رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أضرار غير مرئية.. «كورونا» تنتج 7299 طن نفايات يومياً

نفايات
نفايات

هبت رياح كورونا، فأربكت حسابات العالم، وألقت بظلالها على شتى مناحي الحياة، مثل السياسة والاقتصاد، والسفر والحياة الاجتماعية، والعلاقات بين الدول. 

وبعد أن كان العلم الحديث يتكالب من أجل التوصل إلى لقاحات أو أدوية أو بروتوكولات علاجية للتصدي لهذه المحنة الصحية التي ألمت بالبشرية، بدأ العلماء يلتفتون إلى أن هذه الجائحة لها أضرار أخرى جانبية لم تكن في الحسبان.

منذ تفشي جائحة كورونا بداية العام الماضي، أصبحت كمامات الوجه، وغيرها من وسائل الحماية الشخصية التي تستخدم للوقاية من الفيروس المستجد ضرورة لا غنى عنها للبشر بشكل عام، وللعاملين في قطاع الصحة بصفة خاصة.

ومع تزايد الطلب على كمامات الوجه من نوعية "إن 95" التي تستخدم لمرة واحدة، أصبح واضحا للعيان أن هذه الكمامات لها أضرار مالية وبيئية ضخمة، حيث تشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا تتسبب في نفايات طبية لا تقل عن 7299 طن يوميا، وتتكون معظمها من كمامات وجه من النوعية التي تستخدم لمرة واحدة، بل وحتى مع تراجع حدة الجائحة في بعض دول العالم، ما زال من المتوقع أن يستمر العاملون في الحقل الطبي في ارتداء هذه الكمامات معظم أوقات عملهم.

وكشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا لبحث الآثار المالية والبيئية لاستخدام أنواع كمامات الوجه المختلفة أنه من الممكن خفض هذه التكلفة بشكل كبير عن طريق استخدام أنواع الكمامات التي يمكن ارتدائها أكثر من مرة. 

وأثبتت هذه الدراسة أن تعقيم الكمامات من نوعية "إن 95"، بحيث يستطيع العاملون في مجال الصحة استخدامها لأكثر من يوم واحد، يمكن أن يخفض من الأضرار البيئية والمالية لهذه الكمامات بنسبة 75 % على الاقل، مقارنة باستخدم كمامة جديدة عند التعامل مع كل مريض.

ويقول جيوفاني ترافيرسو طبيب الجهاز الهضمي والباحث بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا إن "استخدام وسائل حماية قابلة للاستخدام أكثر مرة لن يؤدي فقط إلى خفض كبير في النفقات، بل أيضا سوف يحد من النفايات بشكل ملموس".

وخلصت الدراسة التي أوردتها الدورية العلمية الطبية "بريتيش ميديكال جورنال أوبن" أن استخدام كمامات وجه من نوعية "إن 95" مصنوعة من مادة السيليكون قد يساعد في خفض أكبر في كمية النفايات الطبية. 

ويعكف ترافيرسو وفريقه البحثي على تطوير مثل هذه الكمامات، التي لا تتوافر في الأسواق في الوقت الحالي.

وفي المراحل الأولى من تفشي كورونا، كان هناك نقص في كمامات "إن 95"، واضطر العاملون بالمجال الطبي في كثير من المستشفيات إلى ارتداء كمامة وجه واحدة طوال اليوم بدلا من تغيير الكمامة عند التعامل مع كل مريض، وفي وقت لاحق، بدأت بعض المستشفيات في استخدام أنظمة لتعقيم الكمامات بواسطة بخار مادة بيروكسيد الهيدروجين، وهو ما كان يسمح بارتداء الكمامة الواحدة لعدة أيام. 

وبدأ ترافيرسو وزملاؤه العام الماضي في تطوير كمامات "إن 95" قابلة لاعادة الاستخدام مصنوعة من السيليكون ومزودة بمرشح للهواء يمكن تغييره أو تعقيمه بعد الاستخدام. وكانت هذه الكمامات مجهزة بحيث يمكن تعقيمها بالسخونة أو المبيضات من أجل استخدامها أكثر من مرة.

ويقول ترافيرسو في تصريحاته التي أوردها الموقع الإلكتروني "ساي تيك ديلي" المتخصص في العلوم والتكنولوجيا إن "رؤيتنا كانت تتمثل في أنه إذا كانت لدينا منظومة لاعادة استخدام الأقنعة، فإنه من الممكن أن نخفض التكلفة"، مضيفا أن "الغالبية العظمى من كمامات الوجه التي تستخدم لمرة واحدة لها تأثير ملموس على البيئة حيث أنها تستغرق وقتا طويلا للغاية كي تتحلل. 

وأثناء الجائحة، تتركز الأولوية على حماية البشر من الفيروس، وبالطبع هذه المسألة تظل هي الأولوية، ولكن على المدى الطويل، علينا أن نتدارك الأمر ونفعل الصواب، ولابد أن نفكر بجدية في تقليل الآثار السلبية لهذه الكمامات على البيئة".

وفي إطار الدراسة، قرر الفريق البحثي في معهد ماساشوسيتس اختبار أكثر من سيناريو لاستخدام كمامات الوجه أثناء الجائحة، بما في ذلك ارتداء كمامة "إن 95" للتعامل مع كل مريض على حدة، أو ارتداء كمامة واحدة على مدار اليوم، أو اعادة استخدام الكمامة بعد تعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو بيروكسيد الهيدروجين، وأخيرا استخدام قناع جراحي واحد على مدار اليوم.