رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منع شادية من حضور تكريم الدولة

الوجه الآخر لـ«مصطفى محمود»: احتفل بعيد ميلاده يوم وفاة إحسان عبد القدوس

الدكتور مصطفى محمود
الدكتور مصطفى محمود

كشفت الأديبة والكاتبة لوتس عبد الكريم عن بعض من ذكرياتها مع الدكتور الراحل مصطفي محمود وعلاقاته مع الأديب الراحل إحسان عبد القدوس، والفنانة الراحلة شادية، وغيرهم من نجوم المجتمع، حيث سردت بعضاً من المحطات التي كشفت عن الوجه الآخر للدكتور مصطفي محمود فى علاقاته بهم. 

 

 وقالت، “ كان إحسان عبدالقدوس فى أواخر أيامه قد اشتد عليه المرض إثر إصابته بجلطة فى المخ نتجت عن جرح قديم فى الرأس، حين حاول معتدون قتله وقت إثارته قضية الأسلحة الفاسدة، وكنت أداوم على زيارته أثناء مرضه، وفور عودته من رحلته العلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية، طلب منى خلال زيارتى الأخيرة إليه أن أذهب به إلى مصطفى محمود، وكان يعرف صلتي الفكرية والثقافية به”.

وتابعت الكاتبة" عبر حسابها بموقع "فيسبوك":" وعاونته بمشقة على السير، إذ كان الشلل يسرى وقتذاك فى سائر جسده، حتى ضرب لسانه ولم تعد الألفاظ تخرج صحيحة، وفى الطريق كنت أسأله لماذا مصطفى محمود تحديدا؟ فيجيبنى بصعوبة: لأنه استطاع أن يحل مشكلاته وهى أساسا عويصة، حيث مرض كثيرا وأصيب إصابات بالغة فى المعدة والأمعاء، كما أن عمليات خطيرة أجريت فى كامل جسده بالإضافة إلى مشكلاته الشخصية، حيث الزواج الفاشل أكثر من مرة، وحياة مليئة بالمتناقضات التى تفضى إلى الشقاء، ومع ذلك فقد انتصر وهزم الحياة بإرادته، وإنه يواصل طريقه ساخرا واثقا وسعيدا، ولا أدرى كيف وصل إلى هذه النتيجة؟".

 - إحسان عبد القدوس يسير إلى تابوت مصطفى محمود

واستطردت، وكانت محاولة يائسة وأنا أسنده فى الممشى المؤدي إلى غرفة مصطفى محمود، فى أعلى المسجد، والتي كان يطلق عليها "التابوت"، لكثرة ما كان يفكر في الموت، واستقبلنا مصطفى محمود بشوشا مرحبا، وظل يحادث إحسان قرابة الساعتين، ولم أكن أدرى إذا كان مستوعبا لما قيل، ولكنه كان الأمل الأخير.

وتابعت، ومات إحسان عبدالقدوس بعدها بأسبوع، وعقب مشاركتى فى الجنازة، فوجئت بدعوة من مصطفى محمود إلى حفل عيد ميلاده فى الليلة ذاتها، وذهبت - رغما عنى - فوجدت موسيقى وغناء وحضورا كثيفا من مختلف الفئات والتخصصات وانصرفت مهمومة، إذ كنت أمام شخصية ذات أطوار غريبة وغير مفهومة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وأذكر قولا له وقتها: إن كل من استعمل مخه فى عصيان الله أصابه الله فيه، وكان يقصد بما قال: أحمد بهاء الدين، ولويس عوض، ثم إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس".

 - صور القرآن كأنه سيمفونية رائعة الأنغام

واستطردت الكاتبة لوتس عبد الكريم،  لقد عرفت مصطفى محمود في فترة كنت أعاني فيها من اكتئاب نفسى فأقرأ القرآن، وألجأ إلى التفاسير فى مجال الدين، وضمن ما شدنى إلى ممارسة التأمل كان كتابه "تفسير عصرى للقرآن"، ولجأت إليه ولدى عدد من التساؤلات، ولقد أخذتنى طويلا تأملاتى فى كتابه هذا، وكان أكثر ما شغلنى مزجه بين الفن والفلسفة والدين، فهو يصور القرآن كأنه سيمفونية رائعة الأنغام، فيها العذوبة والتصوير البديع لآيات الله فى الكون. 

