رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد حرب الدولة على المخالفات.. سر استمرار ظهور «خفافيش البناء»

ازالة
ازالة

وضعت الدولة المصرية خطًا أحمرًا في ملف البناء والعمران على مستوى محافظات الجمهورية، مع غلق ملف التصالح في مخالفات البناء الذي استمر لما يقرب من العام تقريبًا، وصدور اشتراطات البناء الجديدة التي تنظم العمران والبناء السكني في مصر، ورغم ذلك، هناك الكثيرون ما زالوا يصرون على استمرار انتهاك هذا الخط باستمرار البناء المخالف والعمل في الظل كـ"خفافيش البناء".

ظهرت تلك المخالفات  من خلال الحملات التي تشنها العديد من المحافظات وعلى رأسها القاهرة والجيزة لإزالة أي تعديات يسعى المواطنين لفرضها بالقوة في غفلة من الوقت، حيث نفذت أجهزة محافظة الجيزة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية عددا من الحملات إزالة التعديات، لمواجهة أعمال البناء المخالف والتعدى على الأراضى الزراعية والأراضى أملاك الدولة، حيث تتم أعمال الإزالة للحالات على الفور ومصادرة مواد وأدوات البناء وإيداعها مخازن المراكز والمدن وإتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

عودة البناء لسابق عهده بعد انتهاء قانون التصالح؟

وعلق صبري الجندي، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، على هذه الظاهرة قائلًا، إن ذلك يرجع لاعتقاد المواطنين أن القانون تم تطبيقه وأن الدولة لن تلفتت إلى المخالفات لأنها مشغولة حاليا في أشياء أخرى، خاصة بعد أن تم غلق باب التصالح في مخالفات البناء، وأُوهموا أن بإمكانهم العودة إلى تنفيذ ما كان عليه الوضع قبل فتح ملف التصالح.

وأوضح الجندي في تصريح لـ"الدستور"، أن المواطنين ممن يستمرون في تجاهل القانون ويلجأون إلى البناء المخالف حتى هذا الوقت يعتقدون أن المحليات ستتغاضى عن المخالفات لأنهم يعتقدون أن أي من تقدم للتصالح في مخالفات البناء يمكنه أن يستكمل بناءه من جديد بزيادة الأدوار أو استكمال بناء كان متوقف وهو الأمر الذي لم يتم حسمه حتى الآن.

 

بداية حل أزمة مخالفات البناء

يذكر أنه في مايو من عام 2020، قرر اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، التصدي بحسم لمخالفات البناء حيث قرر وقف التراخيص لمدة 6 أشهر الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها في المساكن الخاصة، مع إيقاف أعمال البناء للمباني الجاري تنفيذها لحين التأكد من توافر الشروط البنائية، بمحافظات القاهرة والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن ذات الكثافة السكانية العالية.

ووصل عدد مخالفات البناء وفقا للاحصائيات منذ يناير 2011 وحتى ديسمبر 2019 إلى ما يقرب من 133 ألف مخالفة بين بناء دون ترخيص أو مخالفة الترخيص أو تجاوز عدد الأدوار، ووصل عدد مخالفات البناء منذ بداية يناير للعام الحالي 2020 وحتى شهر مايو إلى ما يقرب من 1773 مخالفة.

 

ضرورة وأد المحليات لأي بناء مخالف من المهد

 

وشدد شعراوي على ضرورة اتخاذ المحليات كافة الإجراءات لوأد أي بناء مخالف من المهد وتحاسب على أي مخالفة تتم في نطاق مسؤوليتها، خاصة بعد تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لن يوجد أي مخالفات للبناء بعد انتهاء هذا الملف، ويجب أن يطبق القانون بحسم "قال هيكون في خط أحمر نحطه لعدم تجاوزه".

