رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السند والمُنقذ».. مصر تُلبي نداء مواطنيها في كل بقاع الأرض

إعادة المصريين للبلاد
إعادة المصريين للبلاد

مشهد جديد يبرز ما تملكه الدولة المصرية من قدرات كبيرة داخل وخارج البلاد، وأيضًا المبادئ التي تتبعها الحكومة في الحفاظ على حياة وأمن المواطنين المصريين، ومتابعة أحوالهم باستمرار لإنقاذهم من أي خطر قد يتعرضون له خلال فترة تواجدهم في الخارج.

التوقيت الذي أصدر فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار إجلاء الجالية المصرية من أفغانستان، كان بالغ الصعوبة، لكن الدولة تعاملت معه بحكمة كبيرة، حين أرسلت طائرة مصرية مهمتها الوحيدة إعادة المصريين العالقين في ظل الأحداث المؤسفة التي تشهدها أفغانستان.

الرسالة كانت واضحة للجميع، التجمع الذي شهده مطار القاهرة في الساعات الماضية كان خير دليل على تأمين الدولة المصرية لمواطنيها في الدول الأخرى، وتدخلها السريع في أشد الأزمات للحفاظ على حياة المصريين، وإعادتهم إلى بر الأمان.

أفغانستان لم تكن البداية، بل ذلك ما حدث داخل العديد من المناطق الخطرة التي شهدت أحداثًا بالغة الأسى، وعُلق بها المصريين، وفي كل مرة كانت تتدخل الحكومة المصرية لإجلاء رعاياها بأكثر الطرق أمانًا وحكمة.

ترصد "الدستور" في السطور التالية، أبرز التدخلات التي شهدها المصريين العالقين في المناطق الخطرة من قبل الحكومة المصرية، والدور الذي كان سببًا رئيسيًا في إنقاذ حياتهم.

 تدخل الحكومة يُنقذ الموقف

قبل أربع سنوات كان حلم إبراهيم أبو قصبة، من قاطني إحدى قرى مركز سمنود التابع لمحافظة الغربية، وجني أكبر قدر من الأموال لتعويض ذويه عن الشقاء الذين عاشوه طوال حياتهم، ليثبت أمامهم أنه خير سند، وبالفعل حصل على جواز سفره وتأشيرة السفر إلى لبنان، ليتجه على الفور لبدء حياته التي طالما حلم بها.

لم يتجاوز إبراهيم الرابعة والعشرين من عمره، حين تعرض لحادث بشع، وتحطمت أحلامه بعد حادث الانفجار الذي شهدته لبنان في أغسطس 2020، والذي راح ضحيته أرواح عد، كان من بينهم مواطنين مصريين، تدخلت الحكومة المصرية حينها للعثور على جثامينهم، وإجلاءهم من هناك.

وشكر عم الشاب المتوفي، الحكومة المصرية، على إعادة جثمان الشهيد إلى موطنه، بعد الصدمة الكبيرة التي تعرض لها ذويه جين سمعوا عن خبر وفاته دون رؤية الجثمان أو تشييع جنازته، بجانب نوبات المرض التي تعرضت لها الأم في ذلك الحين، ولم تهدأ حالتها إلا برؤية إبنها أمامها.
"السفارة أبلغتنا بأنه كان متواجدا داخل شقته السكنية وقت وقوع الحادث، ثم انهار الجدار عليه ما أصاب الجمجمة على الفور ولقى حتفه بعد ساعات معدودة"، وصف عم المتوفي، مشهد تلقيه خبر الوفاة الصادم، للشاب الذي هجر مسكنه ليكون عونًا لوالدته التي تعمل كبائعة خضار في المركز.
السفارة المصرية في لبنان كان لها دور كبير في العثور على جثمان المتوفي، والإشراف على رحلته الأخيرة من المستشفى إلى الطب الشرعي ثم إعادته إلى البلاد، وكانوا على تواصل دائم مع ذوي إبراهيم، ليطمئنوهم على الأحداث الجديدة حول الأمر، ويطلعوهم على موعد نقل جثة إبراهيم إلى مصر بعد الكشف عليه في مصلحة الطب الشرعي.

