رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتاوى تهمك.. أحكام الأضحية في 44 سؤالا تُجيب عليها «الإفتاء»

الإفتاء
الإفتاء

 

أحكام الأضحية تعد تشغل المسلمين خلال هذه الأيام، تعدد الأسئلة المتعلقة بها وأحكامها، كيفية توزيعها، وشروطها، وغير ذلك من الأمور التي تدور بذهن المواطن، بطرحها عبر وسائل التواصل، والمنصات الإلكترونية من خلال مؤشرات البحث الشهيرة.

"الدستور" ترصد أهم الأحكام الشرعية والفتاوي المتعلقة بالأضحية من خلال الإجابة عنها لمشايخ دار الإفتاء.

 

1- ما هي الأُضْحِيَّة؟


الجواب: الأُضْحِيَّة هي :اسمٌ لما يُذكى تقربا إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة.
والتذكية : هي السبب الموصل لحِلِّ أكل الحيوان البري اختيارا ، فتشمل الذبح والنحر، بل تشمل العقر أيضاً، كما لو شرد ثورٌ أو بعير فطُعِنَ برمح أو نحوه مع التسمية ونية الأُضْحِيَّة. وقيل: هي السبيل الشرعية لبقاء طهارة الحيوان وحل أكله إن كان مأكولا ، وحل الانتفاع بجلده وشعره إن كان غير مأكول.
والأُضْحِيَّة في لغة العرب فيها أربع لغات : إضْحِيَّةٌ، وأُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحي، وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضحايا، وأَضْحَاةٌ والجمع أضحىً كما يقال: أرطاةٌ وأرْطىً .


وبه سمي عيد الأضحى، أي الضحايا، وسميت الأضحية بذلك؛ لأنها تفعل في وقت الضحى، والذى يبدأ من بعد شروق شمس يوم النحر (العاشر من ذي الحجة).
وليس من الأُضْحِيَّة ما يلى :
1- ما يذكى استحبابا بنية العقيقة عن المولود.
2- ما يُذَكَّى بنية الهدي، سواء كان ذلك استحبابا للمفرِد، أو وجوبا للمتمتع والقارن.
3- ما يُذَكَّى وجوبا لترك واجب أو فعل محظور في نسك الحج أو العمرة.


2- ما دليل أن الأُضْحِيَّة مشروعة؟


الجواب: الأُضْحِيَّة مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، والإجماع:
أما الكتاب فقد قال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
قال القرطبي في " تفسيره" (20/ 218): [أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ صَلَاةَ الْعِيدِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، ﴿وَانْحَرْ﴾ نُسُكَكَ. وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَر].


وأما السنة فقد روي في الباب العديد من الأحاديث الفعلية التي تبين فعله صلى الله عليه وسلم لها، كما رُويت أحاديث أخرى قولية في بيان فضلها والترغيب فيها والتنفير من تركها.
أما السنة النبوية الفعلية، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه - صلى الله عليه وسلم- فمن ذلك: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ((ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا)) متفق عليه.

وأما السنة النبوية القولية، فقد وردت أحاديث كثيرة في الأُضْحِيَّة، منها: عن البراء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، من فعله فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء)) متفق عليه، وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.


3- ما الحكمة من مشروعية الأُضْحِيَّة؟


الجواب: الأُضْحِيَّة شرعت لِحِكَم كثيرة منها: أولاً: شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُ ولا تُحصى، كنعمة البقاء من عام لعام آخر. ونعمة الإيمان، ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمُنعم سبحانه وتعالى، والأُضْحِيَّة صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، حيث يتقرب العبد فيها إلى ربه بإراقة دم الأُضْحِيَّة؛ امتثالا لأمره سبحانه وتعالى، حيث قال جلَّ جلاله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.


ثانياً: إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر ، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كان ذلك كله هو سبب الفداء ورفع البلاء ، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.


ثالثا: التوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء، والتصدق على الفقراء. وقد مضت السنة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى.


4- متي شرعت الأُضْحِيَّة ؟


الجواب: شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية ، وهي السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال.


