رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإفتاء» توضح.. كيف تحلى سيدنا موسى بآداب طلب العلم مع الخضر عليه السلام؟

دار الإفتاء
دار الإفتاء

قالت دار الإفتاء المصرية، إن هناك مجموعةً من الآداب التي يجب مراعاتها لمن سلك طريق العلم، حتى يؤتي العلم ثمرته المرجوة، فليس العلم مجرد جمعٍ للمعلومات، وإنما هو عملية مكتملة المعرفة جزء منها، والأدب والخلق جزء مهم، وبدونهما قد يتحول العلم من كونه وسيلة للتنوير والتعمير إلى كونه سببًا في الخراب والتدمير.

وأضافت الدار، أن القرآن الكريم يسوق القصص من أجل الانتفاع بالدروس والعبر، ومن هذا القصص، قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام؛ ففيها نموذج عملي، وإجراءات واقعية ترشد إلى ما ينبغي أن يكون عليه طالب العلم في رحلته.


واستدلت بما ورد في "الصحيح" أنَّ كليم الله سيدنا موسى عليه السلام وقف خطيبًا في بني إسرائيل، فجاءه رجلٌ فقال له: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال موسى: «لا»، فأوحى الله عز وجل إلى موسى: "بلى، عبدنا خَضِرٌ"، فسأل موسى السبيل إليه، فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: "إذا فقدت الحوت فارجع، فإنك ستلقاه"، قال تعالى على لسان فتى موسى الذي صاحبه في هذه الرحلة: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا  قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا  فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا  قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.

وأشارت الدار إلى أن هذا حث على لزوم التواضع في كل حال، وأن الشأن أن لا يدعي أحدٌ أنه أعلم الناس، وأنه إذا سئل عن أعلم الناس؟ قال: الله أعلم، ولهذا حرص موسى على لقاء الخضر عليهما السلام وطلب التعلم منه؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾، وفي هذا إشارة أخرى إلى أن العلم لا يُنال بالراحة، بل لا بد من الهمة العالية والرغبة الشديدة؛ فهما خير معين على السعي والجد وتحمُّلِ المشاق في طلبه.
وقالت الدار إن في القصة أيضًا: تنبيه على ضرورة مراعاة طالب العلم للأدب مع معلمه؛ فلَمَّا لقي سيدنا موسى الخضر عليهما السلام قال له: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.

كما أن بها إشارةٌ إلى أهمية الصبر في طلب العلم؛ فمن صبر ظفر، ولَمَّا أوتي الخضر عليه السلام علمًا لدُنِّـــيًّـا من الله تعالى علم أن سيدنا موسى عليه السلام لن يصبر على ما سيجد معه من الغرائب، ومن ثَمَّ نصحه بالصبر على ما سيرى، وقال موسى عليه السلام بلسان العازم على الصبر والطاعة: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾، لكنَّ العبد الصالح يزيد في تأكيده وكأنه يحدد له شرط الصحبة قبل بدء الرحلة وهو: أن لا يسأل عن شيء من تصرفاته حتى يُبيِّن له عن السر من ورائها، وكرر عليه الأمر من باب النصيحة المطلوبة من العالم للمتعلم؛ ﴿قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾.

وتابعت الدار: في القصة أيضًا: تعليمٌ لأمر آخر وثقافة مفقودة، ألا وهي ثقافة الاعتذار؛ فلَمَّا لم يتحمل موسى ما رأي نسي شرط صحبة العبد الصالح فسأل، فنبَّهه وذكَّره بلطف بالشرط، فبادر معتذرًا؛ ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾.

واختتمت الدار حديثها عن آداب طالب العلم مع موسى الخضر، إلى أن في القصة إشارةٌ إلى أن العملية التعليمية عملية متبادلة بين الأستاذ والتلميذ؛ فالتلميذ يسأل فيما لا يعلم أو في المشكلات التي تعرض له، والأستاذ عليه مهمة الإرشاد والتعليم والتوضيح للتلميذ، وعدم تركه في حيرة من أمره؛ حتى تهدأ نفسه ويستنير عقله.