 أذكر فى ذلك الوقت أن ذهب معى إلى زيارة مسجد الحسين، وتأدية الصلاة فيه، وعدنا إلى "التابوت" الموجود أعلى المسجد وما إن أذَّن المؤذن لصلاة المغرب حتى نهض واقفا، وفى وجهه صرامة شديدة، وهو يقول: الغسق، هذا الموعد تقضى به أمور خطيرة، ولا يصح فيه الكلام، فلننصرف الآن وفى المساء، رافقنى إلى أعلى المسجد، حيث التلسكوب يمتد إلى سماء شاسعة كُحلية، فقال لى: انظرى من خلال الجهاز، ماذا ترين؟ إنه القمر، والمريخ، والمشترى، ونجوم لا نهاية لها ولأسمائها، إن حكمة الله فى هذه الأسرار والألغاز، فلتتأملى هذا الكون العجيب فى إنعام، ومن ثم تستطيعين فهم فلسفة الله وحكمته، فالعالم روح كبيرة، ولسنا فيه إلا موجودات غير موجودة بالفعل.

وأشارت لوتس عبد الكريم الى أن مصطفى محمود، قد عانى حيرة فلسفية منذ بدء مسيرته مع الكتابة والكتب، وعاش عزلته مع قلمه وورقته ؛ مديرا ظهره للعالم الذى يعيش فيه.

- بكاء محمد عبد الوهاب بين يدي مصطفى محمود

كما سردت موقفاً أخراً للدكتور مصطفي محمود مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، قائلة :" ولقد جمعنى بمصطفى محمود عشقنا معاً للموسيقار محمد عبدالوهاب، فكنا نلتقى ثلاثتنا فى صالونه، حيث كانت الأمسيات الطويلة تتناول بالبحث معجزات الله فى العلم والإيمان، فقد كان محمد عبدالوهاب على إيمان عميق، وكان يبكى بين يدى مصطفى محمود فى معظم الأحيان".

وتابعت، ولمّا ألَّف مصطفى محمود كتابه "عظماء الدنيا والآخرة"، بكى محمد عبدالوهاب، وهو يقول له: (عششت فى مخى يا درش.. إننى لست من عظماء الآخرة؛ لأننى من عظماء الدنيا)، وكان يعترف أمامه بأخطائه كأنه أمام كاهن، ويبكى متسائلا عن طريق للمغفرة، وكان يناديه بـ "درش، كما كان يسميه مصطفى محمود "عُبَد الورد"، وكان صديقا محبا وصديقا وعاشقا للموسيقار، فيقول له إن الله أعطى الفنان مساحة من المغفرة؛ لأنه عاشق للجمال، والله خالق الجمال، ومصطفى محمود رفيق مسيرة ثقافية طويلة على مدى عشرين عاما من الفن والمعرفة والدين، أعانني على كثير من الصعوبات فى حياتى، وأرى أنه قدم عصارة ذهنه وقلبه من خلال برنامجه التليفزيوني الشهير "العلم والإيمان". 

واختتمت قائلة :" وكان مسجد مصطفى محمود مكاناً تجتمع فيه ياسمين الخيام مع الفنانات اللواتي هجرن الشاشة والمسرح إلى الحجاب والعبادة، وتفرغن لنصائح مصطفى محمود، مثل مديحة كامل وعفاف شعيب، وشادية، والأخيرة كانت تلجأ إليه كثيرا للأخذ بالنصيحة، ويوم أن كرمت الدولة شادية منعها مصطفى محمود من الذهاب، وقال لها: هم يقولون إنك كنت فى مجد، وهو ليس مجدا ما كنت فيه، وإرضاء لله ارفضى الدعوة، ورفضت ولم تحضر تكريمها، ولكنها تبرعت لجمعية مصطفى محمود بعمارة شاهقة فى المهندسين.

ولقد أصيب مصطفى محمود فى أعوامه الأخيرة باكتئاب شديد، ثم جلطة فى المخ أثرت على الحركة والكلام، أدت إلى اعتزاله الحياة الاجتماعية، فامتنع عن الكتابة، واستمر فى عزلته مع رفيقه الوحيد الكتاب، رغم فقدانه الذاكرة تدريجيا، إلى أن فارق الحياة الصاخبة".

rfref
rfref