رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المطاردون.. خبراء يحللون علاقة «الإخوان» والغرب: أوروبا أدركت دموية «الإرهابية»

المطاردون
المطاردون

نشرت مجلة «Texas National Security Review»، التابعة لجامعة تكساس الأمريكية، مراجعة حديثة لكتاب «الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ من العداوة والمشاركة» للمؤرخ البريطانى مارتن فرامبتون، الذى صدر عام ٢٠١٨، وتناول العلاقة المعقدة بين التنظيم والغرب. وحسب المراجعة، يرصد ٤ خبراء دوليين العلاقة المعقدة بين الإخوان من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة، حيث خلصوا إلى أن علاقة أوروبا مع التنظيم قائمة على الضرورات السياسية، حيث استخدمه الغرب فى مواجهة الشيوعية.

وشارك فى المراجعة، ريان إيفانز، أحد مؤسسى مجلة «Texas National Security Review» الرئيس التنفيذى لموقع «War on the Rocks»، وكورتنى فرير، الباحثة فى مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، وستيفن تانكل، أستاذ مشارك فى الجامعة الأمريكية زميل أول مساعد فى مركز الأمن الأمريكى الجديد، وعمل فى لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكى، وفى مكتب وكيل وزارة الدفاع للسياسة، وبيتر ماندافيل، أستاذ الشئون الدولية فى كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون، الذى شغل منصب عضو فى فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية من عام ٢٠١١ إلى عام ٢٠١٢.

 

ريان إيفانز: التنظيم يعانى هزائم كبرى فى جميع أنحاء العالم العربى

رأى ريان إيفانز أن الصحوة الغربية الحالية ضد جماعات الإسلام السياسى تؤكد إدراك دول الغرب خطر الإخوان، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى رأتا جماعة الإخوان عبر تاريخها من خلال عدسات مختلفة، أولًا خلال الفترة الأولى لنشأة الجماعة، وثانيًا من خلال الطبيعة الأيديولوجية لها خلال الحرب الباردة، وثالثًا من منظور دور الإسلام السياسى بعد فترة الحرب الباردة.

وأشار إلى أنه بالنسبة لمن يدرس سياسة الشرق الأوسط سيلاحظ أن جماعة الإخوان تعانى فى معظم أنحاء العالم العربى من هزائم كبرى، ويمكن فهم هذه الهزيمة بشكل أفضل من خلال سقوط الإخوان فى مصر عام ٢٠١٣، لكن الحركة تواجه أيضًا هزائم فى سوريا والأردن، وكذلك فى المملكة العربية السعودية، فالحركة التى هددت ذات يوم بابتلاع الشرق الأوسط العربى كله تم تدميرها.

وذكر أن «فرامبتون» حاول فهم العلاقة بين الإخوان والغرب، التى تشبه قصة علاقة غرامية، ويستخدم فى كتابه على نطاق واسع الوثائق المتاحة من خلال الأرشيف القومى الأمريكى والبريطانى وكذلك المصادر المصرية.

ولفت «إيفانز» إلى أنه للإجابة عن سؤال: لماذا التركيز على العلاقة بين الإخوان والغرب بدلًا من التركيز على المؤسسة فى حد ذاتها؟ لا بد من قراءة مقدمة «فرامبتون» فى كتابه، حيث أكد أن الغرب كان دائمًا منطقة مهمة للإخوان، والجماعة تقدم دائمًا الوعود بـ«الاعتدال» أو «الإصلاح» وهو الوعد الذى أغرى الدبلوماسيين الغربيين.

ورأى «إيفانز» أن «فرامبتون» حدد المعضلات الدائمة فى السياسات الغربية تجاه دول الشرق الأوسط والإسلام السياسى، والطرق التى توازن بها الإخوان بين البراجماتية والأيديولوجية، مشيرًا إلى أن أكثر خصائص الإخوان ديمومة هو قدرتها على التكيف والمرونة.

وأشار «إيفانز» إلى أن جماعة الإخوان ظلت حريصة على إقناع الغرب بأنها الناطق المعتدل باسم الإسلام الذى ينبغى للسلطات أن تُصغى إليه، وتستخدم هذا الادعاء لتوفير غطاء غربى لعملها السياسى فى الشرق الأوسط مقابل خدمات سياسية تقدمها للغرب وقت الحاجة.

