رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة تكشف عن شبكات الإخوان السرية في أوروبا وسبل محاربتها

الإخوان
الإخوان

كشفت دراسة جديدة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، عن أبرز الإجراءات التي اتخذتها أوروبا لمكافحة خطر تيار الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان، مشددة على أن الجماعة توفر بيئة خصبة للتطرف والعنف، ودائمًا ما تستغل الانترنت لنشر خطاب الكراهية والتشدد الديني. 

كما كشفت الدراسة عن أبرز الشبكات السرية و الواجهات الاقتصادية والمالية التي تتخذها الإخوان كستار وغطاء لها لتعزيز توغلها داخل المجتمعات الأوروبية، وزرع أفكارها المتطرفة، والسيطرة على المراكز الإسلامية والمؤسسات الثقافية في القارة العجوز. 

وأكدت الدراسة أن مساعي الحكومات الأوروبية بإصدار تشريعات وقوانين جديدة للحد من نفوذ الجماعة وفرض رقابة مشددة على أنشطة جماعات الإسلام السياسي المرتبطة بدعم وتمويل الإرهاب لا تزال مستمرة.

ولفتت الدراسة إلى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي تنبهت للمخاطر التي يشكلها تيارات الإسلام السياسي واتخذت تدابير وإجراءات لحظر رموز وشعارات تنظيم الإخوان وتضييق الخناق على أنشطتها؛ بسبب هيمنتها على المؤسسات الفكرية والمنظمات الخيرية وعلى وسائل الإعلام في العديد من دول القارة العجوز، خاصة دول غرب أوروبا. 

الخطوات الأولى من نوعها في محاربة الإسلام السياسي في 2021

ونوهت إلى أنه خلال عام 2021 اتخذت دول أوروبية خطوات تعتبر الأولى من نوعها في حظر الجماعات التي تنتمي لهذا التيار المتطرف، حيث تعد النمسا، على سبيل المثال، أول دولة تحظر تنظيم الإخوان بشكل رسمي في القارة العجوز. 

وأشارت إلى أن مصطلح "الإسلام السياسي" أصبح يستخدم في الوقت الراهن للإشارة إلى التطرف الديني والعنف الإرهابي، رغم أنه نشأ في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين لتوصيف ظاهرة عودة الدين إلى المجال السياسي بهدف إقامة دولة إسلامية أو لتحقيق مفهوم "الخلافة" وفرض "الشريعة".

وتابعت ان الحكومات الأوروبية تتبنى تدابير وعدة معايير لتصنيف منظمات أو إدراج كيانات لها علاقات أو روابط  بتنظيمات الإسلام السياسي على قوائم الإرهاب على أراضيها، كما تعتمد الجهات المعنية داخل الدول الأوروبية على عدة إجراءات لتجفيف منابع تلك المنظمات و تجميد أصولها بسبب مساهمتها أو تورطها في دعم وتمويل الإرهاب.

وبحسب الدراسة، تتأرجح التدابير والإجراءات التي تتخذها اوروبا ضد الكيانات والجماعات الإرهابية بين حظر كلي لأنشطة التنظيمات على أراضيها وحظر الرموز والشعارات ووضع قيود وتشديد المراقبة.

شبكات الإخوان السرية في أوروبا وسبل محاربتها

ووفقا للدراسة، "تعد الشبكات و الواجهات الاقتصادية والمالية المعقدة لجماعة الإخوان و تغلغل هذه الأخيرة داخل المجالس والمراكز الاسلامية في أوروبا،  جزء لا يتجزأ من عملياتها الدولية الرامية إلى نشر أيديولوجيتها المتطرفة" ، مشيرة إلى أن معالجة التهديد الذي تشكله هذه الشبكات السرية يتطلب تعاونا أوروبيا و دوليا من أجل كشفها و تحييدها. 

وأضافت" عملت حركات الإسلام السياسي على التغلغل في الدول الأوروبية من خلال السعي إلى تكوين ثروات بشرية و مادية ، تسمح لها بتنفيذ مشروعها العالمي، و قد بات هذا التيار يتخذ بعض الواجهات التجارية و الثقافية مستغلة بذلك القوانين الأوروبية فيما يتعلق بالحريات الفردية والأنشطة الاقتصادية و الثقافية".

