رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آراء 4 مبدعين في كتابة «أدب الطفل»: لا تتناسب حالياً مع «تطور الصغار»

أدب الأطفال
أدب الأطفال

 يتميز أدب الطفل عن أدب الكبار بخصائص تتناسب وعقل الطفل بعيدا عن الحشو والتلقين، إنه نوع يساهم في تنمية المهارات اللغوية عن طريق استخدام لغة سهلة بسيطة ليس فيها إطناب ولا تقعر، تعابير واضحة لا تحمل أكثر من معنى، فرموز أدب الطفل لا ينبغي أن ترهق القدرة العقلية للطفل وتكلفه جهدا يفوق إمكاناته المتواضعة.

 حول الكتابة للأطفال والتحديات التي تواجهها الــ"الدستور" استطلعت رأي عدد من الكتاب الذين خاضوا تجربة كتابة أدب الطفل، والتي نقدمها إليكم في هذا التقرير.

بداية تقول الكاتبة صفاء عبد المنعم: الكتابة للطفل أمر شائك ومهم وضروري فى نفس الوقت، خصوصا بعد ظهور التطور التكنولوجي ، فلم يعد الأب أو الأم تشتري لابنها كتاب مكافأة له على النجاح، وللتسلية فى العطلة الرسمية، أجازة الصيف مثلا. وطوال الوقت الطفل فى يده جهاز صغير يرى منه العالم الآن.

الكاتبة صفاء عبد المنعم
الكاتبة صفاء عبد المنعم

وأوضحت "عبد المنعم": فلابد من ملاحقة التطور التكنولوجي أولا. ثانياً: ماذا يشاهد الطفل، يشاهد كل ما هو جاذب للنظر، ويبحث دائما عن الغرائب، لأن خيال طفل خصب ولم يمتلئ بعد. مشكلة الكتابة للطفل يعتقد البعض خطأ أن الكتابة للطفل أمر سهل وبسيط، وأى كاتب يمكنه كتابة قصة للأطفال. بالإضافة أنه يتم التعامل مع كاتب الأطفال أنه بيكتب كتابة سهلة لا ترقى لمستوى الرواية أو الشعر، وهذا خطأ فادح .فى الغرب يكتب للأطفال كبار الكتاب.الجوائز هى كارثة من نوع أخر حيث أنها تسيد نمط كتابه بعينه ولا تسمع لاتساع الأفق للخيال، عكس مثلا الحكايات الشعبية القديمة.هناك تسيد لنمط كتابه محدد، حتى يتم طبع الكتاب هناك دور نشر تحدد لك إطار الكتابة للطفل للأسف. ومن يحاول أن يكتب كاتبة مغايرة ومختلفة وبها بعض المغامرات يجد صعوبة شديدة للنشر.

ومن جانبها قالت كاتبة الأطفال هديل غنيم: الكتابة للطفل صعبة لأن الأطفال لا تجامل.على الكتابة أن تكون مسلية وممتعة ومفهومة، وفوق ذلك نريد أن تحمل مغزى ومعنى أو معرفة جديدة.

وحول مستوى الأدب المكتوب للطفل في مصر، تابعت "غنيم": أعتقد إنه يتطور، وهناك مستويات متفاوتة من الجودة، ولكننا ننشر أقل بكثير من المطلوب لكل فئة عمرية من حيث العدد ومن حيث التنوع.

وعن الكتابة للطفل في العالم العربي بالنسبة بالنسبة لمثيلاتها في بقية العالم .

131342411_10165446213350046_3883848535467397727_n
هديل غنيم

واستطردت : أظن أن العولمة الثقافية والاقتصادية جعلت كتب الأطفال باللغة الإنجليزية أكثر انتشاراً من الكتب العربية خاصة وأنها تشتهر من خلال أفلام السينما وبرامج التلفزيون التي يستهلكها الأطفال في العالم العربي. هذا يمثل تحدياً أمام أدب الأطفال العربي الذي يحتاج أيضاً إلى ذراع إعلامية وإنتاج سينمائي وتلفزيوني يتلاقح معه وينمي جمهوره.