5- ما حكم الأُضْحِيَّة؟
الجواب: اختلف الفقهاء في حكم الأُضْحِيَّة على مذهبين: المذهب الأول: الأُضْحِيَّةُ سنةٌ مؤكدةٌ في حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند مالك، وإحدى روايتين عن أبي يوسف، وهذا قول أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري وسويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، وهو المفتي به في الديار المصرية.
واستدل الجمهور على أن الأضحية سنة مؤكدة بما يلي:
1- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)) ، أخرجه مسلم في صحيحه.
ووجه الدلالة في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((وأراد أحدكم)) فجعله مُفَوَّضا إلى إرادته، ولو كانت الأضحية واجبة لاقتصر على قوله: ((فلا يمس من شعره شيئا حتى يضحي)).

المذهب الثاني : أنها واجبة، وذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وهو المروي عن محمد وزفر وإحدى الروايتين عن أبي يوسف، وبه قال ربيعة والليث بن سعد والأوزاعي والثوري ومالك في أحد قوليه.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1- قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].
قال الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (10/ 245): [قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ : صَلِّ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ الْبُدْنَ بَعْدَهَا ، وَقِيلَ : صَلِّ الصُّبْحَ بِجَمْعٍ وَانْحَرْ بِمِنًى وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَمَتَى وَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ لِأَنَّهُ قُدْوَةٌ لِلْأُمَّةِ].

فإنه أمر بذبح الأُضْحِيَّة وبإعادتها إذا ذكيت قبل الصلاة، وذلك دليل الوجوب.
ثم إن الحنفية القائلين بالوجوب يقولون : إنها واجبة عينا على كل من وجدت فيه شرائط الوجوب (الإسلام – الإقامة – الغنى واليسار. وزاد محمد وزفر: البلوغ والعقل)، فالأُضْحِيَّة الواحدة كالشاة وسُبع البقرة وسُبع البدنة إنما تجزئ عن شخص واحد.


6- هل الأفضل الأضحية أم الصدقة؟
الجواب: الأضحية أفضل من الصدقة؛ لأنها واجبة أو سنة مؤكدة، وشعيرة من شعائر الإسلام.


7- هل يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها؟
الجواب: لا يقوم غير الأُضْحِيَّة من الصدقات مقامها، حتى لو تصدق إنسان بشاة حية أو بقيمتها في أيام النحر لم يكن ذلك مُغنيا له عن الأُضْحِيَّة، وذلك أنها شعيرة تعلقت بإراقة الدم، والأصل أن الأمر الشرعي إذا تعلق بفعل معين لا يقوم غيره مقامه كالصلاة والصوم، بخلاف الزكاة.
8- هل تجزئ الأضحية عن العقيقة؟
الجواب: لا تجزئ الأُضْحِيَّة عن العقيقة وهو قول المالكية والشافعية والرواية الأخرى عن الإمام أحمد، وهو المفتى به.

9- إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة من يكون أولى؟
الجواب: الأُضْحِيَّة والعقيقة سنتان، فإن عجز عن القيام بهما معا لفقر ونحوه قدَّم الأُضْحِيَّة؛ لضيق وقتها واتساع وقت العقيقة.


ما يتعلق بالمضحي والذابح:


10- هل يجب على المضحي أن ينوى الأُضْحِيَّة، أم يكفي مجرد القيام بالذبح في وقته؟


الجواب: يشترط نية الأضحية، لأن الذبح قد يكون لقصد الحصول على اللحم فحسب، وقد يكون تقربًا لله تعالى، والفعل لا يقع قربة إلا بالنية، فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))، أخرجه البخاري في صحيحه.
والمراد بالأعمال: القربات، ثم إن القربات من الذبائح أنواع كثيرة، كهَدِي التمتع والقِران والإحصار وجزاء الصيد وكفارة الحلف وغير ذلك مما يترتب على ارتكاب محظورات الحج والعمرة، فلا تتعين الأُضْحِيَّة من بين هذه القربات إلا بنية الأضحية، ومن ثَمَّ وجبت النية؛ لتحديد أي قربة يريد الذابح بما يذبحه، هل يريد الأضحية أم الهدي أم جزاء الصيد أم ... إلخ، وتكفي النية بالقلب دون التلفظ بها كما في الصلاة، لأن النية عمل القلب، والذكر باللسان دليل على ما فيه.
 

