رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أعداء المواطن والمسئول

 

منذ ما يقرب من أربع سنوات، حدثت ثورة شاملة فى أماكن خدمة المواطنين، بدا الأمر وكأن يدًا سحرية تدخلت لتبدل حال هذه الأماكن، أصبحت أماكن مكيفة الهواء، مبانيها حديثة، المواطن يحصل على رقم يسجل موعد حضوره ودوره فى تلقى الخدمة، أصبح دخول مبنى للجوازات أو للشهر العقارى لا يختلف عن دخول بنك خاص، من حيث المعاملة، وتنظيم الدور.. إلخ، الأمور نسبية بالطبع، وقد تكون هناك أماكن لم تطلها يد التطوير بعد، لكننى متأكد أن هذا سيحدث.. وفق خطة موضوعة بالفعل.. كالعادة لم يغط الإعلام هذا التطوير بشكل مكثف أو متكامل، ربما بسبب الانشغال بالمواجهات الحادة مع القوى المعادية، لكن هذا ليس هو الموضوع.. الفكرة أننى من الذين يعتقدون أن الرئيس السيسى وضع رؤية شاملة لإصلاح أخطاء الماضى، وأنه يعرف الأخطاء التى وقعت فيها الدولة كما يعرف كف يده.. أكبر هذه الأخطاء كان عدم كبح جماح الموظف المصرى.. لدينا ستة ملايين موظف مصرى، منهم الأهل والأقارب، والجيران، ومنهم نماذج تستحق الإعدام بتهمة خيانة هذا الوطن.. أحد أهم أسباب انفجار غضب الناس فى يناير ٢٠١١ كان العذاب الذى يواجهه المواطن فى أماكن الخدمة، الأماكن نفسها لم تكن مجهزة، وكان هذا جزءًا من المشكلة، الجزء الثانى كان يتعلق بمعاملة الموظفين للمواطنين.. هذه المعاملة كانت مزيجًا من الابتزاز، والسادية، والإحساس المركب بالنقص، بعض الموظفين كان يعتبر المواطن مسئولًا عن عدم تحقيقه أحلامه مثلًا، أو عدم ترقيه، أو أى مشكلة يعانى منها، فيخرج عُقد نقصه فى المواطن، كان يتعنت فى قضاء مصالحه، أو يُسىء معاملته، أو يتحدث معه بتعالٍ، هذا الموظف المريض يتسبب فى سخط المواطن على الدولة كلها، وعلى رموزها السياسية، إن هذا الموظف بالنسبة للمواطن هو الدولة، الفرصة لا تتاح لهذا المواطن أن يقابل المحافظ، أو رئيس الوزراء، أو سيادة الرئيس، إنه لا يعرف سوى هذا الموظف الذى يعذبه، أو يضغط عليه، أو يبتزه، لذلك هو يكرهه، ويكره الدولة من خلاله، هذا المواطن قد يلتزم الصمت حتى تنقضى مصلحته، لكنه بداخله يختزن شعورًا عميقًا بالكراهية، والغضب، والمظلومية، سيأتى من يستغله يومًا ما.. وهكذا قد تجد رئيس الدولة يصل الليل بالنهار فى عمل متصل، ويعامل الناس بمنتهى الأدب، لكن يأتى موظف عديم الأخلاق لينقل صورة أخرى للمواطن.. هذا الموظف الجاهل بالقانون، قد تجده موجودًا فى كل وزارة، أو مؤسسة، أو شركة.. وهو قد يكون حالة واحدة، أو حالة نادرة، لكنه يسىء للجهة التى يعمل بها، ويزرع فى نفوس من يتعامل معهم السخط، والإحساس بأن هناك شيئًا خطأ.. لا شك أن الدولة فى عهد الرئيس السيسى قد غيرت كثيرًا مما كان يحدث، وفرضت قوانين وقواعد مختلفة لتطهير الجهاز البيروقراطى، وصاغت علاقة أخرى مع المواطن تقوم على تلافى أسباب السخط وتقديم خدمة جيدة فى المصالح الحكومية، لكن بعض الموظفين هنا أو هناك ما زالوا يسيئون لهذا الجهد الكبير.. هؤلاء يجب عقابهم بشدة، والضرب على أيديهم، لأنهم يهدرون مجهودًا عظيمًا تم فى التطوير، ويفسدون العلاقة بين المواطن والمسئول.. هم بكل تأكيد أعداء لهذا الوطن. ولا بد من الضرب على أيدى من يمارسون هذا العبث سواء بعمد أو بغير عمد.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.