رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تدير الحكومة ملف 12 مليون عامل غير منتظم؟

 بشائر ما بعد المنحة
بشائر ما بعد المنحة الرئاسية

بدأت الدولة المصرية تحركات واسعة ومكثفة فى إدارتها ملف العمالة غير المنتظمة، منذ بداية جائحة كورونا فى أبريل ٢٠٢٠ حتى الآن، وتنوعت إجراءاتها فى هذا المجال متضمنة منحًا وإعانات مالية عاجلة وتدشين قواعد بيانات لهذه الفئة من العمالة، بالإضافة إلى حصر شامل لأوضاعهم العملية والمعيشية، مع دراسة هذه الأوضاع والتخطيط لإعادة تأهيلهم.

وتضمنت القرارات الأخيرة لدعم العمالة غير المنتظمة توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة القوى العاملة وهيئة التأمينات الاجتماعية لمد الحماية الاجتماعية بما تتضمنه من معاشات شهرية وتأمين صحى، وكذلك بدء دراسة استخراج كارت ذكى لكل عامل، مع إتاحة التأمين ضد العديد من المخاطر كالشيخوخة والعجز والوفاة، وذلك بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى، إلى جانب قرارات وإجراءات أخرى، نستعرضها فى السطور التالية.

قاعدة بيانات شاملة ودقيقة.. مليون فرصة عمل سنويًا.. وخطة شاملة للتأهيل

أظهرت الإحصاءات الرسمية، الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن أعداد العمالة خارج المنشآت تتخطى ١٢ مليون شخص، يمثلون النسبة الأكبر من إجمالى أعداد المشتغلين فى مصر، بنحو ٤٣.٧٪، يعمل أكثر من ٦.٨ مليون شخص خارج المنشآت فى عمل دائم. ويتركز العدد الأكبر من هذه الفئة فى ريف الوجه البحرى، بنسبة ٣٧٪، بعدد يصل إلى ٤.٥ مليون شخص، يليه ريف الوجه القبلى ٣٥.٧٪، بعدد يصل إلى ٤.٣٣٩ مليون شخص، فيما يتركز الباقون فى المدن.

وتمثلت أولى خطوات تسجيل وحصر العمالة غير المنتظمة فى بدء وزارة القوى العاملة إجراءات التأمين الاجتماعى على ١١ ألف عامل غير منتظم، مع منحهم جميعًا شهادات قياس مستوى المهارة، وترخيص مزاولة الحرفة وإثباتها فى بطاقات الرقم القومى، لبدء التأمين عليهم اعتبارًا من أول يوليو ٢٠٢١، مع سداد الاشتراكات التأمينية.

وتم، حتى الآن، حصر وتسجيل أكثر من ١٠٠ ألف عامل غير منتظم على مستوى عدد من المشروعات القومية بالمحافظات، خلال الفترة الماضية، ومن المستهدف الوصول إلى التأمين على نسبة ١٠٪ من العمالة غير المنتظمة بنهاية ٢٠٢١، بما يقرب من مليون عامل.

وقالت مصادر بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن الحكومة بصدد وضع استراتيجية متكاملة للتعامل مع أزمة هؤلاء العمال، تتضمن إعادة تأهيلهم وتشغيلهم بما يتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم فى القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة.

وأوضحت المصادر أن المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية تتركز على إتاحة منح ومساعدات شهرية عاجلة؛ للتخفيف من وطأة الضغوط الاقتصادية التى فرضتها جائحة كورونا بناءً على توجيهات رئاسية.

وأشارت إلى توالى صرف ٦ دفعات من منحة العمالة غير المنتظمة بقيمة ٥٠٠ جنيه شهريًا لكل شخص على مرحلتين، الأولى فى أبريل ٢٠٢٠، والثانية فى مارس ٢٠٢١، التى زاد فيها عدد المستفيدين من ١.٧ مليون شخص إلى ٢.٣ مليون، بتكلفة إجمالية تخطت الـ٦ مليارات جنيه.

ونوهت إلى أن هناك لجنة وزارية تضم وزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية والتضامن الاجتماعى والقوى العاملة وجهات أخرى، بالإضافة إلى عدد من الخبراء، لدراسة عدة تصورات بشأن إعادة تأهيل وتشغيل العمالة غير المنتظمة، وإتاحة فرص عمل بأجور لائقة وتأمين صحى واجتماعى، بما يتلاءم مع قدراتهم ومؤهلاتهم.

وأكدت أن خطة التشغيل والتأهيل لن تقتصر على المستفيدين السابقين من المنحة الرئاسية، بل تعتمد على تنفيذ وزارة القوى العاملة حصرًا ميدانيًا للعمالة غير المنتظمة بمختلف مواقع العمل فى كل المحافظات، تمهيدًا لتدشين قاعدة بيانات شاملة ودقيقة، وربطها بقواعد بيانات التأمينات الاجتماعية والدعمين النقدى والعينى والضرائب والحيازات، للتأكد من دقة البيانات وتنقيتها بشكل دورى.

