رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحياة اختيارات

 

فى سؤال قديم بيتسئل لحد دلوقتى: هو إحنا مخيرون ولا مسيرون؟! 

بس تفتكروا أنهى الأريح وأنهى بيفضله الإنسان إنه يكون مسير ولا مخير؟

فى أنواع من الناس بتخاف من الاختيار، بيضايقوا أوى إنك تديهم اختيارات خوفًا من تحمل التبعات، خوفًا من الاختيار الغلط، فبيفضّلوا أنهم يكونوا مسيرين، حد يختارلهم أو يبلغهم بقرار معين، ولو مفيش حد يختارلهم بيفضلوا أنهم ميختاروش ويسيبوا أمورهم معلقة لحد ما الدنيا تمشيهم زى ماتمشيهم وبيفضلوا يقنعوا نفسهم أنهم مسيرين، نوع من أنواع ترييح الدماغ، ويقولوا لنفسهم إن ده رضا، أنا تمام الحمد لله.

مفيش أصلًا فكرة إن ممكن يكون عنده اختيارات، أو إن عنده القدرة أصلًا على خلق فرص للاختيار، ولو حس بضيق أو أن وضعه مش تمام، وأن يحس إنه يستحق يعيش بشكل أفضل، بيبقى الحل قدامه إنه يدعى ربنا يا رب اصلحلى حالى من غير مجهود ظنًا منه أن الدعاء لوحده كفاية، وعلشان قناعته إنه مسير فربنا وحده اللى قادر على تغيير وضعه للأفضل، مع إن ربنا قال «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» وبنلاقى دايمًا تأكيد على كلام ربنا حتى فى أبسط الأشياء.

يعنى إزاى عايز صحتك تبقى أحسن وأنت بتشرب سجاير ومش قادر تاخد قرار بإنك تبطلها؟ إزاى عايز تخس وأنت بتاكل من غير حساب؟ إزاى عايز تنجح فى أى حاجة فى حياتك وأنت مش بتسعى لده والسعى محتاج لقرارات؟ إزاى تكون فى علاقة مؤذية من أى نوع وأنت مش عايز تاخد قرار عشان تنهيها؟ الاختيار صعب، وكل اختيار وليه تمن حتى وقوفك مكانك من غير اختيار ده نفسه اختيار، وأنت بتتحمل تمنه وبتقنع نفسك إن ده قدرك، بس الحقيقة إن ده اختيارك متلومش حد عليه إلا نفسك. 

الهروب اختيار والمواجهة اختيار، ربنا مخلقلناش عقل وحدس علشان نلغيهم ونمشى زى ما الموجة تمشينا، وأنا عن نفسى مقتنعة إن اللى بيلغى عقله بيبقى آثم، والرضا بالأمر الواقع والصبر على الابتلاء مش معناه أبدًا إنك متحولش تغيّره وتستخدم عقلك فى البحث عن فرص وبدائل والسعى لتغيير الواقع، والصبر وقتها بيكون مهم إن مفيش نتيجة سريعة، لكن صبر مع السعى، مش الصبر وأنت قاعد حاطط إيدك على خدك ومستنى حد بعصايا سحرية يعملك اللى نفسك فيه.

فى بقى نوع تانى من الناس، اللى بيتعبوا نفسهم جدًا جدًا فى التفكير ويدوروا على بدائل كتير جدًا للاختيار عشان يوصلوا لأحسن قرار ممكن، وبياخدوا وقت كبير متملكهم خوف من الندم بعد الاختيار وفى الأغلب النوع ده دايمًا بيصاحبه شعور الندم وأكتر جملة هتلاقيه بيقولها مش لو كنت اخترت ده كان هيبقى أحسن؟!

النوع ده عكس تمامًا النوع الأول، دايمًا عنده شعور بالإحباط، دايمًا عنده سقف توقعات عالى، ودايمًا بيدور على الكمال. 

يشرح عالم النفس «بارى شوارتز»، فى كتابه «معضلة الاختيار»، ليه أصبح فعل الاختيار، حتى وإن كان لشىء بسيط زى مشاهدة فيلم، فعلًا صعبًا، ويحسسك بالحصار وقلة الحيلة.

الشلل التحليلى، حالة عامة من العجز عن اتخاذ أى قرار بسبب الاختيارات الكتيرة، أو بسبب العجز عن تفضيل واحد من وسط عدة خيارات.

بارى بيقول إننا بنوصل للشلل التحليلى ده لما بنقع فى عدة أخطاء، وإحنا فى مرحلة اتخاذ القرار ولخصهم لـ٣ أخطاء: 

الانحياز إلى المألوف:

لما نرفض أى تغيير فى حياتنا بسبب تعاملنا معه كنقطة ارتكاز مستقرة، فيبقى أى خروج عنها، حتى وإن كان فى سبيل نتيجة أفضل، خطأ لازم تفاديه. 

الانحياز إلى عدم الاختيار:

الخيار الأفضل هو الذى لا يتطلب أى مشاركة أو جهد. 

الدفاع عن الحرية:

أنك تحس إن الاختيار ده لو مفروض عليك، حتى لو كان تافه وحتى لو كان اختيار أفضل، هترفضه علشان مكنش اختيارك بالأساس، ضيف على الشلل التحليلى وقت لما يكون فى اختيارات كتيرة عواقب سلبية أهمها تكلفة الفرصة البديلة وده تمن الاختيار اللى مختارتوش. مثال على ده لو كان عندك اختيارين، إنك تتجوز البنت اللى بتحبها ولا تسيبها وتسافر؟ 

عمرك ماهتعرف أنهى القرار كان الأفضل عشان مهما كان اختيارك هتفضل تحلم بالاختيار التانى، وهتفضل تسأل نفسك حياتى كانت هتبقى أفضل لو اتغيرت اختياراتى؟

طيب إزاى نختار؟ 

علماء النفس اقترحوا خطوتين: 

١- إنك تقلل أو تستبعد عدد اختيارات لحد ما يكون قدامك اختيارات تتعد على صوابع الإيد الواحدة. 

٢- نفكر فى كل اختيار بنسبة قد إيه هو أفضل بالنسبة لنا. 

برغم أن البشر عمومًا بيسعوا لمكاسب أكتر وتقليل الخسارة، لكن لازم ندرك أن الاختيار ضرورة ومحدش يقدر يكسب كل حاجة، لازم تفضيل اختيار عن التانى ولازم نتحمل تبعات اختياراتنا بالسلب أو بالإيجاب.