وحول المعايير الواجب الحرص عليها عند الكتابة للطفل أضافت هديل غنيم: هناك معايير ظاهرية مثل مراعاة الفئة العمرية في اختيار الموضوع والنغمة العامة للنص، والقدرة اللغوية على استيعاب معاني الكلمات ومستوى القرائية. وهناك معايير أقل وضوحاً وهي في روح الكتابة نفسها، وما تبعثه في خيال الطفل، بحيث تشعره انه ينتقل بالفعل في عالم مختلف وكأنه من صنع الأطفال.

وحول تجربتها في الكتابة للأطفال قالت "غنيم": بالنسبة لتجربتي الخاصة في الكتابة للطفل، فإن كل قصة وكل كتاب يمثل تجربة خاصة مستقلة بذاتها. ولا زلت أجرب طرق مختلفة في الحكي، ولا أكتب إلا لو شعرت بحماس نحو فكرة ظريفة أو موضوع جديد. ولا أضع نفسي في موضع كبيرة تكتب للصغار، بل كبيرة تلعب مع الأطفال وتذهب في رحلة إلى عالمهم.  

ومن جانبها، قالت الكاتبة العراقية سعاد العنابي، عن موقع الكتابة للطفل في العالم العربي من مثيلاتها في بقية العالم: لم نصل بعد للحدّ الذي يجعلنا منافسة بقية العالم في هذا المجال طالما نحن متمسكين بآلية التلقين وإلغاء عقلية الطفل في التحاور وعدم إعطائه المجال لإبداء ما يجول في خاطره والحدّ من خياله.

 

119734958_331171888327652_2339253058754674035_n
الكاتبة العراقية سعاد العنابي

انتهى عصر التلقين في أوروبا فأصبح الأطفال يشاركون في صنع ثقافتهم، لأن هناك من ينصت إليهم وليس من ينهرهم واسكاتهم، ولن نتقدم إلا بعد تحرير أذهاننا من الخوف لنتمكن بعدها من تحرير عقلية الطفل وإطلاق فرس خياله ليصهل بكل ما لديه من طاقة إبداعية لتخرج إلى النور. لنكفّ عن محاولاتنا من جعل أطفالنا نسخا منّا. لا حاجة لنا من نسخ مكررة بل إلى صنع جيل جديد يسمو بنا، ولنلحق بركب التطور ولنكون ندِّا في منافسة العالم. 

2014-635548586777914075-791_main
الشاعر أحمد فضل شبلول

وبدوره قال الشاعر أحمد فضل شبلول: من خلال عملي السابق في مجلة "العربي الصغير" بالكويت، ومن خلال متابعتي لما ينشر من شعر للأطفال في بعض مجلاتنا الموجهة إليهم في مصر وخارجها، أكاد أشعر بنوع من الاستسهال والكتابة النمطية للأطفال، فضلًا عن الموضوعات الجاهزة، والتي يتم تناقلها في عشرات القصائد دون إضافة رؤية جديدة ودون وعي وإدراك بأن طفل اليوم الذي يتعامل الآن مع شبكة الإنترنت والأجهزة الحديثة ومنها التليفون الذكي وخلافه، يختلف كثيرًا عن الطفل ما قبل عشر سنوات، وعن طفل القرن الماضي اختلافًا بينًا.

 

وعن صعوبات الكتاب للطفل أوضح: ومن هنا تأتي صعوبة الكتابة للأطفال، أنا لا أكتب ذاتي أثناء الكتابة للأطفال، وإنما أكتب عن ذوات أخرى تتدرج في السن وفي الأحاسيس والمشاعر والانفعالات، فضلا عن كيفية استقبالهم للعالم الخارجي، أو العالم خارج تلك الذات الصغيرة، سواء في المنزل أو مع الجيران والأصدقاء أو في المدرسة والنادي أو في جماعة اللعب... الخ. وأنا ضد مقولة أن الكاتب حينما يكتب للطفل فإنما يخاطب الطفل الذي بداخله. أعتقد أنها مقولة خاطئة، لأن الطفل الذي بداخل الكاتب قد يعود إلى ثلاثين أو أربعين سنة على الأقل.