رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الجن لابسه».. خرافات يرددها أهالي كفر الشيخ على المريض النفسي

المريض النفسي
المريض النفسي

مازالت نظرة أهالي محافظة كفر الشيخ إلي المرضى النفسيين والمرض النفسي بصفة عامة مخيبة للآمال، فبدلا من التشخيص الصحيح للمرض ومعالجة المريض علي يد أطباء متخصصين، أصبح الأهالي ينكرونه يوما بعد يوم، ويعتبرونه وصمة عار تلاحق المريض، حتى بدأوا في الاستغناء عن الطب وقالوا "الجن لابسه" هكذا لا يكون وصمة عار إذا أصيب أحدهم بالمرض النفسي تحت هذا  التشخيص الجديد الذي ألصقوا بالجن.

يعتقد الكثيرون من أهالي المحافظة الريفية أن "الجن" ليس وصمة عار إذا أصيب أحدهم بحجة أنه مذكور في القرآن، ولكن مصطلح المرض النفسي هو وصمة عار لهم وأيضا يصبحون مادة للسخرية لغيرهم، فإن فشلوا في إلصاق المرض بالجن ألصقوا إليه مرض الجنون أو الصرع وهنا يكون الوضع كارثي فهنا لا يقومون بعلاجه ويتركونه يواجه مصيره فالجنون لا علاج له حسب اعتقاداتهم.

وقد تحدث عدد من ذوي المرضى النفسيين لـ«الدستور»، حول تجاربهم التي مروا بها حتى يقتنعوا ويعترفوا أن أحد أقاربهم مريض نفسي ويحتاج إلي علاج.

تقول “أيه.ع” وتعمل معلمة بإحدى المدارس الإبتدائية: بدأ شقيقي ذو الـ 17 عاما تظهر عليه أعراض وحركات لا إرادية فجأة، واستمر كذلك لما يقرب من أسبوعين ومع الوقت حالته تزداد، فكانت والدتي تضربه اعتقادا منها أنه يفعل ذلك بإرادته، فكانت تريد منه أن يكف عن ذلك، ولكن عندما تيقنوا أن شقيقي لا يقوم بتلك الحركات بإرادته أخذته لأحد المشايخ اعتقادا منها أنه “ملبوس” وقام الشيخ ذلك بأخذ أموال منها وإعطائها حجاب وبعض المشروبات ولكنها لم تأتي بنتيجة تذكر.

وتابعت: “في بيتنا كدنا نعلم أن شقيقي أصبح مريض نفسي، ولكننا ظللنا ننكر بشدة وعندما يسألنا أحد عن حالته كنا نخبرهم أنه ملبوس والشيخ بيعالجه، فكانوا يطمئنون ويرون ذلك عاديا وليس مسيئا لنا، ولكن بعدما زادت حالة شقيقي للأسوأ بدأنا في الذهاب سرا لأحد الأطباء النفسيين لعلاجه، وبالفعل بدأ في جلسات العلاج ولكن دون أن تعلم والدتي لأنها ترفض بشدة مصطلح المرض النفسي”.

فيما لم يختلف الوضع كثيرا في حالة الطفل “هيثم .م”  ذو ال 9 أعوام، إذ قالت والدته أن نجلها أصيب بصعوبة في النطق وحالة مزاجية سيئة وبدأ يعلو صوته في الصراخ، فأخبرني جيراني أنه محسود ثم نصحوني للتوجه إلي شيخ والذي أخبرني بدوره أن أحد الأشخاص قد صنع عمل لنجلي وطلب من 500 جنيها من أجل فكه، وفعلت ما طلبه ولكن لم يتحقق شيء، وبدأت أقول عليه مجنون وكانت الكلمة قاسية حتى الأطفال لقبوه بالمجنون عندما كانت تأتيه الحالة العصبية والصراخ.

ونصحني أحد الأشخاص بالتوجه لمركز الأمراض النفسية والعصبية بمدينة كفر الشيخ ودخلت هنا متخفية خوفا أن يراني أحد ويفتضح أمر نجلي ويعرفون أنه مريض نفسي ويبقا هذا وصمة عار تلاحقه طيلة عمره حتى وإن تماثل للشفاء.

من جانبها، أكدت شيماء عبد الخالق، مديرة أول مركز حكومي لعلاج الأمراض النفسية والعصبية بكفر الشيخ، أنه بالفعل ينظر الأهالي للمرض النفسي علي أنه عيب ووصمة عار، وقد ورثوا ذلك المعتقد عن أسلافهم الذين كانوا دائما ما يهربون من مصطلح المرض النفسي، ولكن حاليا بدأت نظرة أهالي كفر الشيخ تتغير رويدا تجاه المرض النفسي من الإنكار والتجاهل إلى الاعتراف والعلاج حتى وإن كان سرا.

وأضافت عكاشة، أن هذه خطوة جيدة للغاية ويرجع ذلك في الأساس إلي حسن استقبالنا لهم والاستماع إليهم ومعاملتهم بأحسن صورة ممكنة ووجود أطباء مخ وأعصاب وأخصائيين وفنيين.