وأضافت أن الحكومة تستهدف إتاحة عدد ضخم من فرص العمل سنويًا، بما يقارب مليون فرصة عمل بمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وفى مقدمتها قطاعات التشييد والبناء والنقل والتخزين والصناعات التحويلية، وغيرها من القطاعات التى تعتمد بشكل أساسى على عمال الحرف والمهنيين من العمالة غير المنتظمة، خاصة فى المشروعات القومية الضخمة التى تنفذها الدولة بعدد من المحافظات، التى تتضمن بناء مدن جديدة ومشروعات لتطوير الريف المصرى، وإنشاء محطات مياه وصرف صحى وتدبيش ترع، بالإضافة إلى مشروعات الاستزراع السمكى وزراعة مليون ونصف المليون فدان وغيرها.

وبينت أن أول أعمال حصر العمالة غير المنتظمة شملت العاملين بمواقع المشروعات القومية بجميع المحافظات، بهدف تقنين أوضاعهم وإتاحة مظلة تأمينية لهم، منوهة إلى أنه تم الانتهاء من تسجيل بيانات ١٠٠ ألف عامل، ومن المقرر الانتهاء من حصر باقى الأعداد مطلع العام المقبل.

التأمين الاجتماعى على مليون عامل قبل نهاية 2021.. ودورات تدريبية لتنمية المهارات

فى إطار الحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة، أعلنت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، عن أن الوزارة تعمل على دعم وتوفير الحماية الاجتماعية لهذه الفئة، بالتعاون بين كل مؤسسات الدولة.

وأوضحت أنه تم تشكيل لجنة للعمل على إعداد استراتيجية وطنية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة، وإعداد مقترح لإنشاء صندوق خاص لدعمهم، وحصر التشريعات الخاصة بالحماية الاجتماعية، بهدف وضع خارطة طريق لمد مظلة الحماية الاجتماعية لهم.

وأشارت إلى أن «التضامن» عملت أيضًا على توفير الحماية الاجتماعية لنحو ٤٢ ألف صياد، وذلك فى إطار استهداف فئات صغار الصناع والعمالة الهامشية والموسمية، مضيفة أن الوزارة تعمل على التوسع فى إقامة معارض لدعم وتسويق منتجات صغار الصناع وأصحاب الحرف اليدوية والتراثية فى كل المناطق، بالإضافة إلى التخطيط لشمولهم بآليات الحماية الاجتماعية والتأمينية، وإدراجهم تحت مظلة التأمين الصحى الشامل، بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان.

بدوره، قال اللواء جمال عوض، رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، إنه يجرى حاليًا الانتهاء من تنفيذ منظومة إلكترونية تسمح بتسجيل العمال بقطاع المقاولات إلكترونيًا، موضحًا أنه سيجرى البدء فى توفير التأمين الاجتماعى ضد مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل لنحو ١١ ألف عامل غير منتظم فى هذا القطاع.

وأضاف: «سيكون لكل عامل كارت ذكى يحمل مدد اشتراكه فى نظام التأمين الاجتماعى، على أن تتحمل الهيئة تكلفة استخراج هذا الكارت أول مرة، كما تتحمل تكلفة الكشف الطبى الأولى عند الاشتراك بنظام التأمين الاجتماعى للمرة الأولى».

من جانبه، قال مجدى البدوى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن الاهتمام بفئة العمالة غير المنتظمة بدأ منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعد سنوات طويلة من تهميشها، فى ظل توجيهات مباشرة بتقديم كل أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية لها، مع صرف منحة بقيمة ٥٠٠ جنيه لكل عامل على ٦ دفعات، بإجمالى ٣٠٠٠ جنيه.

وأوضح أن وزارة القوى العاملة توفر حاليًا فرص عمل لتلك الفئة، عبر مشاركتها فى المشروعات القومية التى تنفذها الدولة، كما تقدم دورات تدريبية لها داخل مراكزها المنتشرة بكل محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة لتسجيل وحصر العمالة غير المنتظمة.

وناشد «البدوى» جميع النقابات العامة بمساعدة «القوى العاملة» فى عملية الحصر والتسجيل للعمالة غير المنتظمة، من خلال اللجان المهنية المختصة داخل كل نقابة، معربًا عن أمله فى أن تبدأ الحكومة، خلال الفترة المقبلة، خطة لدمج تلك الفئة فى المشروعات الصناعية المقرر إقامتها فى السنوات المقبلة.

أما عبدالمنعم الجمل، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب، فطالب بالتوعية التأمينية للعمالة غير المنتظمة؛ لحثهم على المشاركة بمنظومة التأمينات الاجتماعية، مع تعريفهم بمزايا المنظومة والعوائد التى ستعود عليهم منها، بمشاركة النقابات العامة. 

وأضاف: «هناك وحدات تشغيل بمديريات «القوى العاملة» وأخرى باللجان المهنية التابعة للنقابات العامة، لمساعدة العمالة غير المنتظمة المسجلة لديها مع توفير فرص عمل لهم».

وتابع: «بعض الوزارات المعنية، ومنها وزارة الإسكان، لديها مراكز للتدريب على مهن التشييد والبناء، لكن تلك المراكز لم تحقق، حتى الآن، المستهدف منها، لذا لا بد من الربط والتنسيق بينها وبين مراكز التدريب فى وزارة القوى العاملة، وكذلك مراكز التدريب التابعة للجان المهنية بالنقابات العامة، مع توعية الفئة المستهدفة، والإعلان عن الدورات التدريبية بشكل منظم ومكثف».