رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قنصل الصين بالإسكندرية لـ «الدستور»: مصر ستكون أول دولة إفريقية تنتج لقاحات كورونا

جياو لي يينج قنصل
جياو لي يينج قنصل الصين بالإسكندرية

خمسة وستون عامًا مرت على العلاقات المصرية الصينية، تحتفل بها البلدين هذا العام، إذ تجمع بين الشعبين صداقة وطيدة، بدأت تلك الصداقة دبلوماسيًا في 30 مايو 1956 عندما اعترفت مصر بجمهورية الصين وأقامت علاقات دبلوماسية معها لتصبح مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بالصين.

وشهدت السنوات الماضية تطورًا للعلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل قادة الدولتين الزيارات بصورة كثيفة، ويومًا بعد يوم يتعزز التعاون بين الدولتين سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا وتكنولوجيًا وثقافيًا.

وحاورت "الدستور" القنصل العام لدولة الصين بالإسكندرية، جياو لي يانج، التي أوضحت في حديثها عن حجم التبادل التجاري والعلمي بين البلدين.

 

- هل أثرت جائحة كورونا على حجم التجارة بين مصر والصين، خاصةً أن العلاقات الدبلوماسية يرجع تاريخها إلى 65 عامًا؟

منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 65 عامًا، تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين باستمرار، وأسفر التعاون العملي عن نتائج مثمرة، وشهدت الشراكة الاستراتيجية الشاملة تطورًا عميقًا. 

في بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية، كان حجم التجارة بين الصين ومصر عشرات الملايين من الدولارات فقط. 

ولكن بحلول عام 2013، تجاوز حجم التجارة بين البلدين 10 مليارات دولار أمريكي لأول مرة، منذ ذلك الحين، حافظت الصين على مكانة الشريك التجاري الأكبر لمصر لمدة  8 سنوات على التوالي. 

على الرغم من تأثير الوباء، تخطي حجم التجارة بين الصين ومصر 14.57 مليار دولار أمريكي في عام 2020، بزيادة سنوية قدرها 10٪. وفي الربع الأول من هذا العام، بلغ حجم التجارة الثنائية 4.18 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 32.1٪. 

كما حافظ التعاون الاستثماري بين الصين ومصر على زخم جيد في التنمية، حيث أصبحت الصين الدولة الأكثر نشاطًا والأسرع نموًا في الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة.

وفي عام 2020 بلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر 190 مليون دولار أمريكي، أما في الربع الأول من هذا العام، بلغ 83 مليون دولار أمريكي بزيادة قدرها 134%. 

نحن على استعداد للعمل مع مصر من أجل التنفيذ الجاد للتوافق الهام الذي توصل إليه قادة البلدين، وتعميق الصداقة التقليدية والتعاون العملي في مختلف المجالات، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، لتحقيق تنمية أكبر في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" بما يعود بالنفع على شعبي البلدين.

 

ما المشروعات القومية التي تشارك فيها الصين مع مصر؟

تشارك الصين في بناء وتنمية مصر بنشاط، وتشهد المشاريع الكبرى تقدمًا سلسًا مثل مشروع منطقة «تيدا السويس» للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني- المصري،  ومشروع بناء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع مجمع الأبراج بمدينة العلمين الجديدة، والقطار الخفيف في منطقة العاشر من رمضان. 

واعتبارًا من نهاية ديسمبر 2020، اجتذب مشروع منطقة «تيدا السويس» للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني- المصري ما يقرب من 100 شركة، وتجاوز حجم الاستثمار الفعلي 1.25 مليار دولار أمريكي، وتجاوزت المبيعات التراكمية 2.5 مليار دولار أمريكي، وبلغت قيمة الضرائب والرسوم ما يقرب من 176 مليون دولار أمريكي، وتم توظيف حوالى 4000 شخص بشكل مباشر مما خلق أكثر من 36000 فرصة عمل غير مباشرة. 

وقد أشاد الرئيس عبدالفتاح  السيسي بمنطقة تعاون «تيدا السويس» باعتبارها أنجح مشروع لقناة السويس ونموذج للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر. 

أما بالنسبة لمشروع بناء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة الذي تقوم ببناءها الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية، فيغطي مساحة إجمالية قدرها 505000 متر مربع، ويضم 20 برجًا ومرافق الخدمات البلدية. 

