رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جنيه بمليون».. «الدستور» تخترق عالم تجارة العملات النادرة والقديمة

عملة نادرة
عملة نادرة

من خلال إعلان متداول على أحد المجموعات المتعلقة ببيع وشراء "أي جديد أو مستعمل" على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نشر عادل فياض، الشاب الثلاثيني، إعلانا يذكر فيه قدرته على تقييم العملات القديمة الملغاة ورغبته في شرائها عراقية كانت أم مصرية أو غيرها من العملات القديمة "يصلك مندوب لحد البيت والسعر بيتحدد حسب اللي معاك".

إعلان فياض ليس الوحيد الذي أصبح منتشرَا على مواقع التواصل لعرض تقييم وبيع وشراء العملات القديمة مهما كان نوعها، فلم يعد الأمر يقتصر فقط على الباعة الذين يفترشون الأرصفة عارضين من العملات الورقية والفضية مختلفة الجنسيات الرصيف منادين على القادم والبادي كي يشتري منهم نفحة من نفحات التاريخ القديم.

«الدستور» اقتحمت عالم الاتجار في العملات القديمة ورصدت كيف يجني المتاجرين بها ثروات طائلة وبداية التجارة فيها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومدى قانونية هذه التجارة.

عادل فياض: تقييم العملات ليس بتاريخها ولكن بندرتها أو قلتها في الأسواق

يقول عادل فياض، تاجر عملات قديمة بمحافظة الإسكندرية، إن تقييم العملات القديمة لا يتم وفقًا لتاريخ صدورها فهناك عملات قد تكون مصنوعة منذ آلاف السنين ولكنها لا تساوي سوى بضع جنيهات في حين أن هناك عملات أخرى ربما تكون منذ عقود مضت فقط ولكن تصل فيمتها إلى مئات الآلاف وربما المليون جنيه، "كلما كانت العملة نادرة وغير موجودة في الأسواق بكثرة ولا يوجد منها الكثيركلما زاد سعرها"، مضيفًا أن تقييم العملات الملغاة أيضا يتم وفقًا لحالتها "هل كويسة ونضيفة أم بها خبطات أوكتابات".

جنيه الجملين 

وأوضح أن أغلى جنيه مصري قديم وهو الذي تاريخه منذ1799 و1899 ويصل سعره إلى مئات الآلاف من الجنيهات ولا يتم تداول هذه العملات مرتفعة السعر من خلال الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرصفة بالعملات الورقية، بل تكون من خلال تجار العملة الكبار، في حين أن العملات التي يتم تداولها للبيع من خلال الباعة المنتشرين في الشوارع لا تتعدى أسعارها عشرات الجنيهات "متوسط سعرها من 15 لـ20 جنيها"، وهناك العملات الورقية المطبوعة من البنك الأهلي في فترة الخمسينات ويصل متوسط  سعرها بداية من 150 جنيها.

وأكد فياض أن تجارة العملات القديمة الملغاة لا تتم إلا من خلال الخبراء حتى لا يتعرض صاحبها والذي غالبًا ما يكون "وارثها عن أجداده وحابب يستفيد منها ومش شايفلها أهمية فيفكر يبعها" وإذا لم يكن تاجرا أمينا ومضمون ممكن أن يتعرض للنصب، طارحًا مثال أن الجنيه المصري القديم ذا طابع الجملين يصل سعر إلى المليون جنيه على الأقل، في حين أن العملات الأقدم العثمانية على سبيل المثال لا يتعدى سعرها 500 جنيه على الأكثر "لذلك فتاريخ العملة ليس الأهم في التقييم بل كميتها القليلة والفترة الزمنية التي لم تستغرق وجودها".