وقال إن السياسة الغربية تجاه الإخوان يجب أن تُفهم فى سياق ضرورات السياسة الأكثر إلحاحًا، وعلى الأخص الحاجة لمكافحة الشيوعية خلال الحرب الباردة ومواجهة الإرهاب منذ أحداث ١١ سبتمبر.

وأكد «إيفانز» أن الكتاب قدم تحذيرًا للغرب من الشراكة مع الإخوان، لأنهم براجماتيون ولديهم أهداف لا تتوافق فى النهاية مع أهداف بريطانيا ولا الولايات المتحدة. 

 

كورتنى فرير: تاريخه حافل بالعنف والتدريب على استخدام الأسلحة والقتال

 

حول براجماتية الإخوان التى شرحها «فرامبتون» فى كتابه وكانت سببًا فى تسلل جماعة الإخوان إلى الحكومات الغربية، خاصة بريطانيا والولايات المتحدة، قالت كورتنى فرير إنه من خلال تتبع الباحث العلاقة بين الإخوان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يقدم رؤى قيمة فى حسابات كل من الإخوان والحكومات الغربية بين القرب والتباعد. 

وأشارت إلى أن «فرامبتون» يرى أن نفوذ بريطانيا العظمى فى مصر، خاصة فى الإسماعيلية حيث تأسست جماعة الإخوان، مهّد الطريق لظهور التنظيم، ولكن بعد ذلك استخدم حسن البنا إعلان عداوته لبريطانيا والقضية الفلسطينية وقناة السويس لكسب المجتمع المصرى، ومن خلال ذلك أيضًا استطاع أن يعطى مبررًا لتدريب عناصر الجماعة وحيازة الأسلحة، وقبيل الحرب العالمية الثانية بدأت الولايات المتحدة فى التقرب من الإخوان وبدأت واشنطن فى انتقاد الحكومة المصرية والسياسة البريطانية المتحكمة فيها آنذاك.

ومن خلال فترات العداوة والتقارب بين الإخوان والغرب، أظهرت جماعة الإخوان المسلمين بعد ذلك درجة معينة على الأقل من البراجماتية، وأصبحت هناك رغبة قوية لها فى تسويق نفسها على أنها منظمة سياسية معتدلة وغير عنيفة لكسب ثقة الحكومات الغربية. ولكن على الرغم من هذه البراجماتية يتتبع «فرامبتون» بشكل واقعى تاريخ الإخوان المسلمين مع العنف، حيث أوضح أنه خلال أواخر الأربعينيات شن الإخوان هجمات على ممتلكات يهودية فى مصر، وعلى الرغم من وجود رجل يبدو معتدلًا مثل حسن الهضيبى على رأس التنظيم، فإن «فرامبتون» يستشهد بأدلة على أن ١٠٠٠ عضو من عناصر جماعة الإخوان تلقوا تدريبات على الأسلحة خلال هذه السنوات، ونتيجة لذلك، كانت جماعة الإخوان مصدر قلق كبيرًا للبريطانيين، وأصبحت مرتبطة بشكل متزايد فى الغرب بالعنف.

 

ستيفن تانكل: تعاون أوباما مع حكومة المعزول دعّم النشاط الإرهابى

 

قال ستيفن تانكل إن الولايات المتحدة كانت قلقة بشأن القومية العربية التى روج لها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أكثر مما كانت قلقة بشأن انتشار الإسلام السياسى ونشاطات جماعة الإخوان الإرهابية فى الخمسينيات والستينيات، ولذلك كان هناك تقارب بين واشنطن والإخوان منذ بداية ظهور الجماعة.

وأوضح «تانكل»: «كان المسئولون الأمريكيون قلقين من أن يكون ناصر بمثابة حصان طروادة للنفوذ السوفيتى»، ولفت إلى أن الكاتب كينيث فرامبتون أكد أن الإخوان سعوا- بوعى- إلى تقديم أنفسهم لأمريكا كند لـ«ناصر».

وتابع: «فى الثمانينيات بدأت تزداد الاتصالات الأمريكية مع الجماعة، ولكن قطعت الولايات المتحدة هذه الاتصالات بعد عقد من الزمن بناءً على طلب من الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك فى التسعينيات».