11- هل يجب أن تكون نية المضحي مقارنة للذبح؟
الجواب: يشترط أن تكون النية مقارنة للذبح أو مقارنة لتعيين الذبيحة للتضحية، والذى يكون سابقا على الذبح عادة، سواء أكان هذا التعيين بشراء الشاة أم بإفرازها وتجنيبها عما يملكه من شياه أو بقر أو حيوانات أخرى، وسواء أكان ذلك للتطوع أم لنذر في الذمة، ومثله الجعل؛ كأن يقول: جعلت هذه الشاة أُضْحِيَّة، فالنية في هذا كله تكفي عن النية عند الذبح، وهذا عند الشافعية، وأما الحنفية والمالكية والحنابلة فتكفي عندهم النية السابقة عند الشراء أو التعيين.
 

12- هل يجوز ذبح الهدي في أثناء الحج بنيتين: نية الهدي ونية الأُضْحِيَّة؟
الجواب: لا يجوز ذبح الهدي في أثناء الحج بنية الأُضْحِيَّة مع الهدي؛ لأن سبب مشروعية كل منهما مختلف ولا يقبل التداخل، فالأُضْحِيَّة مشروعة لشكر الله تعالى على سبيل الندب، أما ما يذبح في الحج فقد يكون واجبا كهدي التمتع، وهو واجب بسبب ترك الإحرام بالحج من الميقات؛ لأن المحرم يحرم لحجه من مكة، وكهدي القِران، وهو للجمع بين الحج والعمرة في سَفرة واحدة، وهو واجب أيضًا، وكالذبح لترك واجب من واجبات الحج، أو كفارة عن فعل محظور من ممنوعات الحج، وكلاهما واجب، وقد يكون ما يذبح في الحج قربة وليس بواجب كمن يهدي تطوعا لفقراء الحرم، وكل هذا مخالف للغرض من الأُضْحِيَّة.
 

13- نذرت أن أذبح عجلا، فهل يجوز أن أجمع بينه وبين الأُضْحِيَّة؟
الجواب: الأصل في النذر أن يؤدي كما نذر، ولا يجوز لك الجمع بين الأُضْحِيَّة والنذر في هذه الذبيحة، فهذه الذبيحة تقع عن النذر. وإذا أردت الأضحية فعليك بذبيحة أخرى عنها.
 

14- هل يجب أن يذبح المضحي ذبيحته بنفسه؟
الجواب: يستحب أن يذبحها بنفسه إن قدر على الذبح؛ لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من تفويض إنسان آخر فيها، فإن لم يحسن الذبح فالأولى توليته مسلما يحسنه، ويستحب في هذه الحالة أن يشهد الأُضْحِيَّة، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ((يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فأشهديها)) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين.
 

15- ما حكم النيابة عن الأُضْحِيَّة؟
الجواب : اتفق الفقهاء على أنه تصح النيابة في ذبح الأُضْحِيَّة. فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((يَا فَاطِمَةُ قَوْمِي إِلَى أُضْحِيَّتِكَ فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ وَقُولِي: إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهُ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ عِمْرَانُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكِ خَاصَّةً - فَأَهْلُ ذَاكَ أَنْتُمْ - أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: ((لَا بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً)) ، أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
فهذا الحديث يفيد جواز النيابة ، لأن فيه إقرارا على حكم النيابة.
 

16- هل يجب أن يكون الذابح مالكا للأُضْحِيَّة ؟
الجواب: يشترط أن تكون الذبيحة مملوكة للمضحي، أو مأذونا له من صاحبها في الأضحية بها صراحة أو دلالة ، فإن لم تكن كذلك لم تجزئ الأضحية بها ، لأنه ليس مالكا لها ولا نائبا عن مالكها، لأنه لم يأذن له في ذبحها عنه، والأصل فيما يعمله الإنسان أن يقع للعامل، ولا يقع لغيره إلا بإذنه.
 