 

ما الزيادة المتوقعة في حجم التجارة بين البلدين العام الجاري والقادم؟

حققت الصين نتائج ملحوظة في تدابير الوقاية من الوباء والسيطرة عليه والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في عام 2020، تجاوز إجمالي الناتج المحلي للصين 100 تريليون يوان للمرة الأولى، بزيادة قدرها 2.3٪ على أساس سنوي، مما يجعلها الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي حقق نموًا اقتصاديًا إيجابيًا. 

وفي النصف الأول من عام 2021، نما إجمالي الناتج المحلي للصين بنسبة 12.7٪ على أساس سنوي، ويستقر هذا الزخم ويتحسن باستمرار. 

يوافق هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. علي مدار 100 عام، وتحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، حققت الصين إنجازات جذبت أنظار العالم على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وثاني أكبر مستورد في العالم. 

في الوقت الحاضر، تلتزم الصين ببناء نمط جديد للتنمية، وتعزيز الإصلاح والانفتاح من نقطة انطلاق أعلى، وتعزيز التنمية عالية الجودة. 

وفي السنوات الخمس المقبلة، ستستورد الصين بقيمة أكثر من 10 تريليونات دولار من السلع والخدمات، وسيجلب هذا المزيد من فرص التعاون لدول العالم بما في ذلك مصر، ومن المتوقع أن يستمر التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر في تحقيق اختراقات جديدة. 

 

 

ما المنتجات الأساسية التي تستوردها الصين من مصر؟

في عام 2020، بلغت قيمة صادرت مصر إلى الصين 450 مليون دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 44.30٪، وتعد سلع التصدير الرئيسية هي الوقود الأحفوري ومنتجات النحاس والأحجار والفواكه. 

وأصبحت مصر ثاني أكبر مصدر للبرتقال الطازج المستورد والفراولة المجمدة المستوردة في الصين،  ويستحوذ البرتقال الطازج المصري والفراولة المجمدة  على أكثر من 20٪ و 35٪ من سوق الاستيراد الصيني؛ فيما تتمتع التمور المصرية الطازجة بـ«التصدير الحصري» إلى الصين، وأصبح الخيار الأفضل للمستهلكين الصينيين، كذلك أصبحت الفواكه المصرية عالية الجودة مثل «بطاقة تعارف» جميلة للشعب الصيني لفهم مصر وحبها.

 

ما أوجه التعاون مع دول إفريقيا لمواجهة جائحة كورونا؟

بعد تفشي الوباء خلال الوقت الحرج الذي شهدته الصين في مكافحة الوباء،  قدمت لنا الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي دعمًا قويًا والذي لن ينساه الجانب الصيني أبدًا. 

لقد استحوذ الوضع الوبائي في إفريقيا على اهتمام الرئيس الصيني شي جين بينج، واقترح عقد القمة الاستثنائية للتضامن الصيني الإفريقي ضد الوباء في شهر يوليو العام الماضي، وأجري مكالمات هاتفية مع 11 زعيمًا إفريقيًا؛ مُبينًا الصداقة الخاصة بين الصين وإفريقيا الذين يتشاركون السراء والضراء معًا. 

وقد قدمت الحكومة الصينية دفعات متعددة من الإمدادات الطارئة لمكافحة الوباء ومساعدات اللقاحات إلى البلدان الأفريقية، وأرسلت فرقًا من الخبراء الطبيين لمكافحة الوباء إلى 15 دولة إفريقية، وتم إنشاء آلية للتعاون مع 43 مستشفى في 38 دولة إفريقية، ودربت 20 ألف طاقم طبي، وبدأ تشييد المقر الرئيسي للمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها قبل الموعد المحدد، مما يوضح المعنى الحقيقي لمجتمع الصين وإفريقيا ذو المستقبل المشترك.

لطالما كانت الصين داعمًا قويًا لإفريقيا في محاربة الوباء، وستواصل الصين تقديم اللقاحات والمساعدات المادي لمكافحة الوباء إلى البلدان الإفريقية المحتاجة، وتسهيل شراء اللقاحات الصينية من قِبل الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون المشترك في إنتاج اللقاحات. 

