رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزهار النفس ومتى تلمع؟

لقد اقتبست هذا العنوان من شعر جبران خليل جبران وهو يتأمل في ليله وصباحه وكأنه يشتاق بل وتتوق نفسه الى تفتح أزهار الربيع وعبير رائحة الزهور رغم ما يحيط بها من أشواك فارتبط الشوق بالشوك الذي لم يمنع تفتح الزهور وحولها تغريد الطيور رغم اختلاط زقزقة العصافير بأنين وألام في كل ركن من المسكونة وهنا يشير شاعر آخر هو إلياس أبو شبكة بهذين البيتين:
عصرت فؤادي في إناء من الهوى .. وأدنيته من مرشف الفقراء
وقلت لهم هذا عزاء قلوبكم .. فللأبرياء التاعسين دمائي
وفي بيت من الشعر قائله مجهول لكن فعله يملأ الكون واقعا ملموس ومحسوس:
ثم ألبستي من الحزن ثوبا .. وبشوك الجبال توجت رأسي
فالإشارة هنا الي البذل والتضحية حتى الموت من أجل الآخرين،  كما عبر الشاعر أبو القاسم الشابي قائلا:
الحب شعلة نور ساحر هبطت من السماء فكانت ساطع الفلق .. الحب روح إلهيٌ مجنحة أيامه بضياء الفجر والشفق .. لولاه ما سمعت في الكون أغنية ولا تآلف في الدنيا بنو أفق
ولم يتوقف الشابي عند هذا الحد من التعبير عن التضحية والبذل حتى بالنفس والنفيس فيشير الي عمق التضحية التي بذلها المسيح ولم تقابل محبته كما ينبغي فيقول الشابي:
في صباح الحياة ضمخت أكوابي وأترعتها بخمرة نفسي .. ثم قدمتها إليك فأهرقت رحيقي ودست يا شعب كأسي
فتألمت ثم أسكت آلامي وكفكفت من شعوري وحسي .. ثم نشدت من أزاهير قلبي باقة لم يمسها أي إنس
ثم قدمتها إليك فمزقت ورودي ودستها أي دوس .. ثم ألبستني من الحزن ثوبا وبشوك الجبال توجت رأسي
وكان الرد العلوي بتأثيره وعمق شرحه فيأتي الرد العلوي بأبيات لا تقل شرحا أو معني في قالب شعري غنائي على النحو التالي:
يا شعبي ماذا صنعت بك؟ وبما أحزنتك؟ أجبني .. أنا غرستك لي أنصر كرمة وأنت تحولت لي أشد مرارة
فأسقيتني خلا وفتحت جنب مخلصك بالحربة .. أنا قتك بالمن في البرية وانت أشبعتني لطما وجلدا .. أنا أنلتك الصولجان والملك وأنت كللت بالشوك رأسي
ولم يفت الشابي أن يعبر عن نفسه في ظروف صعبة مؤلمة فيسجل هذه الابيات تعبيرا عن آلامه الشخصية فيقول: 
يا إله الوجود ما لم لا ترثي لحزن المعذب الاواه؟ .. خبروني هل للوري من إله راحم مثل زعمهم أواه؟ .. إني لم أجد في هاته الدنيا فهل خلف أفقها من إله؟
ثم لا يقف الشاعر عند هذا الحد فيستدرك أن تعبيره هذا قد يظن به سوء تعبير وازعاج فيقول :
يا إلهي قد أنطق الهم قلبي بالذي كان فاغتفر يا إلهي .. ثم يسجل هذه الابيات تعبيرا عن خلاص بعد الموت فيقول :
إلى الموت إن حاصرتك الخطوب وسدت عليك طريق السلام .. ففي عالم الموت تنضو الحياة رداء الأسي وقناع الظلام .. وتبدو كما خلقت غضة يفيض على وجهها الابتسام
ثم يبين ان الموت ليس شرا بل فداء وراحة فيقول:
الي الموت فالموت روح جميل يرفرف من فوق تلك الغيوم .. يضم القلوب إلي صدره ليأسو ما مضها من جروح
ثم يردد ابيات التعبير عن الراحة بعد الام الحياة الي راحة أبدية فيقول:
فأنا السعيد لأنني متجول. عن عالم الآثام والبغضاء .. لأذوب في فجر الجمال السرمدي وأرتوي من منهل الأضواء
وفي ابيات وداعية وكأنه علي وشك الرحيل فيقول :
فأنا السعيد لأنني متجول عن عالم الآثام والبغضاء .. لأذوب في فجر الجمال السرمدي وارتوي من منهل الاضواء
ثم يسجل بعض الابيات الوداعية من أرض الشقاء والدموع إلي راحة ابدية مع يسوع فيقول:
لم يعد لي بقاء فوق هذي البقاع الوداع الوداع يا جبار الهموم .. يا شباب الأسي يا فجاج الجحيم .. قد جرى زورقي في الخصم العظيم ونشرت القلاع فالوداع الوداع.