وأشار «تانكل» إلى أنه فى عام ٢٠٠٥ عادت الاتصالات بين الولايات المتحدة والإخوان بعد الانتخابات فى ذلك العام، وقال: «دعّم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الإخوان خلال الربيع العربى، وسعت إدارته إلى العمل مع الحكومة التى كان يقودها محمد مرسى، لكن ثبت أن هذا الأمر أكثر صعوبة لأنه أثر على مجال مكافحة الإرهاب، إذ إن مرسى ومستشاريه لم ينظروا إلى الجهاديين الذين يشنون عمليات إرهابية بالفعل فى سيناء على أنهم تهديد».

وأضاف «تانكل»: «رتبت حكومة مرسى لتشكيل حكومة إسلامية، كما كانت حكومة مرسى بطيئة أيضًا فى حماية السفارة الأمريكية عندما احتج الآلاف من المصريين خارجها فى ١١ سبتمبر ٢٠١٢، وتسلق بعض المتظاهرين فى مصر جدران السفارة حينها، وهو خرق أمنى دفع الرئيس باراك أوباما للتساؤل عما إذا كان لا يزال بإمكان مصر أن تظل شريكًا موثوقًا به فى ظل حكم الإخوان».

بيتر ماندافيل:  عناصره كتبوا تقارير مفصلة عن أحوال مصر لصالح المخابرات الأمريكية

كشف بيتر ماندافيل عن تكليفه فى عام ٢٠١١ بوضع نهج جديد لمشاركة واشنطن مع جماعات الإسلام السياسى، خاصة الإخوان بعد الربيع العربى. وذكر أن جماعة الإخوان أصبحت لأول مرة عاملًا فى حسابات أمريكا فى مصر فى أواخر الأربعينيات من القرن الماضى أثناء تدهور النظام الملكى فى البلاد، حيث ظهرت الجماعة كبديل محتمل للرئيس الراحل جمال عبدالناصر بمجرد أن خرج «ناصر» عن الدائرة الأمريكية.

وقال إن حكومة الولايات المتحدة أولت اهتمامًا جادًا للإخوان عندما استمرت الجماعة قرب نهاية الحرب العالمية الثانية فى إرسال الخطابات إلى المندوب الأمريكى فى القاهرة، وكانت الخطابات تقدم معلومات مهمة عن الوضع فى مصر، وهى حقيقة لم تغب عن انتباه مكتب الخدمات الاستراتيجية الذى كان موجودًا قبل وقت قصير من إنشاء وكالة المخابرات المركزية «سى آى إيه»، مما يشير إلى أن واشنطن بدأت تنظر إلى الإخوان كلاعب مهم وقتها.

ولفت إلى أن الذروة فى العلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان خلال النصف الثانى من القرن العشرين كانت بسبب التحليلات الأمريكية للجماعة التى أشارت إلى أنه ربما يمكن للإخوان المسلمين أن يكونوا بمثابة ثقل موازن للشيوعية.

وأشار إلى أن ظهور الإخوان كلاعب أساسى حدث بشكل كامل فى عام ١٩٨٦، عندما كان موظفو الجماعة من الزوار الرئيسيين لمكاتب الدبلوماسيين الأمريكيين دون إذن من حكومة الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك. وقال إنه رغم التوافق النسبى وحتى بعض الحلقات المثيرة للاهتمام من شبه التعاون بين واشنطن والإخوان لم تصل مستويات الثقة أبدًا إلى نقطة تسمح بالتعاون بين الولايات المتحدة والجماعة.

وبحلول التسعينيات، قطعت الحكومة الأمريكية، مرة أخرى، الاتصالات مع جماعة الإخوان بناءً على طلب حكومة مبارك، وهى سياسة استمرت حتى منتصف العقد الأول من القرن الحالى عندما فاز المتحالفون مع الإخوان بمقاعد فى البرلمان المصرى. 

واستنتج «ماندافيل» من رواية «فرامبتون» أنه فى حين أن فريق السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى الحالى، جو بايدن، قد يكون من حيث المبدأ أكثر انفتاحًا للانخراط مع جماعة الإخوان، حيث عمل الكثير منهم خلال الربيع العربى مع إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة، إلا أنهم سيترددون فى التعامل مع الإخوان، حيث إن هناك أيضًا فائدة دبلوماسية قليلة جدًا يمكن اكتسابها من خلال التواصل معهم.