رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مزيدًا من القادة

أجمل وأفضل ما نمر به فى هذه الأيام أن كل إنسان بدأ يشعر بقدر نفسه، فأصبحت لدينا رغبة قوية فى إثبات أنفسنا، وتحدى الصعاب، وتخطى العقبات، فالأمل بدأ يدبّ بداخل الجميع، ومات الكسل والخمول، واستيقظت الإرادة والقوة، فالروح المعنوية ارتفعت داخل كل مواطن مصرى، والحماس بدأ يشتعل من جديد، وكل هذا بسبب رغبة الدولة الحقيقية فى بناء الإنسان وتنميته داخليًا. 

ففى الماضى كان الشعور بالظلم يُسيطر على مناحى الحياة، واستشراء الفساد كان يفرض غيومه على كل الأرجاء، وانتشار النفاق والتملّق كان مثل الوباء الذى ليس له دواء، وكل تلك التصرفات كانت تأتى بنتائج عكسية على المواطن، لأنه كان يشعر بأنه مُهمش لا قيمة له وأنه يحتاج إلى استعمال أساليب مُلتوية لكى يُحقق أقل أحلامه أو يصل إلى أبسط حقوقه، أما ما تصبو إليه نفسه فكان دربًا من دروب الخيال لا يجسر على مجرد تصوره أو التطلع إليه.

أما الآن، فقد عادت الدماء تجرى فى العروق، والسبب أن كل إنسان أصبح يشعر بأنه على أهبة الاستعداد لكى يكون قائدًا فى مكانه وحيزه، لأن الاهتمام بتنمية الموارد البشرية أصبح الشغل الشاغل للدولة. فبالفعل هناك إعداد للعناصر البشرية بالشكل الصحيح، الذى يتفق مع الاحتياجات الخاصة بالمجتمع، علاوة على تطوير المعرفة، وتنمية الإمكانات المهنية، والنفسية، والشخصية الخاصة بكل إنسان له دور حقيقى فى المجتمع، خاصة بالنسبة لمن يعملون فى مؤسسات الدولة، فلقد أصبحت هناك إدارة للتنمية البشرية تهدف إلى التطور الوظيفى للموظفين، وفرص التدريب، والمساعدة الدراسية، وإعادة التطوير والأداء.

وكل هذا بما لا يدع مجالًا للشك، سيعمل على توفير المناخ المناسب من أجل زيادة الإنتاج، وبالتبعية سيتم العمل على إشباع احتياجات الفرد، علاوة على العمل على إخراج القدرات الشخصية التى تدفع الأفراد لتحقيق ذاتهم وطموحاتهم، وكل هذا سيزيد من قدرتهم ورغبتهم فى تحمل المسئولية.

ولا ننسى أننا قديمًا كانت لدينا أزمة العمل الجماعى، فكان كل شخص يعزف سيمفونية مُستقلة عن بقية أفراد فريق العمل، لأن روح التعاون لم تكن مُتوفرة، فكل شخص كان يُؤمن بأن نجاحه مرتبط بفشل الآخرين، وأن عليه إخفاق الجميع حتى يظهر تميزه ونجاحه، فروح المنافسة كانت مُتغلبة على روح التعاون، أما بفضل تنمية الموارد البشرية، فقد تم بث روح التعاون لدى فريق العمل، وذلك من أجل تحسين كفاءة الإنتاج، وكل هذا ساعد على دعم قدرة الجماعة فى تحليل المشاكل والأزمات التى تمر بها الإدارة أو المؤسسة، ثم وضع سيناريوهات حل الأزمة الملائمة لها، والسبب فى كل هذا يرجع إلى أنه تم تغليب فكرة الصالح العام مع المصالح الفردية والشخصية، لأن روح الانتماء أصبحت هى الدافع الذى يُحرك النفس البشرية، ولا ننسى أن الترقيات وشغل الوظائف القيادية أصبحت مُرتبطة بالكفاءة وليست بالأقدمية، وهذا فى حد ذاته يُشعل الرغبة فى النجاح والتميز وإثبات الذات، لأن الموضوعية أصبحت هى الترمومتر الذى تُقاس به الأمور، وهذا هو ميزان العدل الذى لطالما بحث عنه المواطن حتى يحصل على حقوقه على مر الزمان.

فالقيادة السياسية تُحاول زرع روح القيادة داخل المواطنين، ولذا أصبحت أغلب الكوادر والقيادات، سواء فى المحافظات أو الوزارات، من الشباب، وتمكين المرأة واعتلاؤها المناصب السياسية والقيادية والقضائية والإدارية، أكبر دليل على الرغبة فى جعلها قائدًا فى مكانها.

وصدقت مقولة «القادة الحقيقيون لا يصنعون أتباعًا لهم.. إنهم يصنعون مزيدًا من القادة»، وهذا ما يفعله الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، فهو دائمًا يبث روح القيادة داخل الشباب، وبين المواطنين، وبداخل كل امرأة، فالمسئولية التزام قبل أن تكون شعورًا بالسلطة أو القوة، وهذا بالفعل ما بدأ يَنْفذ إلى روح المصريين فى الآونة الأخيرة، لأننا لا نبحث عن الأتباع، بل نصنع مزيدًا من القادة، وبإمكان كل شخص أن يكون قائدًا فى مكانه.