رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الأدب العالمي

المرأة التي تصل في السادسة.. قصة «ماركيز» عن احترام الجسد

ماركيز
ماركيز

المرأة التي تصل في السادسة، هي إحدى القصص البديعة للكاتب الكولومبي القدير جابريل غارسيا ماركيز، وفي هذه القصة تخلى ماركيز عن فكرة البطل الواحد الذى تدور أحداث القصة في رأسه، فيأخذك إلى عوالمه الخاصة والتي تكون غالبا متأرجحة بين الحياة والموت.

في قصة المرأة التي تصل في السادسة لم يكن الحوار ذاتيا بل كان حوارا ثنائيا بين امرأة ساقطة حزينة سماها بالملكة وبين رجل  بدين طيب القلب يدعى خوسية يعمل نادلا أو مالكا  لكازينو ليلى، يقدم لها شريحة اللحم الطازجة التى يقدمها لها  منذ ثلاثة شهور دون أن يتقاضى أجرا.

كان الحوار فلسفيا إلى أبعد حد، وفي الوقت نفسه كان بسيطا يتناسب وبطلى الحكاية، كما يبين قدرة ماركيز على المزج بين الحوار الفلسفة وثقافة الشخصية التي يقدمها، أعرب خوسية عن حبه لملكته وأخبرها أنه يغار عليها وأنه يود قتل كل رجل تذهب معه في كل ليلة لتمنحه جسدها، وهنا نصل إلى ذروة المشهد بين خوسية ومحبوبته، التي تتنهد وتقول له  لن تضطر إلى قتل أحد يا خوسية ولكنك ستساعدني إذا ما قتلت أحد هؤلاء الرجال الذين أعطيتهم جسدي كي يعبثون به في مشاهد قذرة سئمتها وأريد التخلص منها، لم يفهم خوسيه ماذا تقصد ملكته وبدأ يعد شريحة اللحم، فقالت بغضب مستتر: أنا هنا يا خوسية منذ الخامسة والنصف، فقال: بل جئت في السادسة كما تجيئين كل يوم، فقالت له: أنت مصدق لدى الشرطة إن كنت تحبنى حقا أريد ان تقول لقد جاءت فى الخامسة والنصف، على وعد بانى سأرحل إلى بلد ليس فيه رجال يريدون نهش جسدى، كما أننى لن أحبك يا خوسيه ولو أعطيتنى 
مليون بيزو.

وهنا لم يوضح لنا ماركيز لماذا ترفض حبه وهو الطيب الذي لم يطلب منها نزوة ولا ثمن قطع اللحم، ربما لأنه رجل ضعيف أو لعلة أخرى.

لم يكن خوسية يعرف مقصد حبيبته ولم يوضح لنا ماركيز لماذا أرادت المرأة أن يكذب خوسية في موعد وصولها إلى الكازينو، ليترك لنا النهاية مفتوحة، حتى نتخيل أن المرأة قتلت الرجل الذي اغتصب جسدها بالفعل وأن فرق التوقيت كفيل بأن يمنحها البراءة.