خبير تسويق إلكتروني: سوق العملة الإلكترونية بلا رقيب

عن اختراق هذه التجارة للمواقع الإلكترونية يجيب فادي رمزي خبير تسويق إلكتروني أن تجارة العملات النادرة والقديمة أصبح منتشرًأ على بعض مواقع التجارة الإلكترونية ومجموعات «فيسبوك»، ولا يوجد حتى الآن رقيب عليهم في العالم كله، مشيرًا أن مواقع التجارة الإلكترونية لا تتحمل عواقب ما يُباع عليها فهي مجرد منصة للعرض، ورغم وضعها سياسة محددة وضوابط  لما يُباع عليها إلا أنها لا تتحمل مسئولية ما يُباع عليها بينمايتحملها البائع والشاري فقط .

عملة مصرية نادرة

وأوضح أن منصات التجارة الإلكترونية انتشرت في مصر في  الثلاث سنوات الأخيرة وبدأ تفاعل المصريين معها كثيرًا، مشيرًا أن تعامل المصريين مع منصات السوشيال ميديا بدأ بعد ثورة 25 يناير في الزيادة، ومنذ عام 2015 بدأت تلك المواقع في الزيادة.

وتوقع فادي وجود رقابة على سوق التجارة الإلكترونية قريبًا مع زيادة عدد المتعاملين من خلالها واتجاه البعض إلى بيع وشراء منتجات غير مشروعة.

تاجر عملات قديمة: جنيه الفلاح وصورة الجملين يتخطى ثمنه 500 ألف جنيه 

جنيه الفلاح 

اتجه عبد المقصود إبراهيم  إلى تجارة العملات القديمة والنادرة منذ أكثر من 25 عامًا، بدأها من البزارات المنتشرة في منطقة الحسين والتي كانت تبيع وتشتري هذه العملات القديمة وصولًا إلى المواقع الإلكترونية ومجموعات بيعها على منصات السوشيال ميديا، قائلا "تجارة العملات القديمة  مثل الإدمان من يدخلها لا يستطيع التخلي عنها وتُحقق مكاسب ضخمة لأصحابها فسعر هذه العملات في زيادة يومية، وهناك مزادات عليها ومن يدفع أكثر يحصل على العملة".

ينقسم سوق العملات حسب عبد المقصود إلى هواه وأباطرة فالهواة هم من يشترون من كل إصدار للعملة ورقة واحدة فقط، وإنما الأباطرة يدفعون الملايين مقابل شراء جميع الإصدارات من العملات القديمة ليتحكموا بعد ذلك في سعرها"، وأشار"هناك كتالوج لعملات كل دولة يُحدد فيه تاريخ  إصدار العملة وعدد الأوراق التي طُبعت فيها وبناءً على هذا الكتالوج يتم تحديد العملة النادرة".

عملة نادرة 

وعن كيفية تقييم  سعر العملات القديمة والنادرة قال "تقييم العملة بيعتمد على عدد الكمية المطبوعة للتداول، فكلما كانت قليلة زاد سعرها لأن تداول عدد قليل من الإصدار بين المواطنين يسرع من عملية هلاك العملة الورقية أو المعدنيةوما يتبقى منها بحالة جيدة يكون نادر فيرتفع سعره"، مضيفًا "هناك 3 عملات يتعدى سعرها نص مليون جنيه، وهي جنيه إدريس الفلاح، وجنيه الجملين، وجنيه الملك فاروق".

وتابع "الجنيه الذي يحمل صورة الفلاح المصرى، طُبع  منه حوالى 400 ورقة فقط عام 1938، ويصل سعره حاليًا لأكثر من 50 ألف جنيه، أما الجنيه الذي يحمل صورة جملين فيصل سعره لأعلى من نصف مليون جنيه، وهو إصدار  عام 1898، وكان أول عملة تحمل اسم  السلطنة المصرية  بعد الدولة العثمانية، وطُبع الجنيه  كسند يثبت حق كل مواطن يحمله، ولذلك كُتب عليه جمله "أتعهد أنا بسداد هذا المبلغ وكان يحمل قيمة واحد جنيه، وأُصدر من هذا الجنيه 100 قطعة فقط للتداول بين الناس، ولم يتبق منه سوى  10 قطع فى العالم كله، ولكن لهذا الجنيه طبعات مزورة كثيرة لأنه لا يحمل أي علامة مائية لذا فبيعه يحتاج إلى خبير يحدد سنة طباعته قبل بيعه".