وأوضحت أنه بات هناك حضور آخر لجماعات الإسلام السياسي من جوانب تجارية يعزز تمدده في المجتمعات الأوروبية ، من ذلك ما بات يعرف بـ" تجارة الحلال" .

وقد ذكر تقرير لمجلة" إنسايدر" الأمريكية، في هذا الصدد ، أن قيمة تجارة اللحوم الحلال وحدها قدرت بنحو 2.3 تريليون دولار أمريكي سنوياً، كما يتوقع أن ينمو حجم سوق الأغذية والمشروبات الحلال العالمي ليصل إلى 739.59 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

ووفقاً لتقرير جديد صادر عن شركة (Grand View Research, Inc) تشهد صناعة الأغذية الحلال العالمية نموًا كبيرًا بسبب زيادة أعداد السكان المسلمين، وهو ما يعني زيادة كبيرة في استهلاك المواد الغذائية؛ إذ من المتوقع أن يرتفع إجمالي عدد السكان المسلمين من 23٪ في الوضع الحالي إلى حوالي 30٪ من إجمالي سكان العالم بحلول عام 2030.

و تشمل أهم الاستثمارات الإخوانية في أوروبا، بحسب الدراسة: بنك التقوى الذي أسسه الإخواني يوسف ندا، وبنك أكيدا الدولي، الذي أسسه التنظيم الدولي، وهو متورط في دعم العديد من الجماعات المتطرفة والأصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التي تأسست عام 1997، وشغل منصب مديرها التنفيذي أحمد الراوي عضو المكتب الدولي للجماعة.

كما توجد شركات "الأوف شور" التي تعتبر مؤسّسات مالية خارجية تعمل في جزر قريبة من أوروبا، مثل جزر البهاما وجرسي والكايمان، وترتبط هذه الجزر عن كثب بالعواصم المالية والسياسية الكبرى، وتُعَد ملاذات آمنة لإيداع أموال الأثرياء أو تلك الناتجة عن الفساد والجريمة المنظمة. 

ولفتت الدراسة إلى أن الجماعة نجحت منذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين في بناء هيكل متين من شركات «الأوف شور» بالتوازي مع نمو ظاهرة البنوك الإسلامية، ومن خلال هذا الهيكل تمكنت من إخفاء ونقل الأموال عبر العالم.

وتابعت: تنتشر المؤسسات الإخوانية في أوروبا، منها مؤسسة قرطبة للحوار العربي الأوروبي في بريطانيا، وهي منظمة دعم حقوقي وسياسي، يديرها أنس أسامة التكريتي، مؤسس أغلب المنظمات الإخوانية في بريطانيا، في الفترة من 1997 إلى الآن. 

كذلك توجد منظمة المجلس الإسلامي في بريطانيا، فهي أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان  وبمساعدة شبكة المودودي الباكستانية، ومن الأدوات الإعلامية للإخوان في أوروبا قناة الحوار، وهي إحدى الأدوات الإعلامية المؤثرة لتنظيم الإخوان  في أوروبا، تأسست عام 2006 على يد عدد من قيادات الإخوان، أشهرهم أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة.

سيطرة الإسلام السياسي على المجالس والمراكز في أوروبا 

وبحسب الدراسة، تعتبر أبرز المنظمات التي تنتمي لجماعة الإخوان هي الرابطة الإسلامية في بريطانيا التي أسسها كمال الهلباوي عام 1997، وأيضا المجلس الإسلامي البريطاني الذي أكدت تقارير حكومية في البلد الأوروبي أن له صلات غير معلنة بجماعة الإخوان المسلمين.

أما في النمسا، توجد الهيئة الدينية الإسلامية ، ويعد أنس الشقفة أحد أبرز قياديها وانتخب رئيسا لـ الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا، وتتألف الهيئة من 4 هيئات هي؛ الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا وتخدم مقاطعات فيينا و النمسا المنخفضة و بورغنلاند، والهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في لينز، والهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في بريغنتنر، والهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في جراتس تخدم مقاطعات وشتايرمارك و كيرنتنو.

وبينت الدراسة أن جماعة الإخوان في ألمانيا تعتمد على إطارين للتحرك؛ الأول رسمي عن طريق 3 كيانات إسلامية كبرى، هي المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، والمؤسسة الإسلامية لألمانيا، التي تتحكم في نحو 60 مركزاً إسلامياً، وإطار آخر غير رسمي يتمثل في الأفراد المنتمين للإخوان من خارج الإطار التنظيمي.

