رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبيرة بريطانية تكشف كيف أصبح «الإخوان» تنظيما عابرا للحدود (2)

الإخوان
الإخوان

لا يزال الخبراء والمحللون وصانعو السياسة حول العالم يحاولون رصد وكشف العلاقة المعقدة بين جماعة الإخوان والغرب، خاصة بريطانيا والولايات المتحدة التي اتسمت بصعود وهبوط وارتباط وعداوة على اختلاف أهداف الجانبين سواء الجماعة الإرهابية أو لندن وواشنطن.

ويرصد 4 خبراء دوليين بارزين عملوا عن قرب في دوائر صنع القرار الأمريكي سواء الكونجرس أو وزارتي الخارجية والدفاع، العلاقة المعقدة بين الإخوان من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة آخرى، في تقرير نشرته مجلة Texas National Security Review التابعة لجامعة تسكاس الأمريكية، من خلال مراجعة حديثة لكتاب " The Muslim Brotherhood and the West: A History of Enmity and Engagement" "الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ من العداوة والمشاركة" للمؤرخ البريطاني مارتن فرامبتون الذي صدر عام 2018. 

ويشارك رايان إيفانز وهو أحد مؤسسي مجلة Texas National Security Review والرئيس التنفيذي لموقعWar on the Rocks، في صياغة مراجعة شاملة لكتاب فرامبتون، مع كورتني فرير الباحثة في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، وستيفن تانكل أستاذ مشارك في الجامعة الأمريكية، وزميل أول مساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد وعمل في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي وفي مكتب وكيل وزارة الدفاع للسياسة، وبيتر ماندافيل أستاذ الشؤون الدولية في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون والذي شغل منصب عضو في فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية من عام 2011 إلى عام 2012.

وحول براجماتية الإخوان التي شرحها فرامبتون في كتابه وكانت سببا في تسلل جماعة الإخوان إلى الحكومات الغربية وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة، قالت كورتني فرير الباحثة في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، أن التحدث عن الإخوان في الغرب تجد صعوبة في تعريفها أو تحديدها حيث ان الجماعة أصبحت غامضة للعديد من المراقبين وصناع القرار الغربيين. 

وترى «فرير» أنه من خلال تتبع فرامبتون العلاقة بين الإخوان المسلمين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يقدم رؤى قيمة في حسابات كل من الإخوان والحكومات الغربية بين القرب والتباعد. 

وتقول إنه عندما يتعلق الأمر بموقف التنظيم تجاه الغرب، يوضح فرامبتون في كتابه أن جماعة الإخوان المسلمين كانت في الأساس نتاجًا للزمان والمكان اللذين تأسست فيهما، وأن الغرب، أو على الأقل مؤسس الجماعة، حسن البنا كان مفهوم الغرب لديه حاسمًا لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين لأنه وجد خلال الاستعمار البريطاني، فمن من وجهة نظره، كانت الحضارة الغربية حضارة خالية من أي روح، لأنها حضارة مادية، ولا تزال تتمسك بأفكار الصليبيين الذين يريدون تدمير الإسلام. 

ويرى فرامبتون أنه مما لا شك فيه أن نفوذ بريطانيا العظمى في مصر، وخاصة في الإسماعيلية حيث تأسست جماعة الإخوان المسلمين، مهد الطريق لظهور التنظيم، ولكن بعد ذلك استخدم البنا إعلان عداوته لبريطانيا والقضية الفلسطينية وقناة السويس لكسب المجتمع المصري ومن خلال ذلك أيضا استطاع أن يعطي مبررا لتدريب عناصر الجماعة وحيازة الأسلحة، وقبيل الحرب العالمية الثانية بدأت الولايات المتحدة في التقرب من الإخوان وبدأت واشنطن في انتقاد الحكومة المصرية والسياسة البريطانية المتحكمة فيها آنذاك.

ويرى فرامبتون أن جماعة الإخوان ليس لديها تقريبًا الوجود المحلي في الولايات المتحدة الذي تتمتع به من خلال الوكالات أو المنظمات ذات الصلة في المملكة المتحدة، وبالتالي فإن السياسات الأمريكية المتعلقة بالإخوان يتم وضعها فقط فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

ومن خلال فترات العداوة والتقارب بين الإخوان والغرب، أظهرت جماعة الإخوان المسلمين بعد ذلك درجة معينة على الأقل من البراجماتية وأصبح هناك رغبة قوية من جماعة الإخوان المسلمين في تسويق نفسها على أنها منظمة سياسية معتدلة وغير عنيفة لكسب ثقة الحكومات الغربية تدل على أولوياتها فهي تأمل في إحداث تأثير سياسي وهي عملية في سعيها لتحقيق هذا الهدف، حيث يوضح فرامبتون هذه الديناميكية في مناقشته لتطور جماعة الإخوان المسلمين وجهودها للتعامل مع الغرب.

ولكن على الرغم من هذه البراجماتية يتتبع فرامبتون بشكل واقعي تاريخ الإخوان المسلمين مع العنف، حيث أوضح أنه خلال أواخر الأربعينيات، شن الإخوان هجمات على ممتلكات يهودية في مصر، وعلى الرغم من وجود رجل معتدل، حسن الهضيبي، على رأس التنظيم، يستشهد فرامبتون بأدلة على أن 1000 عضو من عناصر جماعة الإخوان تلقوا تدريبات على الأسلحة خلال هذه السنوات ونتيجة لذلك، كانت جماعة الإخوان مصدر قلق كبير للبريطانيين، وأصبحت مرتبطة بشكل متزايد في الغرب بالعنف.

ومع محاولة جماعة الإخوان تحويل نفسها إلى لاعب سياسي فاعل وإقناع الغرب بطابعها اللاعنفي، ظهر نقاش في دوائر السياسة الغربية حول ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين منظمة معتدلة، وهو نقاش سلط الضوء على ارتباط الجماعة بالعنف، ويشير فرامبتون هنا إلى أن تعريف "المعتدل" مهم، لكنه نادرًا ما يتم تحديده. 

وحول تحول الإخوان المسلمون لتنظيم عابر للحدود، قالت فرير أن الاستنتاج المهم الذي توصل إليه فرامبتون عن كيفية امتلاك المنظمة في البداية جاذبية محلية ودولية كان بسبب لعبها بورقة القضية الفلسطينية، ويشرح فرامبتون بشكل مثير للإعجاب أنه خلال الحرب العالمية الثانية، طور الإخوان تركيزهم الدولي ولذلك ظهر عدد متزايد من الفروع لجماعة الإخوان في جميع أنحاء المنطقة.