17- هل يجوز إنابة غير المسلم في ذبح الأُضْحِيَّة؟
الجواب: ذهب الجمهور إلى صحة الأضحية مع الكراهة إذا كان النائب كتابيا من أهل الكتاب؛ لأنه من أهل الذكاة.
 

18- ما حكم صك الأُضْحِيَّة؟
الجواب : الصك نوع من أنواع الوكالة، وهي جائزة في النيابة في ذبح الأُضْحِيَّة وتوزيعها، ويجب على الوكيل أن يراعي الشروط الشرعية في الأُضْحِيَّة: من سِنِّها وسلامتها من العيوب، وذبحها في وقت الذبح، وتوزيعها على من يستحقها.
 

19- هل يجوز الاقتراض من أجل الأُضْحِيَّة وإذا فعل ذلك هل تجزئه؟
الجواب: الأُضْحِيَّة سنة لمن تكون لديه القدرة عليها، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، فمن كان غير واجد للمال الذي يكفي لشراء الأُضْحِيَّة فاشترى أضحيته بالثمن المقسط أو المؤجل لأجل معلوم وضحَّى بها؛ أجزأه ذلك.
 

20- هل يجوز للمضحى أن يدفع ثمن الأُضْحِيَّة من مال الزكاة؟
الجواب : لا يجوز ذلك؛ فالزكاة لها مصارفها المحددة وتعطى بنية الزكاة، أما الأُضْحِيَّة فتعطى بنية الأُضْحِيَّة، والأُضْحِيَّة يأكل منها الغني والفقير والمستحق للزكاة وغير المستحق لها. بخلاف الزكاة فلا ينبغي دفعها إلا لمن يستحقها من مصارفها.
 

21- هل يحرم على المضحي الأخذ من شعره وأظافره؟
الجواب: عَنْ أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا رأيتم هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ وأراد أحدكم أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعرِهِ وأظفاره)) أخرجه مسلم في صحيحه. وفي رواية :((فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)).
وجمهور العلماء علي أن الأمر بالإمساك عن الشعر والأظافر في هذا الحديث محمول علي الندب والاستحباب لا علي الحتم والإيجاب، بمعني أن من أراد أن يضحي فإنه يكره له الأخذ من شعره وأظفاره، وكذلك سائر جسده، فإن فعل لا يكون آثما، إنما تاركا للفضيلة فحسب.
وذلك من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة إلى الفراغ من ذبح الأُضْحِيَّة.
 

22- ما يستحب للمضحى فعله بالذبيحة قبل الأضحية؟
الجواب: يستحب قبل الأضحية أمور :
(1) أن يُظهِر (يربطها في مكان ظاهر) المضحي الأُضْحِيَّةَ قبل يوم النحر بأيام إن تيسر له ذلك، وعلى ألا يضر غيره، لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها ، فيكون له فيه أجر وثواب .
(2) أن يقلدها ويجللها؛ قياسا على الهدي، لأن ذلك يشعر بتعظيمها، قال تعالى : ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
والتقليد : تعليق شيء في عنق الحيوان؛ ليعلم أنه هدي أو أُضْحِيَّة.
والتجليل : إلباس الدابة الجُلّ -بضم الجيم، ويجوز فتحها مع تشديد اللام-، وهو ما تغطى به الدابة لصيانتها.
(3) أن يسوقها إلى مكان الذبح سوقا جميلا لا عنيفا، ولا يجر برجلها إليه، فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شيء فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)) أخرجه البخاري في صحيحه.
(4) عرض الماء على الذبيحة قبل الذبح.
23- من أراد الأضحية هل يحرم عليه جماع زوجته في العشر من ذي الحجة وهو ليس بحاج؟
الجواب: يجوز لمن أراد أن يضحي أن يجامع زوجته في العشر من ذي الحجة ما لم يكن هناك مانع شرعي كالحيض والنفاس.
 

