رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أصبحت عند الناس معززا لأنه ذكر اسمى».. يحيى حقى يروى أسرار نجيب محفوظ

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

أهدى نجيب محفوظ جائزة نوبل لأستاذه يحيي حقي، وفي حوار أجراه معه نبيل أباظة لجريدة مايو عام 1988 قال يحيي حقي عن ذكرياته مع محفوظ: "نجيب محفوظ شخصية فذة لا مثيل لها بين الناس، وليس بين الناس أحد يماثله، وأنا أعجب له أشد الإعجاب فهو مع تحفظه الشديد سمح جدا، وجاد جدا في كتاباته، فكه كل الفكاهة في ندواته، ويضحك بانشراح قلب وضحكاته بعيدة عن السخرية، وهو يعرف كيف ينتقي ويختار أصدقاءه ولهم عنده رججات، بريمو وسكندو وترسو زي السكة الحديدة بتاعة زمان، والصداقة التي بيني نجيب محفوظ منشؤها هو اشتراكنا في تقديس الفن، وبيننا صلة روحية عميقة جدا، وأنا أعتز بهذا أشط الإعتزاز، وعندما أعلن فوزه بجائزة نوبل لم تسعني الفرحة، وشعرت أنه ليس نجيب محفوظ فقط الذي فاز بل الأمة العربية كلها.

يكمل: “أنا عادة أخرج مع زوجتي لشراء حاجيات المنزل، وهذه الأيام لم أدخل محل بقالة أو جزارة إلا وأجد أصحابها وجوههم مبتهجة وفي غاية السعادة وبعضهم يناديني اعتبارا أنني ولي العهد وأصبحت عندهم معززا مرتين، لمعرفتهم الشخصية بي كزبون ومرة أخرى لأن اسمي جاء على لسان نجيب محفوظ.

حكايتي مع محفوظ بدأت عندما تزاملنا في المجلة الجديدة التي كان يصدرها سلامة موسى ونشر من خلالها قصة نجيب محفوظ "عبث الأقدار"، ثم بعدها مباشرة نشرت قصتي"البوسطجي"، فالزمالة في حضن سلامة موسى وفي باطن مجلة ثقافية، ثم مرت الأيام وأصبحت مديرا لمصلحة الفنون وكان نجيب محفوظ يعمل في وزارة الأوقاف، فطلبت تعيينه مديرا للمكتب الفني وقلت له إننا نريد منك أن تجلس وتتأمل وتفكر فقط، ومن يومها استمرت الصداقة بيننا.

يواصل: "دخلت في مرة على نجيب محفوظ فإذا بي أجده واقفا وكانت يداه تشداه للسماء، ورأسه مرفوعة وعيناه إلى أعلى، في حالة استغراق، كان في حالة هندسة للعقل، وكان وقتها يكتب قصة "اللص والكلاب"، كانت الفكرة قد اختمرت في ذهنه والعوامل كلها اجتمعت في يده، ولكن كان يفكر كيف يهندس العمل من حيث الشكل، ثم كانت هناك لحظة أخرى وهي لحظة أسميها العجن، عندما يكون الكل في الجزء والجزء في الكل، وهذه هي المراحل التي يمر بها نجيب محفوظ في الإبداع.

وعن ملاحظاته على الثلاثية قال يحيي حقي: "كتبتها حبا في نجيب محفوظ والفن ووصفتها بانها بناء معماري متشابك طوبة فوق طوبة، حتى يكون البناء منتظما تشعر فيه بحالة الاستاتيكية وبطء النمو الدرامي وهناك رد على ذلك بأن الرواية هي رواية أجيال أما رواية اللص والكلاب فقد وصفتها بأنها ديناميكية يعني دراماتيكية وتتسم بالزوبعة والدراما العنيفة.