رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الادب العالمى

«الإلهي والبشري».. قصة تولستوي التي تكشف الوجوه الخفية للسياسة

تولستوى
تولستوى

«الإلهي والبشري» إحدى روايات تولستوي القصيرة، أو هى إحدى قصص  تولستوي الطويلة، وهى تؤرخ لأحداث الثورة الروسية التى حدثت فى نهاية القرن الثامن عشر، والتي قتل فيها الأمير كراتبوكين على أيدى الثوار، وكذلك الجنرال ميتزتتشوف قائد الشرطة السياسية فى نفس العام، ثم قتل الإسكندر الثاني عام 1881.

برع تولستوي في رصد أحداث تاريخية فى روسيا من خلال مؤلفاته، بطريقة أدبية شيقة تخدم فكرته وانتصارة لوجهة نظره التي تنتمي إلى الحرية والعدالة الاجتماعية،  يبدأ تولستوي قصته الإلهي والبشري من الجنرال حاكم المنطقة الجنوبية، وهو يقلب فى أوراق السجين السياسي المتمرد أناتول سيفتلوجوب، المحكوم عليه بالإعدام، وبالمناسبة هو اسم البطل الحقيقى، ولم يكن اسما مستعارً.

وأناتول سيفتلوجوب، شاب ثري انتمى للفقراء ضد الحكومة الروسية في نهاية القرن الثامن عشر، وأعدم عام 1879، ثم ينتقل بنا تولستوي إلى هذا الشاب داخل محبسه الانفرادي في انتظار الموت، لم يظهر لنا تولستوي فى قصته أناتول فى ثوب القوي الذي  لم يكن يهاب الموت كنوع من فرد العضلات وإظهار قوة بطله، بل جعله إنسانا عاديا، تارة يكون فخورا بما صنع، وتاره يفكر فى حياته الرغدة التى تركها من أجل العامة.

والدة أناتول وزعيم الثوريين

ينتقل بنا تولستوى إلى والدة أناتول سيفتلوجوب وهي غاضبة، وتنكر وجود الله لأنه لم ينصف ابنها، ثم يعود بنا إلى أناتول وهو يرسل آخر رسالة لأمه والتي يقول لها فيها أن كل شىء مقدر، ثم يرصد لنا تولستوي المشهد الأخير فى حياة أناتول سيفتلوجوب حيث تنفيذ حكم الإعدام لينتهي كل شيء، فتظن أن القصة قد انتهت بنهاية البطل، لكن تولستوي يدخل بنا إلى شخصية جديدة لتكون محور الأحداث.

الشيخ السجين

السجين ميجينتيسكى زعيم الثوريين، وهو نفس الشخص الذى لامته والدة أناتول سيفتلوجوب، واعتبرته شيطانا لعب برأس ابنها فسلم عنقه للمشنقة، وبالتوازي مع ميجينتيسكي يظهر لنا فى السجن الرجل الطيب الذى لقبه تولستوي بالشيخ ولم يذكر اسمه، وهو يمثل دور الحمل الوديع الذي يؤمن أن الحياة لا تستحق هذا الصراع بين السلطة والثوريين، لذا لا تعرف لماذا دخل هذا الرجل السجن، وهو لا يؤمن بالمقاومة، ويعتقد أن السعادة الحقيقية تكمن فى الموت الذي يعد حياة أطول فى الجنة.

لم يكن ميجينتيسكي الثوري على وفاق مع الشيخ الذي يموت مبتسما فى محبسه، وبعد سنوات من حبس ميجينتيسكي يلتقي بأربعة ثوريين، فيسعد بلقائهم ظنًا منه أنهم حُبسوا لأنهم عزموا على استكمال مسيرته دون خوف  إلا أنه فوجيء باحتقارهم له، وبهذا الرعيل الأول، فما كان له إلا أن شنق نفسه فى زنزانته.