24- هل هناك دعاء يقوله المضحي عند ذبح الأُضْحِيَّة؟
الجواب: يستحب أن يدعو فيقول : اللهم منك وإليك، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: ((إني وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للذي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ)). أخرجه أحمد في مسنده.
ويستحب بعد التسمية التكبير ثلاثا والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدعاء بالقبول.
25- ما الذي يستحب للمضحي بعد الأضحية ؟
يستحب للمضحي بعد الذبح أمور منها ما يلي:
1- أن ينتظر حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة فلا ينخَع -أي : يتجاوز محل الذبح إلى النخاع، وهو الخيط الأبيض الذي في داخل العظم، ولا يسلخ قبل زوال الحياة عن جميع جسدها.
2- أن يأكل منها ويطعم ويدخر؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 27، 28]، وقال تعالى أيضا: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: 36]، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا ضَحَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ)) أخرجه أحمد في مسنده.
 

26- في حالة سفر رب الأسرة، هل يضحي في بلد سفره أم يوكل من ينوب عنه ليذبح في بلده ؟
الجواب: إذا سافر رب الأسرة للعمل في بلد ما فله أن يذبح في بلد عمله، وله أن ينيب من يذبح عنه الأُضْحِيَّة في بلده الأصلي، فذبحه في بلد عمله النظر فيه لكونه القائم بالسنة والمتصدق ببعضها، والذبح في بلده الأصلي النظر فيه لكون الأُضْحِيَّة عن نفسه وعن أسرته وعمن ينفق عليهم.
 

27- ما حكم الأضحية عن الميت؟
الجواب: إذا أوصى الميت بالأضحية عنه، أو وقف وقفا لذلك جاز بالاتفاق، فإن كانت واجبة بالنذر وغيره وجب على الوارث إنفاذ ذلك، و أما إذا لم يوص بها فأراد الوارث أو غيره أن يضحي عنه من مال نفسه، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز الأضحية عنه، وقال الشافعية: إن الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف.
 

28- هل تجزئ الأُضْحِيَّة عن صاحبها وأهل بيته أم عن صاحبها فقط؟
الجواب: تجزئ الأُضْحِيَّة عن صاحبها وعن أهل بيته الذين ينفق عليهم، فالشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت الواحد، فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت، تأدى الشعار والسنة عن جميعهم، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والأوزاعي.
فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ. فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحّيَ بِهِ. فَقَالَ لَهَا: "يَا عَائِشَةُ هَلُمّي الْمُدْيَةَ". ثُمّ قَالَ "اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ" فَفَعَلَتْ. ثُمّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ. ثُمّ ذَبَحَهُ. ثُمّ قَالَ "بِاسْمِ اللّهِ. اللّهُمّ تَقَبّلْ مِنْ مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ. وَمِنْ أُمّةِ مُحَمّدٍ" ثُمّ ضَحّىَ به)) أخرجه مسلم في صحيحه.
وعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيّ ِصلى الله عليه وسلم، يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ. ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى)) أخرجه مالك وابن ماجه والترمذي وصححه.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ رضي الله عنه وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : ((هُوَ صَغِيرٌ)) فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ)) أخرجه البخاري في صحيحه.
 

29- هل يجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة؟
الجواب: لا يجوز الاشتراك في الشاة والماعز؛ لأن الواحدة منها لا تجزئ إلا عن أُضْحِيَّة واحدة، ويجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة إذا كانت الذبيحة من الإبل أو البقر، لأن السبع الواحد منها يجزئ عن أُضْحِيَّة، فيمكن لسبعة أفراد مختلفين أن يتشاركوا في بدنة أو بقرة.

30- متزوج وأعيش في بيت مستقل ، فهل يجوز أن أشترك ووالدي في شاة؟
الجواب : لا يجوز ذلك، والأضحية سنة وليست واجبة على المفتى به، ويجوز الاشتراك في الأضحية إذا كان المشارك معدودا من أهل المضحِّى الذين يقوم المضحِّى بالإنفاق عليهم -ولو تبرعاً- فإذا تحقق ذلك جاز لهم الاشتراك في الأضحية ولو شاة، فإذا تخلف شرط من الشروط الثلاثة التي هي: القرابة والمساكنة والإنفاق امتنع الاشتراك في الأضحية، ولا تحقق للسنة إلا بأن يضحى كل منهما بأضحية مستقلة.


