رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار مع ذاتك المستقبلية «4»

 

أن يتخيل الإنسان نفسه فى المستقبل ويتصور كيف سيكون الوضع عليه، يجعله يستعد للمستقبل ولما يطرأ عليه من تغيرات خارجية، والأهم التغيرات الداخلية، وهذه الكتابة بقدر ما هى معنية بحالة النساء- بشكل خاص- وما عليهن عمله للتغلب على ما تعرف بـ«سن اليأس»، إلا أنه موجّه للرجال أيضًا، فلا أحد بمنجى أو عاصم من دورة الهرمونات وانخفاض بعضها بتقدم العمر.

ومن المؤسف أنه فى الوقت الذى تتأهل فيه النساء لتولى زمام الأمور، وحصد نتائج سنوات التعب والكفاح، وتولى مناصب قيادية فى عمر بين ٤٥- ٥٥، فى هذا الوقت تبدأ أعراض سن اليأس بالظهور، ويمكن أن تستمر حتى ١٠ سنوات، وكأن جسد المرأة يخذلها، فتبدأ الأعراض فى الظهور والتى قد تكون أعراضًا جسدية، مثل الهبات الساخنة، وآلام المفاصل، وسلس البول، وغزارة دم الحيض، ويمكن أن تكون أيضًا عقلية: القلق والاكتئاب ونوبات ضعف الثقة فى النفس وصعوبة النوم.. تخيل المعاناة من صعوبة النوم لـ١٠ سنوات، وكيف يؤثر ذلك على فرص النساء فى الترقى وتولى مناصب قيادية؟

فى دراسة أجرتها شركة فودافون فى خمسة بلدان توصلت إلى أن ٦٠ فى المائة من النساء اللائى يعانين من أعراض انقطاع الطمث أفدن بأنها أثرت على عملهن. 

فى دراسة أخرى فى المملكة المتحدة، قال ٣٠ فى المائة من النساء إنهن تغيّبن عن العمل بسبب أعراضهن، وفى أسوأ الحالات تتخذ النساء قرارات صعبة بشأن حياتهن المهنية.. يتنازل ١١ فى المائة عن فرصة للترقية، وتستقيل ثمانى فى المائة تقريبًا من مناصبهن بسبب أعراض سن اليأس. 

تتحدث النساء عن متاعبهن فى الجمع بين الوظيفة والاهتمام بأطفالهن، وعن رعاية الوالدين المسنين، لكنهن نادرًا ما يتحدثن عن التغيرات التى تحدث لأجسادهن وعقولهن وتأثير سن اليأس عليهن.. لذا يجب تشجيع النساء على الانفتاح والحديث صراحة عن متاعبهن فى هذه الفترة من حياتهن.. الوعى والمعرفة يجعلان الإنسان يُقدّر ما يمر به.. يجب توعية النساء بأهمية تقليل التوتر، والحصول على مقدار كافٍ من النوم، وتناول الأغذية الصحية التى تحتوى على هرمون الإستروجين كبديل هرمونى نباتى طبيعى، وكذلك تناول أطعمة صحية ومتوازنة تكون غنية بفيتامين «د» لصحة العظام، وممارسة ١٥٠ دقيقة على الأقل من النشاط البدنى المعتدل أسبوعيًا، مثل المشى والرقص أو الركض، واللجوء للطبيب والاستعانة بالخبراء والمتخصصين، سواء كانوا أطباء أمراض النساء أو أطباء الغدد الصماء، أو مدربين لتمرين قاع الحوض، أو أطباء نفسيين للتخفيف من أعراض سن اليأس، خاصة فى أماكن العمل، حيث إن هذه الأعراض تأتى دون موعد محدد.

إن زيادة الوعى بحالة المرأة فى هذه المرحلة العمرية أمر ضرورى، وكلنا يتذكر كيف كان الختان أمرًا مستترًا ومسكوتًا عنه، وعما يسببه للنساء من ضرر، فلما زاد الوعى بخطورته تم سَنّ التشريعات المجرّمة له، وأيضًا بفضل الحديث المجتمعى أصبح هناك اهتمام بتوفير دور الحضانة للأمهات العاملات فى كل منشأة بها عدد معين من الأمهات العاملات. 

لنجعل النقاش حول سن اليأس أمرًا طبيعيًا، ولندعو الجميع لفهم ما يحدث فى هذه المرحلة الطبيعية من حياة المرأة، لنجعله موضوعًا للحديث فى وسائل الإعلام، وفى الندوات، البرامج التدريبية للشركات والمؤسسات، حتى يمكن للجميع أن يتعلموا كيف يقدمون الدعم للنساء. 

وإذا كان هناك حرص من الدولة على تعزيز القيادة النسائية فى المناصب العليا، فسيتطلب الأمر الكثير من الجهود المنسقة لتحقيق الهدف، وأهمها أخذ سن اليأس على محمل الجد.