رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وتعرفون الحق والحق يحرركم

وتعرفون الحق والحق يحرركم.. ما معنى أن تكون حرًا؟.. من أي شيء تريد أن تتحرر؟.. هل حرية من شعور بالذنب؟.. هل حرية من الغضب؟.. هل حرية من الضغوط والمعاناة؟
هل حرية من الشعور بالحزن والندم؟.. هل حرية من ديون كثيرة صعبة الوفاء؟.. هل حرية من العادات السيئة المحيطة أم حرية من الخوف؟ هل حرية من القلق؟

لا بد أن نعرف أن الحرية مقابل ثمن أغلى وأعلى من المال والجهد والعرق وتوجيه النقد للآخرين.. فالحرية هي الثبات في قول الحق، لا شيء غير الحق، والمقولة العلوية هي "تعرفون الحق والحق يحرركم".

الخطوة الأولى للحرية هي معرفة الطريق الصحيح للقيام بالعمل، معرفة الحق هى الإيمان والتمسك به والاستمرار فيه والحياة به، والثقة في الغير، وتقديم المشورة إن طلبت والنصيحة في أسلوب يليق دون تجريح أو حتى تلميح، مع تقديرنا للموقف وتشجيعنا لمن يعمل بروح الوفاء والعطاء والمشاركة في حمل اللواء، فالأوطان ملك لأهلها منفتحة لضيوفها معتزة ببنيها وبناتها.

وأما الفريق اليساري فسمعوا الصوت القائل: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وجنوده، لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني، كنت غريبا فلم تأووني، عريانا فلم تكسوني، مريضا ومحبوسا فلم تزوروني، فيجيبونه: متي رأيناك غريبا عريانا... مريضا... محبوسا... فيجيبهم: بما أنكم لم تفعلوا بأحد هؤلاء الفقراء فبي لم تفعلوا.

كان الغني يعيش مستقلا عن غيره في مأكله ومشربه متحررا بنفسه منفصلا عن إخوته في الجنس واللغة، لم يذكر أن الغني كان شريرا ولكنه عاش لنفسه، أقول لنفسي كلي واشربي والبسي، عيشي حياتك تمتعي بما عندك حياة منفصلة لا شر منها ولا خطر لا وجع رأس ولا فعل خير لجائع أو عريان.

ظن الغني أنه منفصل عن بقية الذين حوله عن حالهم وعن صحتهم وعن حاجتهم إلى المأكل والملبس.. ظن أن الحرية انفصال عن الغير وحياة مستقلة لا اختلاط فيها لفقير محتاج أو مريض يحتاج لعلاج.. ظن أنه وتر مستقل لا يشارك أوتارًا أخرى، ناسيا أنه وحده لن يجيد لحنا فالوتر الوحيد لا ينتج نشيدا.

نعم الحرية ليست استقلالا عمن حولك والعزلة عن إخوة لك، كمن ترك بيت أبيه وإخوته ليعيش منفردا لكنه جاع حتى بدأ يشارك الخنازير في طعامها.. هناك حادث قديم مر عليه سنين طويلة عندما بدأت الطائرة تهتز وكان اهتمام الطيار ومعاونيه أن يصلحوا مصباحا لا يضىء في الطائرة ٤٠١، والمتجهة إلى نيويورك، واكتشف الطيار أن ذراع الطائرة لا تعمل للهبوط وانشغل مع مساعديه في تغيير المصباح المحروق، لكن المصباح المحروق لم يخرج من مكانه وبدأت الطائرة تسقط، وضاعت الأرواح ولم يتغير المصباح، وطبعا لم يكن المصباح المحروق هو المشكلة.. هل نكتشف ضعفاتنا ولا نرميها على غيرنا كالمصباح المحروق.. مطلوب أن نعرف نقاط ضعفنا، فنغير ونتغير ونعالج ونقبل الدواء مهما يكن ولو مرًا.. لنعرف ضعفاتنا قبل البحث عن ضعفات غيرنا.. لا ننشغل بالصغائر لنستفيد من إخوة لنا سبقونا بحكمة تقول: إذا أردت شيئا ناجحا فاتركه لآخر.

لنفصل الأمور الثانوية عن الأمور المصيرية.. تأكد أن الله يستخدم آخرين فساعدهم لحمل المسئولية، بل وشجعهم متجنبا الأنا والذات، ولا تنزعج على من ينال المكافأة أو المديح والثناء، بل شارك في تشجيعك لآخرين، وثق أن الحرية غالية التكلفة، وعليك أن تمد يد غيرك مقدرا قدرات غيرك، واحذر المواقف التالية:
الغرور والكبرياء حتى لا ترى غير ذاتك وعملك حتى تصبح الأنانية مركز حياتك، وأفضل الأساليب في التعامل مع الآخر هي التشجيع والمديح ومد يد المساعدة إن طلبت منك.

تجنب الغضب، بل ساعد على التشجيع ومد يد العون إن طلب منك.

احذر الغضب الذي يؤدي إلى تفرقة وفشل، والحكمة تقول: "كلما قل الماء في الإناء زادت سرعة الغليان، والماء يشير إلى اتخاذ القرار وأداء العمل بروح الصبر ولسان التشجيع، وليس النقد أو السخرية، وأخيرا ليتنا نتجنب روح النقد الهدام أو السخرية بالإشارة أو بالكلام فهذا يدمر ولا يعمر، فالوطن في حاجة لبناء حكيم قبل نقاد يجيدون الكلام ويعزفون عن التشجيع عملا قبل الكلام.