31- أنا رجل مسن، وأقيم مع ابنتي في بيت زوجها، فهل تجزئ عنا أُضْحِيَّة واحدة؟
الجواب: إذا كنت تنفق على نفسك، فلا تجزئ الأضحية عنك وعن زوج ابنتك وأسرته، وينبغي لتحقيق السنة أن يضحى كلَّ منكما عن نفسه وأسرته التي ينفق عليها.


32- اعتاد والدى أن يضحى كل عام، فهل تجزئ أُضْحِيَّة واحدة عنا؟
الجواب : إذا كان المشارك معدودا من أهل المضحِّى الذين يقوم المضحِّى بالإنفاق عليهم -ولو تبرعا- جاز لهم الاشتراك في كل أضحية ولو شاة.


فإذا تخلف شرط من الشروط الثلاثة -التي هي: القرابة والمساكنة والإنفاق- امتنع الاشتراك. وعليه، فإذا كان الأخ صاحب الأضحية ينفق على هؤلاء الأخوة جاز له أن يشركهم معه في أضحيته، وأجزأت عنهم جميعا.
 

33- هل يجوز اشتراك المضحي وغير المضحي في جمل أو بقرة واحدة ؟
الجواب: اشتراك غير المسلم مع المسلم، واشتراك المضحي وغير المضحي في الأضحية التي يجوز فيها الاشتراك -كالبقرة أو الناقة- جائز شرعا، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وبناء عليه: فيجوز أن يشترك المضحي وغير المضحي، وسواء كان غير المضحي مسلما أو غير مسلم، أو كان غير المضحي يريد قربة أخرى غير الأضحية أو يريد مجرد اللحم أو غير ذلك في الذبيحة التي تقوم عن سبعة كالبدنة والبقرة.


34- ما الشروط التي يجب توافرها في الذابح؟
الجواب: يشترط في الذابح أن يكون:
أ- عاقلا.
ب- مسلما أو كتابيا.
ج- وألا يذبح لغير اسم الله تعالى.
 

35- هل يجوز إعطاء الجزار جلد الأُضْحِيَّة؟ وبيع شيء منها؟
الجواب: لا يجوز أن يعطى الجزار شيئا من الأضحية –كجلدها- مقابل أجره، كما لا يجوز بيع شيء من الأضحية. فعَنْ عَلِىٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه قَال: ((أَمَرَني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لاَ أُعْطِي الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا)). أخرجه مسلم في صحيحه، وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((وليس فيها أجر الجازر)).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ))، أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا الحديث صحيح ولم يخرجاه.
فلا يجوز للمسلم أن يعطي الجزار شيئا من الأُضْحِيَّة على سبيل الأجر، ويمكن إعطاؤه على سبيل التفضل والهدية أو الصدقة، أما كأجر له فيحرم ذلك؛ للحديث السابق، ولأن إعطاء الجزار شيئا من الأُضْحِيَّة يشبه البيع من الأُضْحِيَّة، وهو غير جائز، لأنها خرجت كلها لله، فلا يجوز بيع شيء منها، ولا دفع الأجرة منها.
ما يتعلق بالذبح:
 

36- ما هو الذبح، وما هي كيفيته الصحيحة شرعا؟
يطلق الذبح في اللغة على الشق وهو المعنى الأصلي، ثم استعمل في قطع الحلقوم من مقدم العنق عند المفصل الذى بين العنق والرأس تحت اللحيين (وهما العظمان اللذان يلتقيان في الذقن، وتنبت عليهما الأسنان السفلى) وهذا المفصل يسمى بالنصيل.
وموضع الذبح يكون في الحلق من الشاه والبقرة. وأما تذكية الإبل فتسمى بالنحر ، ويكون في اللبة. وحقيقة الذبح قطع الأوداج كلها أو بعضها في الحلق على حسب اختلاف المذاهب. وبيان ذلك أن الأوداج أربعة وهي: الحلقوم والمريء والعرقان اللذان يحيطان بهما ويسميان (الودجين)، ولا بد من قطع اثنين على الأقل وهما الحلقوم والمريء عند الشافعية والحنابلة، وهو المفتى به، لأن الذبح إزالة الحياة، والحياة لا تبقى بعد قطعهما عادة ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا قطع أي ثلاثة من الأوداج أجزأ، وقال المالكية: إذا قطع جميع الحلقوم والودجين حل.
ولا بد من الذبح أو النحر حتى يحلَّ أكل الذبيحة.
 