رائحة الموت

دائمًا ما تشهد ليبيا أحداث مؤسفة تعرض حياة المواطنين بها إلى الخطر الداهم، ومن بينهم العمالة المصرية هناك، لذا كان من الضروري وضع خطة محكمة من قبل الحكومة المصرية للحفاظ على وضع العالقين هناك، وتأمين عودتهم إلى مصر آمنين.

وبالفعل كان قد كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بتطوير منفذ السلوم البري للحفاظ على الأمن القومي المصري، وبدأت عمليات تطوير المنفذ بدأت في يونيو 2018، وبلغت تكلفتها مليار و295 مليون جنيه.

شملت عمليات التطوير أيضًا تعزيز المراقبة الأمنية، وتركيب أجهزة الإكس راي والكاميرات، واستغلال الطاقة الشمسية في توليد الإضاءة، وإنشاء منطقة لوجيستية للتبادل الاقتصادي بين الدول وتخزين البضائع بالمنفذ، كما تم فصل المسارات إلى 3 مسارات منفصلة للنقل والملاكي والأفراد لخفض عدد ساعات السفر أمام المسافرين.

في عام 2018 - 2019، كان هناك 7 ملايين عامل مصري في ليبيا، جميعهم عادوا إلى أرض الوطن، هربًا من الميليشيات، وخوفًا من نيران القصف بعد اندلاع الثورة الليبية عام 2011، منهم من لقى حتفه إثر سقوط حطام المباني فوقهم، ومنهم من واجه الأمر وتغلب عليه، وقطع مئات الكيلو مترات، وصولًا إلى الحدود المصرية الليبية حيث منفذ السلوم البري، للعودة إلى أراضي الوطن.

كان عماد عبد اللطيف، صاحب الـ35 عامًا، أحد المصريين العائدين من ليبيا، بعد معايشته للأوضاع المأسوية التي شهدتها البلاد في ظل تواجده هناك، والخطر الكبير الذي تعرض له خلال سنوات العذاب التي قضاها قبل إنقاذه وعودته إلى بر الأمان.

يحكي عماد، أحد قاطني محافظة الدقهلية، موقف مأساوي لم ينساه من ذكريات المليشيات في ليبيا، حين تعدوا عليه أثناء عودته إلى منزله بعد الانتهاء من عمله، وسلبوا منه جميع ما يملك، وحين اعترض على ممارستهم الإجرامية، تعدوا عليه بالضرب المبرح الذي ترك علامات بارزة في جسده حتى يومنا هذا.

كان السبب الرئيسي في ذهاب "عماد" إلى ليبيا، هو توفير احتياجات منزله من مصاريف، ظنًا منه في البداية أن العمل هناك سيوفر له كل ما سيحتاجه، لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا، فهو لم يشهد سوى لحظات المعاناة والغربة التي أوجعت قلبه، واحتياجه الدائم للعودة إلى البلاد.

وجه الشاب نصيحته إلى الشباب المصريين بعد ترك البلاد، والذهاب للعمل في المناطق الخطرة، كما أعرب عن امتنانه لجهود الدولة المصرية في تطوير وفتح منفذ السلوم البري لإنقاذ آلاف المصريين العالقين في ليبيا، وإعادتهم إلى وطنهم مرة أخرى.

في يونيو 2020، نجحت أجهزة الأمن المصرية في تحرير 23 مصريًا كان قد تم اختطافهم من قبل حكومة الوفاق الليبية والمليشيات التابعة لها، وتمت إعادتهم إلى مصر آمنين، بعد تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة العمال المختطفين على متن 4 حافلات تحت حماية الجيش الليبي إلى منفذ سلوم البري في مصر.

أما في اليمن، فقد نجحت السلطات المصرية فى إعادة 32 صيادا مصريا، وذلك بعد احتجازهم فى اليمن، بعد ذهابهم للصيد فى أماكن محظورة، وذلك عبر طائرة خاصة إعادتهم إلى أرض الوطن، وذلك بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ولم يقتصر الأمر على إجلاء المواطنين من المناطق التي تشهد حروبًا فقط، بل تدخلت الدولة أيضًا في إعادة المصريين المتضررين في الخارج من فيروس كورونا، وقامت الدولة المصرية بتبني خطة لإعادة أبنائها العالقين في الخارج لوطنهم مرة أخرى مع توفير كافة سبل الإعاشة والرعاية الصحية لهم طوال فترة العزل الصحي.