهة".

وعلى حد تعبير أصلان: "خيري كان يشغل مساحة كبيرة، كان حضوره هائلاً، كاتب على درجة كبيرة من الأهمية. نحن عادة نقف أمام الأعمال ولا نتوقف أمام طبيعة الإنسان الواقف وراءها. كان خيري مستودعاً ضخماً لذكريات وعلاقات وحكايات في مساحات ومناطق لا نعرفها جيداً مثل المغنى والألحان والشعر الشعبي وعوالم الصعاليك. والمبهر تمتعه بذاكرة نادرة لم يؤثر عليها الزمن إلا قليلاً. كان يحفظ دواوين شعرية كاملة لفؤاد حداد وآخرين.

وختم: "أشعر الآن بفداحة فقدان صديق له طابع خاص، فقدان ترك بداخلي فراغاً ليلياً وفراغاً في حياتي نفسها. في الوقت نفسه ثمة خسارة فادحة في رحيل هذا المستودع وهذه الذخيرة من التفاصيل الخفية للحياة الفنية والثقافية التي اختزنها خيري شلبي واختفت برحيله. هذا إحساس لم يصبني مع شخص آخر إلاّ مع كامل زهيري الذي شعرت أيضاً بفقدانه كصديق وبحجم ما فقدته البلد من مساحة جميلة من تاريخها رحلت برحيله.

رحيل هذا النوع النادر من البشر يعطي إحساساً بأن الواقع الذي نعيش فيه ازداد فقراً، لأنهم أخذوا معهم ثروة كبيرة، لن أتكلّم عن خيري شلبي إلاّ باعتباره موجوداً، وسيظل موجوداً.