37- ما هو النحر؟
الجواب: النحر يكون في الإبل، وحقيقة النحر: وضع آلة النحر في اللبة مع قطع الأوداج، على الخلاف المذكور بين العلماء، وبيان ذلك أن الأوداج أربعة وهي: الحلقوم والمريء والعرقان اللذان يحيطان بهما ويسميان (الودجين)، ولا بد من قطع اثنين على الأقل وهما الحلقوم والمريء عند الشافعية والحنابلة، وهو المفتى به، لأن الذبح إزالة الحياة، والحياة لا تبقى بعد قطعهما عادة ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا قطع أي ثلاثة من الأوداج أجزأ، وقال المالكية: إذا قطع جميع الحلقوم والودجين حلَّ.
واللبّة: هي الثغرة بين الترقوتين أسفل العنق، ويستحب في النحر أن تكون الإبل قائمة على ثلاث معقولة اليد اليسرى، وكيفية النحر عند المالكية هي أن يوجه الناحر ما يريد نحره للقبلة ويقف بجانب الرجل اليمنى غير المعقولة ممسكا مشفره لأعلى بيده اليسرى ويطعنه في لبته بيده اليمنى مُسَمِّيا.
والدليل على هذا قوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: 36].
وقال ابن عباس : "معقولة على ثلاثة". أخرجه البيهقي.
وكذلك أحاديث، منها عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ بَارِكَةً فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم)) أخرجه مسلم في صحيحه.
 

38- هل يشترط في آلة الذبح شروط معينة؟
الجواب: يشترط في آلة الذبح: أن تكون قاطعة: معدنية أو غير معدنية، فعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ)). أخرجه البخاري في صحيحه.
 

39- ما مستحبات الذبح؟
الجواب : يستحب في الذبح أشياء معظمها مأخوذ من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شيء فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)) أخرجه مسلم في صحيحه، وعليه فيستحب في ذبح الأُضْحِيَّة ما يلي:
1- أن يكون بآلة حادة كالسكين والسيف الحادين.
2- التذفيف في القطع ، وهو الإسراع ؛ لأن فيه إراحة للذبيحة.
3- استقبال القبلة من جهة الذابح ومن جهة مذبح الذبيحة؛ لأن القبلة جهة الرغبة إلى طاعة الله تعالى، ولا بد للذابح من جهة، وجهة القبلة هي أشرف الجهات، وكان ابن عمر وغيره يكرهون أكل الذبائح المذبوحة لغير القبلة.
4- إحداد الشفرة قبل الذبح مع مراعاة عدم رؤية الحيوان ذلك ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((أَنَّ رَجُلا أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ ؟ هَلا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا)). أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وينبغي التنبيه إلى أنه لا تحرم الذبيحة بترك شيء من مستحبات الذبح أو فعل شيء من مكروهاته؛ لأن النهي المستفاد من الحديث ليس لمعنى في المنهي عنه بل لمعنى في غيره، وهو ما يلحق الحيوان من زيادة ألم لا حاجة إليها، فلا يوجب الفساد.
5- أن تضجع الذبيحة على شقها الأيسر برفق، والدليل على استحباب الإضجاع في جميع المذبوحات حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ)) أخرجه مسلم في صحيحه.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسني المطالب (6/ 496): [يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْحَرَ ( الْبَعِيرُ قَائِمًا عَلَى ثَلَاثٍ ) مِنْ قَوَائِمِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قِيَامًا عَلَى ثَلَاثٍ ( مَعْقُولًا ) فِي الرُّكْبَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَنْ تَكُونَ الْمَعْقُولَةُ الْيُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْحَرْهُ قَائِمًا ( فَبَارِكَا وَ ) أَنْ ( يُذْبَحَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ) وَنَحْوُهُمَا كَالْخَيْلِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ بِأَنْ يُقْطَعَ حَلْقُهَا أَعْلَى الْعُنُقِ وَأَنْ تَكُونَ ( مُضْجَعَةً ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الشَّاةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهَا الْبَقِيَّةُ ؛ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ ( عَلَى ) جَنْبِهَا ( الْأَيْسَرِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَار].
فيؤخذ من التعليل أنه إن كان الذابح أعسر فيكون الإضجاع بالعكس على اليمين، والله تعالى أعلم.
وهذا في حق الذبائح التي تحتاج إلى إضجاع، بخلاف الإبل التي تنحر قائمة .
6- سوق الذبيحة إلى المذبح برفق.
7- عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها.
8- عدم المبالغة في القطع حتى يبلغ الذابح النخاع، أو يُبين رأس الذبيحة حال ذبحها، وكذلك بعد الذبح وقبل أن تبرد، وكذا سلخها قبل أن تبرد؛ لما في ذلك من إيلام لا حاجة إليه، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبيحة أن تفرس)) أخرجه البيهقي في سننه.
قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (3/ 428) :[فِي حَدِيثِ عُمَرَ ((أَنه كَرِه الفَرْسَ فِي الذَّبَائِحِ)) وَفِي رِوَايَةٍ ((نَهى عَنِ الفَرْس فِي الذَّبيحة)) هُوَ كَسْر رَقَبتها قَبْلَ أَنْ تَبْرُد].
9- إذا كانت الذبيحة قربة من القربات كالأُضْحِيَّة يكبر الذابح ثلاثا قبل التسمية وثلاثا بعدها ، ثم يقول : اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني .
10- كون الذبح باليد اليمنى، وأما الإبل فتختص بالنحر.
 

