رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أمازون» فى مصر.. هل هناك فوائد اقتصادية؟

تحولت شركة سوق دوت كوم إلى شركة أمازون، وتم افتتاحها فى ٣١ من شهر أغسطس الماضى فى مصر، وبذلك يعد الفرع الأول لشركة أمازون فى إفريقيا والثالث فى الشرق الأوسط بعد السعودية والإمارات.

وقد بلغ حجم سوق التجارة الإلكترونية فى سوق الشرق الأوسط ١٧ مليار دولار فى عام ٢٠٢٠، مع توقعات بارتفاع حجم السوق إلى نحو ٢٧ مليار دولار فى عام ٢٠٢٥، وفقًا لما أشارت له شركة «Statista» المتخصصة فى الإحصائيات.

وتعد أمازون من أهم خمس شركات فى العالم فى هذا المجال، وتبلغ قيمة استثماراتها فى مصر نحو مليار دولار. 

هذه الخطوة ستعزز من جذب استثمارات ضخمة فى مجال التجارة الإلكترونية فى مصر، حيث تمثل نسبة التجارة الإلكترونية فى مصر من ٢٥٪ إلى ٣٠٪ من إجمالى حجم التجارة الداخلية- التى ساهمت بخمس الناتج المحلى الإجمالى عام٢٠٢٠- مما يعنى أن ما يقرب من ثلث التجارة المصرية الداخلية يتم عبر شبكات الإنترنت، وهذه النسبة تشمل فقط التعاملات الرسمية التى يتم حسابها وفقًا لبيانات عمليات الكروت، والمحافظ البنكية، والبطاقات المصرفية. وهناك معاملات تجارية أخرى، غير رسمية، تتم من خلال عدد كبير من الصفحات على مختلف منصات التواصل الاجتماعى متخصصة فى عمليات البيع والشراء، والتى فى حال خضوعها إلى آليات تمكن من معرفتها، فقد يصل حجم التجارة الإلكترونية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة الحالية، وهذا الوضع يحتم أن تقوم الدولة بعمل خطط لتطوير الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية عبر آليات وقوانين واضحة تسهم فى ضمان الحقوق، سواء للمستهلك أو البائع، وحتى الدولة، التى تستطيع هى أيضًا من خلال ذلك تحصيل ضرائب، انطلاقًا من أن «الدخل خاضع للضريبة». 

وقد توقع البعض بعد افتتاح فرع شركة أمازون فى مصر حدوث نقص من حركة البيع والشراء للمنتجات المصرية، متسائلين فى هذا الصدد؛ هل المنتج المصرى قادر على استيعاب هذه الخطوة؟ وهل أمازون كمنصة سوف ستعرض منتجات مصرية أم أن أغلب المنتجات ستكون مستوردة؟ وهذا القلق تعبير عن خوف من أن يحدث تأثر فى الميزان التجارى بالسلب. بالطبع هذه مخاوف يمكن تفهمها، فى ظل عشوائية السوق وسيادة ثقافة «الفهلوة» لدى بعض التجار المصريين، لكنى أرى أنها فرصة جيدة لإحداث نوع من الضبط لبعض المنتجين فى مصر، فى إطار الدعم المُقدم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ سعيًا لتطوير المنتجات المصرية، وانطلاقًا أيضًا من مبدأ أن الاستهلاك يحفز الإنتاج، ودخول أمازون إلى السوق المصرية بهذه القوة، قد يحدث تحسنًا كبيرًا فى جودة المنتج المحلى، وتحديًدا فى ظل المنافسة مع منتجات عالمية تخضع لمعايير واضحة، مما قد يساعد على حدوث طفرة فى المنتجات المصرية كمقدمة لتسويقها فى كثير من أنحاء إفريقيا والعالم عبر أمازون. وهذا سيساهم بشكل أو بآخر فى تحويل الاقتصاد غير الرسمى إلى اقتصاد رسمى. أود فى هذا السياق الإشارة إلى أنه فى حالة دمج الاقتصاد غير الرسمى، الذى يمثل أكثر من ٥٠٪ من مجمل الاقتصاد الوطنى، ويصل حجمه إلى ٣ تريليونات جنيه، ويضم نحو ٤ ملايين عامل، فإنه من المتوقع تحقيق إيرادات للموازنة العامة تتجاوز ٥٠٠ مليار جنيه.

تتيح أمازون للتاجر المصرى الارتقاء بمنتجه أيضًا؛ إذ تعفيه من تكلفة المخازن، لامتلاكها مجموعة من شبكات التخزين عالية الجودة، لا سيما أنها بدأت بالفعل فى التطوير والاستثمار لقاعدة مخازنها فى مصر، كما تقدم خدمة شحن ممتازة، وبالتالى تُعفى أيضًا البائع من تحمل هذه الخطوة بأكملها، لذا يُتوقع أن دخولها فى السوق المصرية سوف يمثل فرصة للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وحتى ربات البيوت للتعامل معها، وهو ما يحدث تنوعًا فى المنتجات المعروضة، وهو فى نهاية المطاف سيعود بالفائدة على الدخل القومى، ومن ناحية أخرى لوجود أمازون سوف تتحقق نتائج إيجابية فيما يخص مشكلة البطالة، لأن وجودها سيشجع الشباب على إنشاء شركات ودخول عالم الاستثمار، وبالتالى تقليل معدلات الفقر. كما أن الشركة توفر ما يزيد على ٣٠٠٠ وظيفة، وتمتلك أكثر من ١٥ محطة توصيل على مستوى الجمهورية، وبالطبع ستساعد البنية التحتية الحديثة فى مصر على سهولة حركة المنتجات. فى النهاية يمكن القول إن النمط القديم السائد فى التجارة قد يشهد تغييرًا من خلال تعزيز روح المنافسة والابتكار، وهو ما يصب فى النهاية فى مصلحة المستهلك والتاجر واقتصاد الدولة.