وأشار المستشار السابق لوزير التنمية المحلية إلى أن هذه الحملات التي تشنها المحافظات لضبط المخالفين الجدد الذين يتحايلوا على القانون بحيث أنه يستكمل البناء بحجة أن ملف التصالح انتهى وبالتالي يمكنه أن يبني دون أن يحصل على تراخيص باشتراطات البناء الجديدة.

ثم خرج قانون التصالح في مخالفات البناء كي يعيد تنظيم عملية البناء والعمران الذي استمر لمدة عام تقريبًا،  وحثت الدولة المواطنين على ضرورة التقدم للتصالح في البناء المخالف كفرصة أخيرة لاحترام هيبة الدولة واتباع القانون، لتستمر إجراءاتها في تنظيم البناء السكني والعمراني.

في المرحلة التالية، وجه رئيس الوزراء بتولى الجامعات إصدار تراخيص البناء وليس المحليات؛ بحيث تكون كل جامعة بمثابة مكتب استشاري ودليل ارشادي لإصدار التراخيص وضبط العمران.

وأضاف أنه من تقدم للتصالح في مخالفات البناء ودفع مقدمات التصالح لا يمكنه استكمال البناء إلا بعد الموافقة على طلبه، وخاصة أن التصالح في المخالفات القديمة التي تم رصدها قبل 2017 وليس في المخالفات التي تمت بشكل حديث بعد هذه السنة "التصالح لا يتم على مخالفة  يتم بنائها حديثًا".

وذكر أن المواطن لديه اعتقاد أن قانون التصالح يسمح له بالبناء في غفلة عن القانون عن الإدارة المحلية وبالتالي مازال يرتكب  المخالفات الجديدة سواء باستكمال مبنى قائم أو بناء مبنى جديد.

لا تصالح في المتخللات

واستطرد أن المتخللات وهي العقارات التي يتم بنائها حديثًا وسط مباني سكنية مقامة بالفعل لم يصدر فيها قرار بالترخيص للبناء حتى الآن، "الارض الفضاء بيت منزلين في منطقة سكنية"، وبالتالي أي مواطن يستغل هذا الوقت لبناءها اعتقادًا منه أنه لن يتم كشفه باعتبار أن المنطقة مأهولة بالسكان بالفعل سيتم اكتشافه ويتم إزالتها لأنها تكون مخالفة ولا يمكن التصالح عليها.

 

صدور اشتراطات البناء الجديدة

خرجت اشتراطات البناء الجديدة للنور بالفعل، وتم تطبيقها بشكل تجريبي لمدة شهرين من مايو إلى بداية يوليو في عدد من المراكز فقط للوقوف على مدى إمكانية تحقيقها وتطبيقها لتنظيم البناء العمراني في مصر، ومن يوليو تم تطبيقها على محافظات الجمهورية بأكملها.

واتجهت وزارة التنمية المحلية إلى تنظيم ورش عمل لتدريب العاملين على منظومة اشتراطات البناء الجديدة، حيث يهدف التدريب إلى  التركيز على المهام الموكلة لكل الجهات المشاركة في الإجراءات الخاصة بإصدار تراخيص البناء، حتى يكونوا على دراية كاملة بالإجراءات للتيسير على المواطنين الراغبين في الحصول على التراخيص الجديدة للبناء في يسر وسهولة.

ويضم التدريب 6 متدربين من كل محافظة هم رئيس المدينة أو الحي التجريبي ومدير المركز التكنولوجي في المدينة أو الحي التجريبي ومشرف النظام بالمركز التكنولوجي في المدينة أو الحي التجريبي ومدير الإدارة الهندسية -الإدارة الخلفية- بالمدينة أو الحي التجريبي ورئيس لجنة متابعة المراكز التكنولوجية بالمحافظة إضافة إلى مدير وحدة المتغيرات المكانية بالمحافظة، ويضم التدريب أيضًا 3 متدربين من كل جامعه إقليمية و10 من العاملين بوزارة التخطيط وهم مدربين المحليات موزعين على يومي التدريب.