رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار مع ذاتك المستقبلية «3»

 

يعتقد الناس دائمًا أن أكثر أفضل من أقل: ٦٠ دائمًا أفضل من ٥٠، ويعتقدون دائمًا أن الآن أفضل من لاحقًا: لدينا ميل نحو اختيار ٥٠ جنيهًا الآن، بدلًا من الحصول على ٦٠ جنيهًا بعد شهر، لدى الناس الكثير من الصعوبات فى أخذ القرارات حول أشياء ستحدث فى أوقات زمنية مختلفة. 

إحدى المشاكل التى تصاحب أخذ القرارات هى أننا نتخيل المستقبل القريب بشكل أكثر وضوحًا من المستقبل البعيد، وهناك أيضًا أننا لا نرغب فى خوض التفاصيل الخاصة بالمستقبل، فقد يكون سهلًا أن تسأل ماذا تفعل إذا حصلت على ١٠٠ ألف جنيه إضافية عندما تبلغ ٦٥ عامًا؟ عن طرح سؤال، تخيل عندما تبلغ ٦٥ عامًا، هل ستكون على قيد الحياة؟ كيف سيبدو منظرك؟ من الذى ستعيش معه؟ الإنسان لا يتخيل مستقبله بسيناريوهات تفصيلية، ولكنها صورة عامة، ولذا فالآن أكثر أهمية من لاحقًا.

يقع معظم الناس فى خطأ تقدير الاحتمالات التى سينجحون بها، والأخطأ فى تقدير قيمة نجاحهم الخاص.

ويظهر ذلك فى ألعاب المراهنات، واحتمالات الفوز بشىء معتمدًا على الحظ أو الاختيار العشوائى، ويعتبر الاقتصاديون اليانصيب والمراهنات نوعًا من الغباء، لأن احتمال الحصول على أى مكافأة باستثمار أموالك فى تذكرة يانصيب، سواء بالشراء أو الاتصال التليفونى فى برنامج ما، تساوى تقريبًا رمى المال على الأرض، وما يخدع الناس ليس فقط تضخيمهم احتمالات فوزهم، ولكن لأن وسائل الإعلام تسلط الضوء على الفائزين: مبروك حصلت على مليون دولار «بصوت مصطفى الأغا»، ولكن أيًا منا لم يشاهد لقاءات على التليفزيون مع الخاسرين وهم بالآلاف. 

قد يكون منطقيًا أن نتساءل، هل يختلف الحوار مع الذات المستقبلية باختلاف النوع؟ أى هل يختلف بين الرجل والمرأة؟ والإجابة المحتملة هى نعم، إذا كان كل حوار مع الذات المستقبلية حوارًا ذاتيًا فقطعًا كل نوع لديه حساسيات وقضايا خاصة يحتاج أن يثيرها مع ذاته المستقبلية، وهذا يستوجب معرفة النساء بما ينتظرهن فى المستقبل من تغيرات فى أجسادهن، ليست تغيرات الشيخوخة، لكن تغيرات منتصف العمر، وبداية انقطاع الدورة الشهرية أو الانتقال لما يعرف بمرحلة اليأس، وهو مسمى قبيح، علينا أن نلغيه من حديثنا، ونطلق على هذه المرحلة سن النضج أو سن الأمل.

تستغرق هذه التغيرات عدة سنوات، ثم تستمر طوال الوقت بعد ذلك، لذلك من الأفضل التفكير فى سن اليأس على أنها سلسلة متصلة، تبدأ قبل سنوات من ظهور عوارضها، خلال ما يسمى بمرحلة الانتقال لسن اليأس، تمامًا مثل سن البلوغ. 

ماذا يحدث فى أجساد النساء فى هذه المرحلة؟ يقترح الأطباء التفكير فى سن اليأس على أنها سن البلوغ، لكن فى اتجاه معاكس، ويحدث هذا التغير عادة فى وقت ما فى منتصف الأربعينيات، حيث يختل انتظام الإباضة، ويقل عدد البويضات الموجودة لدى المرأة، وما بقيت قد لا تكون صحية بعد الآن. وتعيش المرأة فوضى هرمونية، فينخفض هرمون الإستروجين فى بعض الدورات، ويرتفع فى بعض الدورات الأخرى، وعندما تستقر الأمور سيكون هرمون الإستروجين فى أقل مستوياته، ما يسبب مخاوف طبية عديدة مثل: هشاشة العظام وأمراض القلب، داء السكرى وجفاف المهبل.

تعانى النساء من هذه الأعراض بدرجات متفاوتة، بعضها أعراض خفيفة، وتواجه أخريات: الهبات الحرارية، اضطرابات فى النوم، والتهيج، الخفقان، الغثيان، الاكتئاب أو انخفاض الشهوة الجنسية.

كيف تواجه المرأة هذه التغيرات وهذا الواقع الذى ستصير إليه بمجرد تخطيها سن الأربعين؟ كيف يمكن أن يفيد الحوار مع الذات فى تخطى هذه الحالة؟.. على المرأة أولًا وقبل كل شىء أن تتأكد أن قيمتها لا تأتى من وظيفتها الإنجابية، ولكنها تأتى من قميتها وأهميتها نفسها.. ومن خلال حوارها مع ذاتها المستقبلية والتعرف على تأثير هذه التغيرات على روحها وجسدها ستستطيع أن تمد جسور دائمة من الأمل والتعاطف والدعم لنفسها ولرفيقاتها من النساء فى هذه الدائرة.

ماذا تفعل النساء لتحقيق العبور الآمن نحو سن الأمل؟

للحديث بقية.