رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صبحي شحاتة: العمل الأدبي ليس سلسلة من الأسباب.. والنتائج مترابطة تشد البداية للنهاية

الكاتب صبحي شحاتة
الكاتب صبحي شحاتة

نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لآخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.

وفي هذا الصدد يقول الكاتب صبحي شحاتة: إن العمل الأدبي اقتطاع من الصيرورة، التي هي امتداد قبله وبعده، لذا ليس له بداية ولا نهاية، إنما البداية مفترضة مثلها مثل النهاية، فالبداية مجرد ابتداء وإلقاء وخوض ومغامرة وتلمس في مجهول، والنهاية توقف. ليست النهاية إذن اكتمال للعمل ولا نقطة وصول، إن العمل الأدبي إذن ليس سلسلة من الأسباب والنتائج مترابطة تشد البداية إلي النهاية.. وإنما هو محض رهان وتلائم، فليست الجملة الثانية ناتجة عن الأولى بالحتم، وإنما هي مجاورة لها فحسب، ومن ثم يمكن استبدال غيرها بها  إلي ما لانهاية.

وأضاف صاحب رواية "الضعف": لذا ما يربط العمل الفني هو رهان الكاتب، وتأويله للتلائم والمناسبة بين الجمل والفقرات والقطع والأجزاء، وكذلك البداية والنهاية. إن العمل الأدبي الجيد سيال.. موجات.. التماعات.. قفزات في فضاء مجهول.. يتكشف خطفا وفجأة، إنه حلم.. يبدأ كل لحظة، مع كل جملة، لأن كل جملة مضافة هي تأويل للكل، اختارها الذوق الخاص المرهف النابض أبدا، الذي هو أثر العمل غير المرئي للكاتب الحالم..

وشدد "شحاتة" على أنه: وينتهي العمل كل لحظة أيضا، لانفتاح المجهول على اللانهائية، وتعدد الاختيارات، طالما لا توجد نهاية مسبقة متصورة قبليا لدى الفنان، يجبر العمل على الوصول إليها قسرا وإرغاما.. لذا يمكن للقصة القصيرة أن تكون رواية، والعكس صحيح، والقصيدة تصير قصة، والعكس صحيح، فلا يوجد للعمل الجيد شكل مسبق قار متعالٍ فوقه قبل وجوده. فالعمل هو من يطرح نفسه بنفسه، مستخدما الكاتب، الذي صار ليس مهيمنا عليه وخالقا له، والمبدأ الأول لوجوده ومنتهاه، وإنما جزءا منه، ذلك أن الكاتب داخل العمل ليس هو خارجه.. بل أن العمل والذات الكاتبة يصيران شيئا واحدا، يحكمهما قانون اللا اتصال واللانفصال.. لذا كل رواياتي وقصصي القصيرة هي اقتطاع من الصيرورة، ومغامرة في مجهول، ومحاولة للقبض على الفريسة هنا والآن في التو واللحظة حال ظهورها المفاجئ.. ساخنة.. حية.. نابضة.. حارة.. حارة جدا.