رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صوت العرب.. صنّاع الفيلم الوثائقى يتحدثون لـ«الدستور »: كتبنا حكاية أقوى إذاعة

صوت العرب
صوت العرب

 

قبل ٦٨ عامًا، وبالتحديد فى الرابع من يوليو ١٩٥٣، انطلقت إذاعة «صوت العرب» من القاهرة لتبث عبر الأثير صوت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وخطبه النارية ضد الاستعمار إلى جميع سكان الوطن العربى، تحثهم على النهوض ومقاومة المحتل، وتلهب مشاعرهم بأفكار القومية العربية.

وتقديرًا لدورها البارز فى تاريخ الإعلام العربى أنتجت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فيلمًا وثائقيًا، عرضته شبكة قنوات «دى إم سى»، باسم «صوت العرب»، تناول نشأة الإذاعة وتأثيرها فى إزكاء نار الثورات العربية ضد الاحتلال، ودورها فى تغطية أخبار العدوان الثلاثى على مصر، ودعمها الوحدة بين مصر وسوريا، ودفاعها عن المطالب العادلة للفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، ودعمها الثوار فى اليمن والجزائر، وغيرها من الأحداث الرئيسية فى تاريخ الوطن العربى.

واستند صناع الفيلم إلى عدد من أعلام «صوت العرب» أمثال الإذاعى محمد الخولى، خبير الإعلام الدولى، ومحمد مرعى، رئيس شبكة صوت العرب الأسبق، والإعلامية أمينة صبرى، رئيس شبكة صوت العرب المدير العام للمنوعات ورئيس اللجنة الدائمة لاتحاد الإذاعات العربية الأسبق، والإعلامى حمدى الكنيسى، رئيس صوت العرب والإذاعة المصرية الأسبق.

وتحدث فى الفيلم أيضًا الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وسعيد الشحات، الكاتب الصحفى، وبروفيسور دوجلاس بى وايد، الأستاذ الفخرى للإعلام بجامعة كنتاكى الأمريكية.

وكتب سيناريو الفيلم وأخرجه أحمد فؤاد، ومن إعداد الشيماء العزب، والباحث أيمن عثمان، إضافة إلى مدير التصوير بيشوى عاطف، والإنتاج الفنى لهاجر محمد، ومونتاج هيثم الجابرى، تحت إشراف شريف سعيد، المدير التنفيذى لوحدة الأفلام الوثائقية، وأحمد الدرينى، مدير وحدة الأفلام الوثائقية بشبكة القنوات.

والتقت «الدستور» صناع العمل، للحديث عن كواليس تصويره وإعداده والهدف منه والرسائل التى يتضمنها.

أحمد الدرينى: شاركتْ فى معارك مصر السياسية والحربية

قال أحمد الدرينى، مدير عام وحدة الأفلام الوثائقية، إن الفيلم أظهر الدور الأهم والأكبر للإذاعة المصرية فى تاريخ الوطن العربى، وكيف أنقذت مصر نفسها وجيرانها من الاحتلال، واصفًا الفيلم بأنه «ملحمة وثائقية».

وأضاف أن الفيلم يرصد كيف أدارت مصر معاركها السياسية والحربية بواسطة هذه الإذاعة العريقة، وكيف استفادت منها حركات التحرر الوطنى؛ لدرجة أن القوى العالمية احتجت ضدها رسميًا داخل الأمم المتحدة، حيث وصفتها فرنسا بـ«ألد أعدائها».

أحمد فؤاد: استهدفتْ توحيد العرب.. وتأثيرها وصل للدول العظمى

كشف أحمد فؤاد، مخرج وكاتب السيناريو، عن أن بداية التفكير فى إنتاج الفيلم الوثائقى كانت رغبة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فى إنتاج مادة وثائقية عن الإذاعة المصرية، خاصة إذاعة صوت العرب التى كانت واحدة من أنجح الإذاعات فى العالم أجمع، ولديها قدرة كبيرة على تغيير السياسات فى محيطها العربى، و«هى تجربة فريدة فى تاريخ الإذاعات العربية لم تتكرر».

وكشف عن أن التحضير للفيلم بدأ فى مطلع فبراير من العام الماضى إلا أن الظروف الاستثنائية التى فرضتها جائحة فيروس كورونا تسببت فى تأجيل التصوير أكثر من مرة، لكن فى الوقت نفسه منحت صناع العمل فسحة من الزمن لمزيد من القراءة والبحث والتأمل.

وقال: «هدف إذاعة صوت العرب كان توحيد العرب، وهذا ما أبرزناه من خلال الفيلم الذى تضمن مقتطفات من الأغانى الوطنية التى لعبت دورًا كبيرًا فى التقريب بين مختلف الشعوب العربية، فجميع المطربين الكبار انطلقوا من صوت العرب، وحين بدأنا فى جمع المادة الأرشيفية والتحضير للفيلم لم نكن نتخيل درجة الإتقان والابتكار التى كان عليها الرواد الأوائل لهذه الإذاعة».

