رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالناصر لـ«عامر»: هُمَّا باشوات البلد اشتغلوا سفرجية؟

عبدالناصر وعبدالحكيم
عبدالناصر وعبدالحكيم

بعد قيام الثورة بشهر، فى الأسبوع الأخير من شهر أغسطس سنة ١٩٥٢، على باشا ماهر عمل عزومة لتعريف الوزارة المدنية بمجلس قيادة الثورة، وكان هدف هذه العزومة خلق علاقات اجتماعية إلى حد ما بين الطرفين. 

لم أذهب إلى الاحتفال مع جمال عبدالناصر، لكنى انصرفت معه، عندما وصلت إلى الحفل كان الشباب من الضباط قد وصلوا كلهم، سواء الصف الأول، أو الصف الثانى منهم. 

كانت الدعوة موجهة إلى أعضاء مجلس قيادة الثورة فقط، ولكن ذهب معهم أيضًا ضباط من الذين يعملون فى المكاتب، وعندما يذهب كمال الدين حسين مثلًا كان لا بد أن يذهب سكرتيره عبدالمجيد شديد، أو مساعده لأنه فى ذلك الوقت لم تكن تذكر كلمة سكرتير، وكانوا يفضلون عليها كلمة مساعد، حيث إن السكرتير ومدير المكتب من تعابير ورموز وموروثات العهد البائد، الذى قامت الثورة من أجل تغييره. 

فى هذا اليوم رأيت بنفسى، ولمست بإحساسى، الفجيعة الكبرى لجمال عبدالناصر فى رموز الطبقة القديمة كلها، فجيعته الشخصية والإنسانية حتى أكون أكثر دقة فى هذا الكلام مع رموز هذه الطبقة نفسها. 

كان طعام العشاء عبارة عن ديوك رومى وخراف ولحوم، الباشوات الكبار أعضاء مجلس الوزراء كل منهم يبحث لنفسه وبنفسه عن ضابط من الضباط، ويجرى لكى يغرف له طبقًا ويحضر به إلى ضابط من الضباط يقدمه له، مناديًا إياه برتبته أو الرتبة التالية لها كنوع من التعظيم أو التفخيم أو التقرب أو الزلفى، أشار أحدهم إلى جمال عبدالناصر، وقال هذا هو الضابط المهم وسطهم فيجرون حوله. 

عندما خرجنا من الاحتفال أول ملاحظة قالها جمال عبدالناصر لعبدالحكيم عامر الذى كان يجلس بجواره، وقالها له بطريقة تلقائية جدًا: إيه يا حكيم.. هُمَّا باشوات البلد اشتغلوا سفرجية؟