رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمراض عضوية ومشكلات نفسية.. فاتورة فحوصات ما قبل الزواج «المضروبة»

فحوصات ما قبل الزواج
فحوصات ما قبل الزواج

فحوصات ما قبل الزواج لم تعد اختيارية، فقد أقرها البرلمان المصري عام  ٢٠٠٨  كشرط إجباري لإتمام الزواج، 8، حيث أضاف المادة رقم "31 مكرر" إلى "القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية"، التي تنص على أنه "لا يجوز توثيق عقد الزواج إلا لمَن يبلغ من الجنسين سن الـ18، ويُشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوِّهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما أو على الزواج وللتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة كلٍّ منهما أو صحته، أو على صحة نسلهما"، ورغم هذا لا تتم الفحوصات بشكل سليم يحمي النسل من الأمراض الچينية والوراثية وهو ما حدث مع " سارة. ف" صاحبة الثلاثين عاما.

 

تروي أنها تزوجت ابن عمتها الذي كان يعاني من مرض "الصرع"، وحصلوا  قبل الزواج على "ورقتين" تؤكد خلونا من أي أمراض وراثية، وللأسف كانت الورقتان مجرد حبر على ورق لإتمام إجراءات الزواج، لم نُجرِ أي فحوصات، كنا أشبه بـ ساعي بريد حمل الورقتين إلى المأذون لإتمام إجراءات الزواج، الذي أثمر عن أربعة أطفال، ثلاثة منهم يعانون أمراضًا وراثية، فـ"غريب" مصاب بـ"تأخر عقلي"، و"محمد" مريض بـ"التوحد"، أما "محمود" فيعاني من "كهرباء زائدة في المخ"، وثلاثتهم يعاني حاليًا من عدم القدرة على الانضمام لأحد المدارس الفكرية لتكلفتها العالية التي لا تستطيع الأسرة تحملها .

لكنها تذكر أنها لا تُهمل في رعاية الأبناء، بل  على العكس تتردد بهم في جلسات منتظمة على مركز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة"، وهو مركز حكومي يتبع كلية الدراسات العليا بجامعة عين شمس، بغرض التأهيل وتحسين السلوك مع زيادة قدرات الفهم والتواصل .

الأسرة لا تعتقد رغم عطب الحالة العقلية والبدنية لثلاثة أشقاء، أن السبب هُو التهاون في فحوصات ما قبل الزواج بشكل مدقق، فتذكر أنه لو هذا تفسير صحيح كان أصيب اسلام صاحب الخمس سنوات بمرض هو الآخر، لكن على العكس هو يتمتع بصحة جيدة.


ـ أستاذ صحة عامة: الأمراض المناعية المميتة  تصيب الأطفال بسبب عدم جدية الفحص 


ويشير "محمد الديداموني"، أستاذ الصحة العامة بجامعة المنيا، أن مصر لازالت من البلدان التي تعتبر فحوصات ما قبل الزواج إجبارية، إلا أنه رغم إقرارها في مصر إلا أن جميعها صورية وعلى ذلك أن يتغير لأهميتها في الاكتشاف المبكر للأمراض وعلاجها، والحد من الأمراض الوراثية من أجل إنقاذ الأجيال القادمة من الأخطار الصحية التي قد يكون سببها مرضًا وراثيًّا مصدره الأب أو الأم، وتقديم الإرشادات والنصائح الطبية والنفسية للتثقيف الصحي لراغبي الزواج، وتسجيل البيانات الناتجة وتحليلها إحصائيًّا؛ بهدف الخروج منها بنتائج ودراسات تفيد الأجيال المتتالية.


ويذكر أستاذ الصحة العامة أنها تفيد على مستويين، أولًا لتجنب بعض الأمراض، ثاني الحد من تخليق أمراض ذات شفرات جينية جديدة تؤذي البنيان الوراثي في المجمتع كله.


ويضرب "الديداموني" أمثلة لأمراض وراثية التي يمكن تجنُّبها إذا تم الفحص بشكل جدي مثل الأنيميا المنجلية، وهي نوع من الأنيميا الوراثية التي تشكل الإصابة بها خطرًا على الأجيال القادمة، وتنتج هذه الأنيميا عن تغيُّر شكل خلية الدم الحمراء بحيث تصبح جامدةً ولزجةً وهلاليةً وغير منتظمة الشكل، وتؤدي إلى فقر الدم المزمن وتأخُّر النمو وعدم القدرة على مزاولة الأنشطة، وألم حاد في المفاصل والعظام، وقد يحدث انسداد في الشعيرات الدموية المغذية للمخ والرئتين، وتآكل في العظام خاصةً الركبتين والحوض، وتضخم الطحال بصورة تُفقده وظيفته، وقد تحدث أزمات مفاجئة نتيجة تكسُّر خلايا الدم، ويحدث اصفرار وانخفاض في نسبة الهيموجلوبين إلى الحد الذي يستدعي نقل الدم،وخب اصبحت منتظرة في مستشفيات الاطفال كثيرًا دون ادراك السبب الرئيسي ورائها.

واستكمل أن الفحوصات في الأمراض السابقة قد تُظهر أن الشخص سليم وأن بإمكانه الزواج من شخص مصاب أو حامل للمرض أو سليم مثله، أو أن يكون الشخص حاملًا لصفة المرض، وبالتالي يكون من الخطر زواجه من شخص مصاب أو حامل للمرض مثله؛ لأن ذلك يعني وجود احتمالات لإنجاب أطفال مرضى، أما الاحتمال الثالث فيتمثل في أن يكون الشخص مريضًا وتظهر عليه الأعراض، وهذا الشخص ليس أمامه إلا خيار واحد وهو الزواج من شخص سليم".


ـ خبيرة أسرية: الأمر معقد والفحوصات النفسية جزء من الحل

وقالت الدكتورة سامية خضر، الخبيرة الأسرية، إن تغافل الفحوصات النفسية التي تجري في مرحلة ما قبل الزواج ليست المشكلة الوحيدة أو المتسبب الرئيسي في زيادة عدد الجرائم الزوجية وظهور حالات  العنف الأسري ولكنها جزء من منظومة متكاملة تسببت فيها بعض العناصر.

ولفتت إلى أن وجود الجرائم الزوجية وحالات الطلاق يعود إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي بدون أي ضوابط حتى الآن، فجميع أفراد الأسرة مسموح لهم بالدخول إلى مواقع السوشيال ميديا والتعرض لمحتويات غير مناسبة في بعض الأحيان، وهو ما يجعل الرغبة في الطلاق تتزايد عند الطرفين بعد اعتقادهم الخاطئ بأن هناك معايير مثالية للحياة الزوجية.

وتطالب "خضر" بضرورة إصدار قانون الفحص النفسي بالتوازي مع الفحص الجسدي، وألا يكون مجرد قانون على الورق فقط وإنما يجري تفعيله على أرض الواقع، فالأمراض النفسية التي لا يفصح عنها الأزواج قد تؤدي في النهاية إلى جرائم بشعة لا يمكن تخيلها في حالة إغفالها وعدم محاولة علاجها قبل فوات الأوان.