وتابعت "تدرك حركات الإسلام السياسي أن السيطرة على أوروبا تكمن في السيطرة على أكبر عدد من المراكز والمجالس الإسلامية الأساسية، و استغلال التحكم في هذه الكيانات يمكنهم من الضغط السياسي على الحكومات والدول الأوروبية على عدة مستويات" 

ونوهت إلى أن سيطرة حركات الإسلام السياسي و خاصة تنظيم الإخوان على المراكز والمجالس الاسلامية أصبحت "خطرا و تهديدا داهما" على اعتبار أن مثل هذه المراكز و المجالس الإسلامية فى أوروبا تملك نفوذا وسلطة على قطاع واسع من الجاليات المسلمة والمجتمعات المحلية المسلمة.

تغلغل الإخوان في فرنسا 

وفقا للدراسة، أعلنت السلطات الفرنسية في 24 يوليو 2021 تنظيم مجموعة من ورش العمل للتصدي لتغلغل أفكار الإسلام السياسي عبر إقامة دورات تدريبية لمدرسي المدارس الإعدادية والثانوية الفرنسية يتولاها 1000) مُدرّب مُختص لى أن تتوسع لاحقاً لتتوجّه لكافة العاملين في قطاع التعليم الإضافة إلى كل مؤسسات الدولة الفرنسية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.

فيما أعربت لجنة برلمانية فرنسية في 9 يوليو 2020 عن قلقها العميق بشأن انتشار الإسلام السياسي في فرنسا، ووصفت  تيار الإسلام السياسي في فرنسا بأنه متعدد الأشكال ويتغلغل في جميع جوانب الحياة الاجتماعية ويميل إلى فرض معيار اجتماعي جديد من خلال استغلال الحرية الفردية “.

-تغلغل الإخوان في ألمانيا 

 كشفت وزارة الداخلية الألمانية في 15 يونيو 2021 عن تشكيل لجنة  مختصة  بوضع توصيات حول كيفية التعامل مع تيارات الإسلام السياسي وردعها في البلاد باعتبارها تهديدًا لقيم المجتمع الألماني ومحاربة الأيدلوجيات المتطرفة، يتولى اللجنة خبراء مختصون وتشمل علماء دين واجتماع وباحثين في قضايا الاندماج وممثلين من مكاتب كل من الشرطة الجنائية الفيدرالية والمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.

الإخوان في النمسا 

ذكرت الدراسة،  الحكومة  النمساوية وضعت في مايو 2021 “خريطة الإسلام السياسي” بالتعاون مع جامعة فيينا ومركز توثيق الإسلام السياسي،لتحديد مواقع حوالي (600) من المساجد و مؤسسات  وجمعيات خيرية وقيادات الإسلام السياسي وتحديد روابطهم داخل البلاد. 

الإسلام السياسي في بلجيكا 

حذرت الاستخبارات البلجيكية في 4 يوليو2020، من تهديدات تيارات الإسلام السياسي، َوأكدت أن التطرف الديني وبشكل خاص الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، يمثلون التهديد الأول بالنسبة للبلاد، وكشفت عن المخططات الإخوانية للتغلغل داخل الأحزاب السياسية البلجيكية.

وبحسب الدراسة، تم تأسيس حزب ” Nyans” في أغسطس 2019 على يد ” ميكاييل يوكسيل ” السياسي السويدي ذي الإصول التركية، “يوكسيل” كان عضوا سابق في حزب الوسط السويدي الليبرالي وتم إرغامه على الاستقالة على خلفية تعاونه مع  تيارات الإسلام السياسي والأحزاب الموالية لها. 

 وهناك أحزاب أخرى في السويد تتبع نفس سياسة حزب ” Nyans” كحزب “Jasin” الذي أعلن بصراحة عن نيته اتباع الشريعة الإسلامية. 

كما شهدت السويد أيضا جهودا سياسية من قبل الإسلاميين في خلال اتفاق عام 1999 بين حركة “الإيمان والتضامن” (“Tro & Solidaritet”) الديمقراطية الاشتراكية و”المجلس الإسلامي السويدي” (“Sveriges Muslimska Råd”)، الذي اعتبر مراقبون أنه تابع لجماعة “الإخوان”.