إن الصين تتفهم وتدعم مناشدة الدول الأفريقية للإعفاء من حقوق الملكية الفكرية للقاحات "كوفيد-19" وتلتزم بالقضاء علي «فجوة اللقاحات»، وهي على استعداد لتسريع بناء مقر المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، وتعزيز القدرات الشاملة للوقاية من الأوبئة ومكافحتها في إفريقيا بشكل فعال، والعمل مع البلدان الأفريقية للتغلب على الوباء في وقت مبكر.

 

هل تعمل الصين على لقاحات جديدة لسلالات كورونا المتحوّرة؟

الصين من أول البلدان في العالم في أبحاث لقاحات كورونا المستجد من حيث السرعة والعدد، وقد استغرق مشروع بحث وتطوير اللقاحات من البداية حتي أول مرحلة من التجارب السريرية شهرين؛ وحتي أول استخدام طارئ للقاح استغرق 4 أشهر؛ وحتي المرحلة الثالثة للتجارب السريرية خارج الصين استغرق الأمر 5 أشهر؛ وبالوصول إلى الإدراج استغرق 11 شهرًا.

 

حاليًا، يوجد71  لقاحًا في مرحلة البحث والتطوير في الصين، ويوجد 9 لقاحات صالحة للاستخدام منها 2 في قائمة استخدام الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية. 

ولقد نفذت الصين مفهوم مجتمع صحة الإنسان من خلال إجراءات عملية، وقامت بتعزيز التعاون الدولي في تطوير وإنتاج واستخدام اللقاح بنشاط، وتعاونت مع المؤسسات في أكثر من 20 دولة لتنفيذ المرحلة الثالثة للتجارب السريرية. لقد قدمت الصين أكثر من 500 مليون جرعة من اللقاح لما يقرب من 110 دولة حتى الان. 

وفي ظل تعاون مصر والصين لإنتاج اللقاحات، ستكون مصر هي أول دولة في القارة الأفريقية في إنتاج اللقاحات. 

مع استمرار انتشار الفيروس بسرعة في جميع أنحاء العالم، يعتقد الخبراء من مختلف البلدان بما في ذلك الصين في ضرورة أخذ الاستعداد مبكرًا، حيث يراقبون عن كثب عملية التحور للفيروس، ويقومون بشكل مشترك بأعمال البحث والتطوير الخاصة بلقاحات سلالات الكورونا المتحوّرة.

 

ماذا عن التعاون بين الإسكندرية ومدن ومقاطعات التآخي الصينية؟

إن التبادل والتعاون المحلي جزءًا مهما من العلاقات بين البلدين. تعد الإسكندرية  ثاني أكبر مدينة في مصر، تتمتع بتاريخ طويل ومناظر ساحرة وثقافة رائعة وشعب ودود، ولها علاقات توأمة مع مقاطعة «قوانغدونغ» ومدينة «شنجهاي» ومقاطعة «قويتشو» ومقاطعة «هاينان».

 صادف العام الماضي الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس علاقات التآخى بين الإسكندرية و«قوانغدونغ»، حيث تبرعت مقاطعة «قوانغدونغ» ومدينة العاصمة «قوانغتشو» على التوالي بمواد وقائية لمكافحة الوباء إلى الإسكندرية، وعقد رجال الأعمال من الجانبين أنشطة ترويجية لمعرض «كانتون»، كان من ثمارها توقيع اتفاقيات تعاون بين الجانبين من أجل خلق فرص لتعزيز التجارة بين الجانبين بنشاط. 

أما بالنسبة إلى الإسكندرية و«شنجهاي»، تستعد جامعة «شنجهاي» وجامعة الإسكندرية في إنشاء معهد «كونفوشيوس»، وعقدت الجامعتان مؤتمرًا عبر تقنية الفيديو، حيث شارك فيه خبراء من الجانبين تجربتهم في مكافحة الوباء؛ وشارك طلاب من قسم اللغة الصينية بجامعة الإسكندرية في البرنامج الصيفي عبر الإنترنت لجامعة شنجهاي. 

ونحن على استعداد لمواصلة العمل مع الأصدقاء من جميع مناحي الحياة في الإسكندرية لزيادة تعزيز التبادلات الودية والتعاون العملي بين المحافظات والمدن الشقيقة في مختلف المجالات لتحقيق المزيد من النتائج المثمرة.