رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أستاذ بالأزهر يوضح نعمة الماء وضرورة المحافظة عليها في الإسلام

المحافظة على الماء
المحافظة على الماء

قال الدكتور أحمد البصيلي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، ينظر الإسلام إلى الماء على أنه أساس قوام الحياة، إذ لا يُتصوَّر في منطق العقل أن تقوم حياة من أي نوع بدونه، فهو مصدر العمران ومبدأ الأحياء، ومنه بداية الخلق، وانعدامه بمثابة الهلاك العام والدمار الشامل لكل مكونات كون الله. فلا جرم أن كانت قضية الأمن المائي على رأس قضايا الأمن القومي لأي دولة؛ إذ لا قرار ولا استقرار بل لا حياة ولا أحياء بدون ماء.

أضاف البصيلي، لـ"الدستور": "تحدّث القرآن الكريم عن الماء بأبلغ الكلام، ووصفه الله -تعالى- في كتابه بأوصاف عدّةٍ، منها: الطهور، والمبارك، والغدق، وغيرها، فممّا جاء في القرآن الكريم حوله إخبار الله -عزّ وجلّ- فيه أنّ المخلوقات كلّها من الماء، كما أخبر أنّ حياة الأرض وما عليها من كائنات كان بالماء، ولو ذهب الماء لماتت الأرض وماتت الكائنات جميعاً.

وتابع البصيلي: كما كرّر القرآن الكريم حقيقةً مهمةً حول الماء، وهي أنّ أنواع الثمرات المتكاثرة كلّها تخرج من ماءٍ واحدٍ لا اختلاف فيه، وممّا ورد في القرآن الكريم حول الماء أيضاً امتنان الله على عباده بنعمةٍ جعله الماء طهوراً لهم، فبها أصبح الماء منظّفاً ومزيلاً للأوساخ والنجاسات، فصلحت بذلك حياة الإنسان، أمّا في السنة النبوية فقد جعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الماء من الأمور المشتركة بين المسلمين، والتي يحرُم على أحدهم امتلاكها إذا ألحق ذلك ضرراً بهم، وتوعّد فاعل ذلك بوعيدٍ شديدٍ، كما جاءت السنة النبوية حاثّة للمسلمين على ترك الإسراف بالماء، حتى وإن كان ذلك خلال الوضوء والاغتسال الشرعي.

أشار إلى أن ثمة إشارات عدة في القرآن الكريم إلى المياه وما يتصل بها من ظواهر، فعلى سبيل المثال تتكرر فيه كلمة (ماء) ثلاثا وستين مرة، وكلمة (نهر) و(أنهار) اثنين وخمسين مرة، وكذلك فإن كلمات مثل (العيون) و(الينابيع) و(المطر) و(البرَد) و(الغيوم) و(الرياح) ترد مرارا عديدة وإن بدرجة اقل، أما الجنة وهي الدار الأبدية للذين آمنوا وعملوا الصالحات -، فإنها تضم بين طياتها:{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.

وأردف قائلا: يوصف عرش الله بأنه قائم على الماء، ويذهب القرآن إلى أكثر من ذلك فيذكر في الآية التي ربما كانت أكثر آية يتم الاستشهاد بها من بين الآيات: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، هذه الآية شهادة على مركزية المياه في الحياة ضمن النظام البيئي العام وعلى كونها المجال المشترك بين جميع الكائنات. فالماء على ماء جاء ذكره في القرآن، يعتبر أثمن شيء خلقه الله بعد البشر.

أشار إلى أن يعتمد البشر جميعهم على الماء للحياة والصحة الجيدة، وللماء في نظر الإسلام أهمية خاصة لأنه يستخدم في الوضوء والغسل أيضا، وقد شبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث شريف فائدة الصلاة، وهي من أركان الإسلام الخمسة، بالماء الذي يغتسل به: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: «لا يبقى من درنه شيء». قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» متفق عليه.

أوضح عضو هيئة التدريس، شرع الله -تعالى- في الإسلام مجموعة من القواعد والتشريعات للمحافظة على الماء وحمايته من التلوث، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها: النهي عن الإفساد في الأرض، ومعلوم أن تلويث الماء بمختلف الطرق والتحكم في مساره بما يضر بمصالح الآخرين يعدّ صورةً من صور الإفساد في الأرض، إقرار مبدأ لا ضرر ولا ضرار، فكلّ ما يضرّ المسلمين في مأكلهم ومشربهم وملبسهم محرّمٌ في الإسلام، ومن صور ذلك منع وصول الماء بإقامة السدود أو الانحراف بمساره أو تخزينه بأي طريقة تضر الغير.

حكم التبول في الماء الراكد

وقال البصيلي، نهى النبي (ص) عن التبوّل في الماء الراكد، وذلك من القواعد التي أرساها الإسلام في الطب الوقائي؛ حمايةً للبيئة والإنسان .

وتابع: أن نعمة الماء لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا إِلَّا الْمُوَفَّقُونَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخَلْقِ لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى هَذِهِ النِّعَمِ، وَلَا يَعُدُّونَهَا شَيْئًا! وَالْإِنْسَانُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ النِّعْمَةِ إِلَّا إِذَا فَقَدَهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ -كَمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الْإِمَامِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ إِذَا مَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ يَقُولُ: (يَا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ لَوْ قَدَرَهَا النَّاسُ قَدْرَهَا).