وأضاف أن الدول العظمى كانت تتفاوض مع مصر استجابة للضغط الإعلامى الكبير الذى كانت تخلقه صوت العرب، موضحًا: «كانت أداة تأثير سياسى قوية جدًا، وتمكنت من تغيير مسار أكثر من دولة عربية، وتحريك المياه الراكدة فى الوطن العربى».

ولفت إلى أن «اختيار الشخصيات التى تظهر فى الفيلم لم يكن عشوائيًا، ولكن جاء بعد طول تدقيق وفحص ومفاضلة، وجميعهم من روّاد وصنّاع صوت العرب، ولديهم حكايات تروى لأول مرة»، معتبرًا أن الاستعانة بضيف أجنبى يؤكد أهمية «صوت العرب»، ويضفى على الأصوات التى يضمها الفيلم تنوعًا وتجردًا يوازن بين ما يرويه المصريون الوطنيون عن إذاعتهم، وكيف كان ينظر إليها الآخر على الضفة المقابلة.

وقال: «كان لدينا حماس كبير جدًا منذ الأيام الأولى للتحضير، وحين قطعنا بعض الخطوات فى تجهيز الفيلم وتطرقنا إلى معلومات أكبر شعرنا بانبهار وبمسئولية كبيرة، لأننا وجدنا أنفسنا أمام كيان كبير لعب أدوارًا إعلامية وثقافية وسياسية وعسكرية أيضًا فى أوقات شديدة الحساسية، فحاولنا أن نراعى الدقة، وتحققنا من جميع الشهادات التى أوردناها فى الفيلم ممن عايشوا الأحداث فى وقتها الحقيقى».

وشدد على أن الاعتماد على مقاطع صوتية حقيقية من تسجيلات إذاعة «صوت العرب» وعدم اللجوء للتعليق الصوتى الخارجى أضفى على العمل لمسة جمالية وبث فيها روحًا.

واختتم: «أصعب ما فى الأمر أننى كنت مطالبًا بإنتاج فيلم وثائقى مدته ساعة، يتحدث عن تاريخ الوطن العربى، انطلاقًا من إذاعة صوت العرب.. المسئولية كانت كبيرة وكذلك درجة التحدى».

الشيماء العزب: نموذج لتوظيف الإعلام فى خدمة مصالح الوطن

أكدت الدكتورة الشيماء العزب، معدة الفيلم، أن تجربة إذاعة «صوت العرب» ملهمة بشكل كبير، معبرة عن فخرها بالمشاركة فى هذا العمل.

وقالت: «أحب الإذاعة منذ الصغر، وكنت مرتبطة بصوت العرب على وجه التحديد، وهو أمر ساعدنى فى أداء دورى على أكمل وجه، بجانب الاستفادة الشخصية ومعرفة معلومات جديدة من خلال عمليات البحث والتقصى المتواصلة عن الإذاعة الأشهر التى حشدت الرأى العام المصرى والعربى فى أوقات بالغة الأهمية».

وأضافت أن إذاعة صوت العرب لعبت دورًا ثقافيًا وتعريفيًا وتعليميًا وشرحت وروجت لمفاهيم أساسية تتعلق بوحدة الوطن العربى، مثل القومية والإرادة الوطنية والاستقلال، ودعمت القضايا الأساسية للدول العربية الشقيقة، مثل اليمن وسوريا والجزائر وفلسطين. ولفتت إلى أن اختيارها الضيوف جاء بعد دراسة متأنية، موضحة أن غالبيتهم من روّاد الإذاعة الذين أسسوا الإعلام المصرى أمثال محمد الخولى، ومحمد مرعى، رئيس شركة صوت العرب سابقًا، والبروفيسور «دوجلاس بى وايد» الذى تحدث عن دور إذاعة صوت العرب فى حشد الجماهير والتوعية بالقضايا الرئيسية للدول العربية.

واختتمت بأن هذا الفيلم هو الأقرب لقلبها لأنه يسلط الضوء على الطريقة المثلى لتوظيف الإعلام فى خدمة مصالح الوطن، وهى القناعة التى توصلت إليها بعد عملها فى وحدة الأفلام الوثائقية بشبكة قنوات «دى إم سى» منذ ٣ سنوات، شهدت إنتاج أكثر من ٢٠ فيلمًا، وشاركت فى غالبيتها.

