رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحرش وقرارات الرئيس

لا يخفى علينا المعنى الذي ينطوي عليه مصطلح التحرش الجنسي فهو يستمد معناه بوصفه تنمرًا يتمثل في  إكراه شخص على فعل جسدي، أو وعد غير لائق بمكافآت مقابل خدمات جنسية. ومعظم القوانين الحديثة تجرمه ويقع مرتكبوها تحت طائلة القانون والعقوبات بحسب ما تخوله السلطة القضائية في كل مجتمع. 
وللتحرش الجنسي أشكال متعددة ويمكن أن يحدث  في العديد من البيئات الاجتماعية المختلفة، وبرغم وجود القوانين التي تمنعه إلا أنها لا تمنع المعاكسات البسيطة والتعليقات المسيئة والحوادث الصغيرة، ففي مصر كنا نشاهد حالات يتم القبض على الشباب المتربصين بالتلميذات أمام مدارسهن لحظة خروجهن للعودة إلى منازلهن.
إن المجتمع غير غافل عن إنزال العقوبة التي كان يخشاها الشباب، ولأنه أصبح يمثل ظاهرة مجتمعية توعد الرئيس السيسي -حماية للمرأة المصرية وكرامتها وشرفها الغالي- المتحرشين بعقوبات صارمة تمثلت التصديق على إصدار تعديل قانون العقوبات لمواجهة هذه الجريمة بأن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز أربع سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة آلاف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو إلكترونية أو أية وسيلة تقنية أخرى؛ وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه. وفي حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى. ويُعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها  من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، (فإذا كان الجانى من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادمًا بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم) أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات".
كم أثلجت هذه العقوبات صدورنا، وعدت فأوفيت فخامة الرئيس، كم كنا ننتظر هذه القرارات الرادعة حتى يصان عرض فتياتنا ونسائنا من هذه المهانة التي يقترفها من ماتت ضمائرهم واستحلوا شرف النساء، وانتهاك أجسادهن، بالترهيب والترويع والإساءة، هذه الجريمة التي تصل في أحايين كثيرة إلى حد قتل المتحرش لضحيته إمعانًا في إخفاء آثار جريمته الشنعاء، وما تنطوي عليه جرائم التحرش من نظرة بالغة الدونية للمرأة في مجتمع ما زال يسيطر عليه الفكر الرجعي الذي يري في إنجاب البنات عارًا ما بعده عار، مما يذكرنا بعادة" وأد البنات" لحظة الميلاد التي ظنناها قد اندثرت بعد تحريمها منذ زمن بعيد. فهي طالما طالتها الإدانة الأخلاقية بأن يلقى عليها ما يقترفه الرجل من موبقات بسبب ما تبديه المرأة من مفاتن تشعل شهوته وغريزته متناسيًا أمرًا إلهيًا صريحًا بغض البصر! وهذا اتهام ليس من الدين في شيء.
شكرًا فخامة الرئيس على كل ما تقدمه من مجهودات لنصف المجتمع ونصف الكون..حواء!

 

أستاذ العلوم اللغوية بأكاديمية الفنون- عضو اتحاد كتاب مصر