رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صالح رجب: أغلب الأحيان وتحت وطأة الأحداث يطرأ التغيير على نهاية القصة

محمد صالح رجب
محمد صالح رجب

نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لآخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.

وفي هذا الصدد قال الكاتب محمد صالح رجب لــ"الدستور": إن نهاية النصوص الأدبية تمثل لحظة الفراق بين الكاتب والقارئ، ومن ثم يريد الكاتب أن يترك أثرا طيبا وشعورا مرضيا لدى المتلقي، وحين يشرع الكاتب في كتابة نصه الأدبي يكون هناك تصور ما لهذا النص بما فيه النهاية، لكن كثيرا ما تتغير تلك النهايات جزئيا أو كليا، يحدث ذلك حين توشك رحلة السرد ان تضع أوزارها ويضع الكاتب نفسه مكان القارئ ويكتشف أن النهاية المخططة مسبقا لم تحقق له الرضا المأمول فيشرع في إدخال تعديلات تحقق له ذلك الرضا، يحدث ذلك كثيرا لاسيما في الرواية حيث الفضاء أرحب وحركة الشخصيات والأحداث أكبر.

وأضاف "رجب": فالنهاية المحددة التي خطط لها تتغير إلى نهاية مفتوحة أو العكس، والشخصية الرئيسية التي ارتكبت كل تلك الآثام والتي خطط لها أن تموت عقابا لها على بشاعة ما اقترفته من جرائم يرى الكاتب أن يحرمها من رحمة الموت ويبقيها لترى العذاب بأم عينيها مذلولة تعاني الفقر والمرض والحسرة ولا ينفعها الندم. وتلك الفتاة التي تمردت على موروثات اجتماعية لم يتحمل الكاتب رؤيتها خلف القضبان كما خطط مسبقا فجعل نهايتها الموت على يد شخصية من شخصيات العمل ليكسبها مزيدا من التعاطف وتدليلا على صعوبة المواجهة.

أما عن تجربتي الشخصية، فكل أعمالي تقريبا كنت قد وضعت تصورا مسبقا للنهاية قبل الشروع في الكتابة، لكن يصعب علي أن أحصي مرات تحول النهاية في كل الأعمال، لكن على الاقل يمكن أن أشير إلى آخر روايتين لي، حيث طرأ تغير طفيف على نهاية رواية "شالوشا" وجعلت نهاية البطل الذي ارتكب آثاما كبيرة على يد شريكته بدلا من ضحيته، وفي روايتي الاخيرة "مقام السيدة " حين اقتربت من النهاية أرتأيت أن أغير قليلا في النهاية، فالبطلة التي خطط لها أن تموت اختفت، والجثة التي عثر عليها لم يكن هناك ما يؤكد أنها لها، واختلف الناس فيما بينهم حول وجود جثة بالمقام من عدمة وإن كان ثمة جثة: أهي لزينب بطلة الرواية أم أن زوجها "المحامي" وعمدة البلد شهدا زورا ليشيدا ذلك المقام تخليدا لها.
مجمل القول ان الكاتب قبل أن يشرع في رحلته السردية يحمل في ذهنه تصورا معينا للنهاية، لكن في أغلب الأحيان وتحت وطأة الأحداث وتدفقها يطرأ على النهايات نوع من التغيير بدرجة أو بأخرى لاسيما في النصوص الروائية وبدرجة أقل في القصة القصيرة.