عملة الملك فاروق

وأوضح رغم وجود سوق للعملات منها سوق السبت في الإسكندرية  وغيرها في القاهرة  إلا أنها لا تبيع العملات النادرة  التي يتم تداولها في مجموعات مغلقة.ّ

هواة بيع العملات يفضلون المواقع الالكترونية الاجنبيةلبيعها لجنسيات مختلفة

سامي غنام، تاجر عملات قديمة، قال إن هناك مواقع إلكترونية متخصصة في تقييم العملات القديمة ويتم بيعها وشرائها من خلالها، مشيرًا إلى اتجاه الكثير من هواة هذه التجارة إلى هذه المواقع لأنها توفر زبائن من كثير من دول العالم بعيدًا عن الزبون المصري والعربي.

وأشار إلى أن هناك عدة عوامل تتحكم في سعر العملة، منهاندرة المطبوع منها وحالتها إذا كانت جديدة أو متهالكة، مشيرًا إلى أن هناك تدرج لأسعار العملات حسب الحقبة الزمنية التي طُبعت فيها، ولكن عملة الملك  فاروق هى الأعلى سعرًا لندرتها، وتليها الملك فؤاد ثم السلطان حسين والعملة المكتوب عليها ضرب مصر.

أخطاء في سك العملة

وحسب غنام فالعملات النادرة ليست هي فقط الأعلى قيمة ولكن أيضًا العملات التي بها أخطاء طباعية، فأوضح “هناك ما يسمى بأخطاء السك أي أن العملة بها خطأ غيرمتوافر بباقي الإصدارات مثل موضع الصورة في العملة أوخطأ كتابي ولأنها قليلة فتعتبر نادرة حتى ولو إصدار2021، وإذا كان الرقم المسلسل للعملة مميز مثل 6666666 أو40008000، يرتفع ثمنه وتعد عملة نادرة تقدر بأموال طائلة”.

وأشار أن سوق العملات له الكثير من الرواد وأغلب أصحاب هذه العملات دفعوا مبالغ طائلة لشرائها، مشيرًا إلى هناك تجار يملكون عملات ذهبية من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، والدينار البيظنتى الذي يصل سعره لـ 10 آلاف جنيه، ويصل سعر ألبوم عملات فضة تذكارى يحتوى على مناسبات مصر من إعلان الجمهورية المصرية حتى الآن 180 ألف جنيه، موضحًا أن الهواة يملكون عددا محدودا من العملات ولكن هناك تجار كبار يملكون عملات بملايين الجنيهات ولا يتخلون عنها بسهولة لأنهم يدركون قيمة الكنز الذي يرتفع سعره يوما بعد يوم.

خبير قانوني: لا يوجد نص قانوني يمنع بيع العملات الملغاة

عن مدى قانونية الإتجار في العملات القديمة سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو عن طريق المحلات، يجيب  الدكتور أحمد مهران، الخبير القانوني، أن العملةالملغاة هي التي فقدت قيمتها الشرائية وتحولت إلى ورقةعادية لا يمكن استخدامها ولا تداولها أو شرائهاوالاستفادة منها، لأنها فقدت قوتها في السوق المصري ولاتعتبر في حكم العملة لأنها ألغيت.

وأوضح مهران أن هذه العملات تتحول إلى شيء أثري من التراث "أنتيكة" ولذلك تدخل هذه العملة في حكم الانتيكة، والتي فقدت قيمتها الشرائية وغير مستخدمة بل كل قيمتهافي مرور الزمن عليها وبل ويتم عرضها في المزادات العلنية ويتم شراءها بأعلى الأسعار.

وأضاف أن حب اقتناء الأشياء الأثرية القديمة ليس له عقوبة قانونية أو نص قانوني يمنع تداولها وبيعها ولا يوجد في قانون العقوبات المصري ولا الدستور نص قانوني أودستوري يُجرمها ويحرمها أو يمنعها.