شريف سعيد:  جسدتْ الريادة المصرية فى الثقافة والسياسة

ذكر شريف سعيد، المدير التنفيذى، أن الهدف من الفيلم كان إبراز الهوية المصرية وتأكيدها وتسليط الضوء على ريادتها فى الثقافة والفن والسياسة، مشيرًا إلى أن «صوت العرب ابنة شرعية للنظام المصرى، خاصة الحقبة الناصرية بعد ثورة يوليو ١٩٥٢». وقال: «كانت الإذاعة تجسيدًا مثاليًا للقوى الناعمة آنذاك، دافعت عن المقدرات المصرية، وساهمت فى تعزيز الوحدة مع سوريا، وناصرت الثوار ضد النظام الملكى فى اليمن، وثوار الجزائر ضد الفرنسيين، ولعبت دورًا محوريًا فى حرب أكتوبر ١٩٧٣». وأضاف أن إذاعة صوت العرب كانت أداة قوية جدًا من أدوات القوى الناعمة المصرية، لإنفاذ رؤية مصر فى الإقليم، ولعبت دورها بشكل نموذجى واحترافى، مشددًا على أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية صاحبة الفضل فى التنبيه لأهمية أن يروى المصريون حكاية هذه الإذاعة التاريخية انطلاقًا من مبدأ أننا أولى بأن نروى حكاياتنا.

هاجر محمد: «المتحدة» خصصت ميزانية صخمة لإنجاح العمل

قالت هاجر محمد، المنتج الفنى لفيلم «صوت العرب»، إن دورها فى الفيلم كان تحويل كل ما هو مدون على الورق إلى عمل مرئى، إضافة إلى مناقشة المحاور الخاصة بكل جزئية ووضع ميزانية للفيلم وخطة عمل متعلقة بمواعيد التصوير مع الضيوف الذين ظهروا فى الفيلم، وحل مختلف المشكلات اللوجستية وتوفير الكاميرات فى المواعيد المحددة. وأضافت: «توفير المواد البصرية كان من بين مهام عملى التى تتقاطع مع جميع أفراد العمل من إعداد وإخراج ومونتاج واختيار أماكن التصوير والموسيقى المناسبة وتوفير المعدات واستخراج التصاريح اللازمة». وواصلت: «فخورة جدًا بمشاركتى فى فيلم وثائقى يتحدث عن دور مصر فى تحرير البلاد العربية من الاستعمار وتوحيد العرب»، مشيرة إلى أن الفيلم لاقى استحسانًا من المشاهدين المتعطشين لهذه النوعية من الأفلام.

وذكرت أن الحديث عن إذاعة صوت العرب لن تكفيه سلسلة أفلام، إلا أن طاقم العمل نجح فى تقديم وجبة دسمة للجمهور دون أن يشعر المشاهد بالملل أو الإطالة، مشيرة إلى أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية خصصت ميزاينة ضخمة للفيلم لإنتاج عمل ضخم يليق بحجم وتأثير مصر.

أيمن عثمان: جمعتُ أرشيفًا بعد جهدٍ وتقصٍ لأكثر من 3 أشهر

عبر الباحث أيمن عثمان، مسئول الأرشيف، عن سعادته البالغة بالمشاركة فى العمل لأنه من نوعية الأعمال الملحمية العظيمة. وقال: «كنت حريصًا على تقصى كل حدث بدقة وسعيت لجمع أكبر قدر من المادة الأرشيفية، قدر المستطاع بغض النظر عن استخدامها من عدمه، هذا قرار المخرج، لكنى تمكنت من جمع أرشيف ضخم للغاية، كان نتاج جهد أكثر من ٣ أشهر، وفى رأيى أن إذاعة صوت العرب ساهمت فى كتابة تاريخ الوطن العربى منذ نشأتها». وأكد «عثمان» أن الباحث لا يمل من البحث الدائم، وأن نوعية الفيلم شجعته على مواصلة التقصى والبحث حتى بعد انتهاء الكتابة والتصوير، مشيرًا إلى طفرة كبيرة شهدتها الأفلام الوثائقية. واختتم: «الفيلم يستعرض العديد من الوثائق والأوراق التاريخية التى ترصد محطات صوت العرب منذ التأسيس إلى أكتوبر ١٩٧٣، وإذا نظرنا إلى عشرات المواقف التى تؤكد عظمة مصر وتاريخها ودور إذاعة صوت العرب التى كانت صوتًا لكل عربى، وهذا جعلنى فخورًا بها وفخورًا بدورى فى هذا الفيلم الملحمى العظيم».

هيثم الجابرى: ركزتُ على المشاهد الحقيقية ومقابلات الفنانين

أعرب المونتير هيثم الجابرى عن فخره بالعمل على هذا الفيلم تحديدًا، رغم أنه عمل على الكثير من الأفلام الوطنية، إلا أن «صوت العرب» يبرز بشكل كبير دور مصر الكبير فى تحرر الدول العربية من قيود الاحتلال، وتوحيد العرب. وقال: «المخرج كان متعاونًا لدرجة كبيرة، ووفر لى جميع المواد المطلوبة لإخراج الفيلم بأفضل شكل ممكن، من خلال التركيز على المشاهد الحقيقية واللقاءات مع الفنانين. وكنت أعمل أكثر من ٨ ساعات يوميًا لمدة شهر».