40- ما هو أول وقت ذبح الأُضْحِيَّة؟
الجواب: يدخل وقت ذبح الأُضْحِيَّة بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضي زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق في ذلك بين أهل الحضر والبوادي، وهذا قول الشافعية والحنابلة، وبه قال ابن المنذر وداود الظاهري والطبري، وهو المفتى به.
 

41- ما آخر وقت ذبح الأُضْحِيَّة؟
الجواب: ينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، وهو رابع أيام العيد، إذ إن أيام النحر أربعة: يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة الآتية بعده، فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَكُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ)) أخرجه أحمد في مسنده.
قال الإمام الشافعي في "الأم"(2/ 244): [فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق، ثم ضحى أحد، فلا ضحية له].
 

42- ما هو أفضل وقت لذبح الأُضْحِيَّة؟
الجواب: أفضل وقت لذبح الأُضْحِيَّة، هو اليوم الأول، وهو يوم الأضحى بعد فراغ الناس من صلاة العيد، فاليوم الأول أفضل في الذبح من الأيام الثلاثة التالية له، وإنما كان اليوم الأول أفضل لأن الأضحية فيه مسارعة إلى الخير، وقد قال الله تعالى ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، والمقصود المسارعة إلى سبب المغفرة والجنة، وهو العمل الصالح.
 

43- هل يجوز ذبح الأُضْحِيَّة في ليالي أيام النحر؟
الجواب: ليلة عيد الأضحى ليست وقتا للتضحية بلا خلاف، وكذلك الليلة المتأخرة من أيام النحر، وإنما الخلاف في الليلتين أو الليالي المتوسطة بين أيام النحر، فالمالكية يقولون : لا تجزئ الأضحية التي تقع في الليلتين المتوسطتين، وهما ليلتا يومي التشريق من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير2/ 121 ط دار الفكر).
وقال الحنابلة والشافعية: إن الأضحية في الليالي المتوسطة تجزئ مع الكراهة؛ لأن الذابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثور والجمهور. وهو أصح القولين عند الحنابلة.
واستثنى الشافعية من كراهية الأضحية ليلا ما لو كان ذلك لحاجة، كاشتغاله نهارا بما يمنعه من الأضحية، أو مصلحة كتيسر الفقراء ليلا، أو سهولة حضورهم. وهو المفتى به.


44- ما حكم ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات؟
الجواب: العمل المسؤول عنه من السيئات العِظام والجرائم الجِسام؛ لأن فيه إيذاء للناس ، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، وفاعل ذلك إنما يتخلق بأخلاق بعيدة عن أخلاق المسلمين، عَنْ عَبْدِ اللَه.
 

635783494712449917
635783494712449917