رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولاء كمال: نهاية العمل المصب الذى تنتهى إليه مختلف روافد النهر

الكاتب الشاب ولاء
الكاتب الشاب ولاء كمال

نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لأخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.

وحول هذا الأمر، قال الكاتب الشاب ولاء كمال: "بالنسبة لي يستحيل أن أشرع في كتابة عمل بدون معرفة النهاية مسبقًا، نهاية العمل من وجهة نظري هي المصب الذي تنتهي إليه مختلف روافد النهر، معرفة النهاية قبل البدء أو على الأقل في مرحلةٍ مبكرةٍ من الكتابة تفيد في كل شئ: رسم الشخصيات، صياغة الأفكار، بناء الحبكات، وحتى ترتيب الأحداث، كل شئ في الرواية، كل تفصيلة مهما صغرت، يجب أن تؤدي بنا إلى النهاية التي سوف نقابلها في صفحات الكتاب الأخيرة، وهو ما يخلق تماسكًا للعمل قد لا يظهر بشكل مباشر، ولكنه يؤثر في القارئ -حتى في الكاتب أثناء الكتابة- بشكل لاواعي.

وتابع صاحب كتاب "أيامي مع كايروكي" موضحًا: "أنا ككاتب أعد نفسي من الكتاب الذين يبذلون مجهودًا كبيرًا في إعداد بنية العمل، أو ما يسمى بالإنجليزية بالـStructuring، البناء بالنسبة لي هو كنه العمل الروائي الجيد، والبناء الروائي يماثل بدون أي اختلاف بناء المعمار، أنت تسعى إلى تشييد بناية جميلة وعملية وممتعة، ولكن الأهم هو ألا تسقط، ولذلك تحتاج إلى أسس صلبة، والتي تنقسم إلى عدة عناصر، ما بين الشخصيات، الحبكة، اللغة، الرمزية، الفكر والفلسفة، وغيرها، يمكنك التلاعب بكل هذه العناصر كما تشاء، وأن تجرب، وتصيب وتخطئ، ولكن إن أردت ألا ينهار أثرك الخالد، فلابد أن يقوم على أساس متين، وبالنسبة لي الأساس الذي ينبني عليه العمل الروائي هو النهاية التي لا تترك خيوطاً غير معقودة، تيه غير مقصود، أو شعور عند القارئ بأني، الكاتب، قد أقدمت على لعبةٍ لا أعرف قواعدها جيدًا، أو أني قد تورطت وورطته معي، مستهترًا بوقته ومجهوده وماله الذي بذله في سبيل قراءة كتابي".

ولفت مؤلف رواية "القداس الأحير": "في كثير من الأحيان يشكو القراء من أن روايةً ما كانت مبشرة للغاية في البداية، ولكنها انتهت بشكل مخيب للآمال، إما بسبب تعجل الكاتب للنهاية، أو أنها كانت غير منطقية، أو تم تلفيق بعض الأحداث وليِّ ذراعها كي توافق الختام، وأعتقد أن كل هذه أعراض لمرض عدم معرفة الكاتب لنهاية عمله بشكل مسبق، لا يعني هذا أن النهاية المعلومة مسبقًا هي ناموس مقدس، بل يمكن أن أشعر برغبةٍ في تغييرها فور أن أشرع في الكتابة؛ لأن التحرر من القيود هو الأصل في الإبداع، ولكن وجود ضوء واضح في آخر النفق تركض نحوه أمر شديد الاهمية، وطالما أن النهاية التي أقوم بتغييرها في مرحلة ما تصب في صالح العمل ككل، وبما لا يدع مجالًا لتخلل بقية العناصر أو تضاربها، فإني لا أتردد في الإقدام على ذلك".