رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمنية للشرق الأوسط ليست مستحيلة

بينما أفكر أكثر من ساعات في موضوع مقالي، لاسيما وقد طرقت أغلب الأحداث والمناسبات، فقد آثرت أن أبدأ بحادث رائع تمنيته لدول العالم، وفي المقدمة مصر، وتحت عنوان «عالم المعرفة» كان الخبر التالي:
شرطي أمريكي استوقف سيارة شاب لأن رخصة قيادته منتهية، فسأله الشرطي: لماذا تقود سيارتك برخصة منتهية الصلاحية؟ أجاب الشاب بأنه تم طرده حديثا من عمله المسائي وأن النقود التي معه تكفيه للأكل والسكن ولأداء واجبات العيش ودفع الفواتير لأنه قادم من ولاية أخرى لغرض الدراسة في الجامعة لكن لن تكفي هذه النقود المحدودة لتجديده رخصة قيادته المنتهية، وهو في هذه اللحظة كان في طريقه لحضور مقابلة عمل في الوقت الذي أوقفه الشرطي. 

كان لدى الشرطي اختيار من اثنين، الأول هو أن يطبق القانون بأن يمنع الشاب من قيادة السيارة، لكنه اختار أن يطبق إنسانيته، فأوقف سيارته على جانب الطريق وركب في سيارة الشاب وقاد بها إلى مكان المقابلة ودخل معه واعتذر منهم لأنه السبب في تأخره، وتم قبول الشاب في الوظيفة، وتم منحه رخصة قيادة مؤقتة إلى أن يحصل على المال الكافي لتجديد رخصة القيادة.. وفي وقفة تأمل أمام هذه الواقعة يلاحظ الآتي:
أولًا: صدق الشرطي الشاب عند شرحه حالته المالية وظروف قيادته سيارته ورخصته منتهية.
ثانيا: أوقف الشرطي سيارته وقاد سيارة الشاب كي لا يقود الشاب السيارة ورخصته منتهية، وحرص على عدم ضياع فرصة الشاب في إجراء المقابلة التي قد تتيح له فرصة عمل، بل شرح للجنة أسباب تأخر الشاب بعض الوقت، وبعد تقييم مستوي الشاب لمسئولية الوظيفة المعلن عنها نجح في امتحانه.
لكن لم يترك الضابط الشاب، بل منحه رخصة قيادة مؤقتة لحين أن يتوفر له المال اللازم ليجدد رخصة قيادته، وأمام هذه الرواية الحقيقية أضع بعض النقاط التي نتمنى أن تحدث في بلادنا الشرق أوسطية:
أولًا: صدق الشاب فلم يخترع رواية دون واقع حقيقي.
ثانيا: موقف ضابط المرور وكيف تصرف في حدث صادق فلم يترك الشاب يقود سيارته دون رخصة مفعلة.
ثالثا: تحمل الضابط مسئولية تحقيق هدف الشاب للحصول على فرصة عمله، بل اعترف بأنه المتسبب في تأخر الشاب بعض الوقت وأنه هو الذي تسبب في هذا التأخير ليستجوبه عن سبب قيادة سيارته برخصة منتهية الصلاحية، الأمر الذي دفع الضابط لنقل الشاب لمقر اختباره، وبالفعل نجح الشاب في امتحان القبول للوظيفة المعلن عنها.
رابعا: لم يترك الضابط الشاب في مقر الامتحان بل رجع به لمنحه رخصة لفترة مؤقتة لحين أن يحصل الشاب على أول راتب يمكنه من طلب استخراج رخصة جديدة دون مشقة.

ومن هذه الواقعة التي يمكن أن تتكرر في الظروف غير العادية وكيف تعامل الضابط مع الأزمةز يقف المرء متأثراً ومتأملاً، وهنا كان مبرر نقلي للرواية مع يقيني بأن حدثا كهذا يمكن أن يتكرر في بلاد شرقنا المتوسط لدرس نتمنى ألا يفوتنا.

وهناك من يفكر في الحدث على أنه قد يرتكب بتكرار دون مبالاة، وهنا يأتي الدور الذي نتمناه وهو تعليم أولادنا من صغرهم الصدق، فنقول الصدق كل الصدق ولا شيء غير الصدق مهما كانت النتائج.

في ختام الحدث أشير إلى الأسرة وتهذيب أطفالها منذ نشأتهم ليس بالكلام بل ليرى الأطفال سلوك الآباء فيتصرفون بصدق وأمانة من البيت إلى المدرسة وتشجيع المسئولين لمواجهة القضايا بمساحة واسعة من الحرية في مواجهة المواقف الوعرة.

ليكن شعار أطفالنا منذ بداية حياتهم قول الصدق كل الصدق ولا شيء غير الصدق مع مساحة واسعة في حرية المسئول وتمكينه من تقديم حلول للمشكلات وفق الظروف التي تواجه الإنسان دون خسارة أو مخالفة أو تزييف للحقائق بشعار »نقول الصدق كل الصدق لا شيء غير الصدق مهما كانت النتائج».

  • الرئيس الشرفي للطائفة الإنجيلية بمصر