رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ لن ننساه «13».. جابر الطبال وولاية إمبابة

في 2 سبتمبر 1990 اغتيل زعيم منطقة إمبابة، الأمير العام للمنطقة، الدكتور علاء محيي الدين عاشور، في شارع الهرم، وإثر ذلك خرجت المظاهرات في إمبابة وأحرقت المباني والمحلات، وأشعلت النيران في عدد من الكنائس والمحلات المملوكة للمسيحيين.

وفي أول أكتوبر 1990 تم تنصيب الأمير عماد متولي أميرًا على منطقة إمبابة بدلًا من الأمير الراحل الدكتور علاء محيي الدين عاشور.

وسار الأمير الجديد على نهج الأمير السابق، وأصدر أوامره لأتباعه بحسن معاملة الناس، ومساعدة بسطاء الناس في حياتهم، وتقديم العون والخدمات للجميع، وفي عهد الأمير عماد استكملت الجماعات الإسلامية إخضاع إمبابة كلها، واستكمال مظاهر الحكم الإسلامي فيها على النحو التالي: 
- تم تعيين الشيخ أحمد عبدالحليم أميرا على منطقة شارع زكي مطر. 
-  تم تعيين الشيخ جابر محمد علي ريان أميرا على منطقة شارع الاعتماد.
- كما تولى الشيخ نبيل سالم إدارة الانضباط، وقام بإصدار بطاقات شخصية لأعضاء الجماعات.
- كما تولى الشيخ جابر محمد علي ريان قيادة الجناح العسكري، بالإضافة إلى عمله الأصلي أميرا على منطقة شارع الاعتماد.
- تشكل مجلس شورى للإمارة من أمراء المناطق وبعض أعضاء الجماعة للنظر في الشئون العليا للإمارة.

وفي نهاية عام 1991 قام مجلس شورى الجماعة بخلع أمير المنطقة عماد متولي، بعد أن اتهمته امرأة بأنه راودها عن نفسها، وعندما رفضت طلب أن يتزوجها بالرغم من علمه بأنها متزوجة من عضو في الجماعة، وقدمت المرأة شكواها إلى مجلس شورى الجماعة، وقام مجلس الشورى بخلعه من الإمارة لعدم صلاحيته للحكم ومطاوعة شهواته، وتم تعيين الشيخ جابر محمد علي ريان أميرا عاما لمنطقة إمبابة.

وبمناسبة تعيين الشيخ جابر أقيم حفل تنصيب غير مسبوق، أظهر هيبة الحكم الجديد، حيث تجمع أكثر من ثلاثة آلاف عضو من أعضاء الجماعات الإسلامية، ووصلت إلى منطقة إمبابة وفود برئاسة أمراء من الزاوية الحمراء والهرم والجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج.

كان هذا الحفل استعراضيا لإثبات تواجدهم الرسمي، ولتأكيد سيطرتهم وإحكام قبضتهم على الإمارات التي أعلنوا فيها الحكم الإسلامي.

وقد كتبت إحدى المجلات وصفا تفصيليا لوقائع حفل التنصيب، وقالت إنه في بداية الحفل امتطى الأمير الشيخ جابر محمد علي ريان صهوة جواد أبيض مطعم بسرج أحمر، وأمسك اللجام بيده، وخلفه كوكبة من الأمراء التابعين، واخترق الركب شوارع إمبابة وسط تهليلات وتكبيرات أعضاء الجماعة الإسلامية وزغاريد النساء وقرع الطبول، وفي نهاية الموكب تم ذبح الذبائح على بركة الأمير الجديد.

كما بثت هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C، يوم 18 أكتوبر 1992، نص الحديث الذي أجراه مراسلها في القاهرة مع الشيخ جابر محمد علي ريان، أمير منطقة إمبابة، وأعلن فيه الأمير أنه لا الشرطة المصرية، ولا أي جهاز من أجهزة الدولة يمكنه دخول إمبابة، كما أنه لن يسمح لها لو حاولت الدخول.. كما أعلن الشيخ جابر في نفس الحديث عن أنه قد أقام ولأول مرة حكومة إسلامية، ولتأكيد كلامه دعا وكالات الأنباء الأجنبية لزيارة إمبابة لكي تشهد عملية تحويل المنطقة إلى إمارة إسلامية خالصة.. وطلب من المراسل أن يتحدث مع أمراء المناطق، وقام بتقديمهم إليه ليتحدثوا عن أسلوب الحكم الجديد، ومزاياه التي من أهمها المساواة بين الناس، وإقامة العدل، والحكم بما أنزل الله، وتطبيق الحدود الشرعية على السارق والزاني.

وأعلن الشيخ جابر في نفس الحديث أنه سيكلف الجناح العسكري ببعض العمليات العسكرية ضد رجال الأمن، من أجل التخفيف عن الأخوة المقاتلين من أعضاء الجماعة الإسلامية في الصعيد، كما قرر أنه سيسهم في الحملة الدولية لإنقاذ مسلمي البوسنة والهرسك الذين يتعرضون للإبادة الجماعية من قبل الصرب، وأنه سيقوم بإرسال متطوعين من أبناء إمارة إمبابة الإسلامية إلى هناك.

بعد أن استضاف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية أركان حكومة جمهورية إمبابة، استضاف بعض الأهالي من سكان امبابة الذين رحبوا بالحكم الجديد، وكان من بينهم بعض المسيحيين.

وفي الأسابيع التالية صدرت بعض صحف القاهرة وفيها بعض التعليقات على الحديث الذي أجراه مراسل هيئة الإذاعة البريطانية.

وفي نوفمبر 1992 أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية أنه لا توجد منطقة في جمهورية مصر العربية يصعب على قوات الشرطة الوصول إليها.

وإثر هذا التصريح الحكومي ظهرت في إمبابة خلايا جديدة تدعو لحمل السلاح لمواجهة هجمات الشرطة المرتقبة، خصوصا في مناطق المنيرة الغربية، وشارع الأقصر والبصراوي والاعتماد والبوهي، متخذة من الزوايا المشيدة تحت المنازل مأوى خاصًا بها، ولا يدخلها إلا أعضاء الجماعة، بالبطاقات التي أعدها لهم الشيخ نبيل سالم، أمير الانضباط.

وكان يوم الثلاثاء من كل أسبوع، بمثابة عيد أسبوعي للجماعة في إمبابة، حيث يصطف الآلاف من أفراد الجماعة في شارع الأقصر على مرأى ومسمع من الجميع، حيث تقوم الإمارة بإغلاق الشوارع الأخرى، وإلقاء المواعظ والدروس الدينية وتكفير السلطة والحكومة بكل رموزها في الميكروفونات التي وضعوها على قمة المآذن.

وبدأ توافد مندوبي الوكالات الأجنبية على منطقة إمبابة من أجل مقابلة أول حاكم يعلن استقلاله عن الحكومة المركزية.

وهكذا تدخلت الظروف من أجل إجبار الحكومة على التدخل العلني لتكذيب المزاعم التي روجتها وكالات الأنباء عن جمهورية إمبابة.

لأجل ذلك تشكلت لجنة برئاسة اللواء عبدالحليم موسي، وزير الداخلية، وتحدد يوم 8 ديسمبر 1992 موعدا لتنفيذ خطة اقتحام إمبابة. 
يتبع