رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخ الشعراوي يوضح منهج سيدنا يوسف في الدعوة

الشيخ الشعراوي
الشيخ الشعراوي

قال الشيخ محمد متولي الشعراوي، الداعية الإسلامي، “كان سيدنا يوسف عليه السلام، داعية إلى الله، يعرضه القرآن داعية، ويعرض هذه اللقطة من قصته ليعلمنا كيف ندعو إلى الله، كيف دعا يوسف إلى الله؟ استغل يوسف حاجة الفتيان فلم يقل لهما طلبهما أول الأمر، ولم يقص عليهما تأويل رؤياهما، لأنه أراد أن يستبقى شعورهما وإحساسمها وعواطفهما وفكرهما معه حتى يفرغ هو من مهمته الأساسية، وكان من الممكن بعد أن أطرى بقولهما: إنا نراك من المحسنين، أن يأخذه الزهو  لتلك الشهادة منهما، وأن يقول لهما ما يريدان، ولكن يوسف لا يريد هذا عند هذين”.

وأضاف في كتابه “الطريق إلى الله”: أنه يعمل لحساب قوة أخرى يريد الجزاء منها، يعمل لحساب الحق، يعمل لحساب الله، فاستغل حاجتهما، واستغل إنصاتهما، واستغل شعورهما وإحساسهما ليقول ما يمليه عليه موقفة كإنسان نبى أو كإنسان منحدرٍ من أصلاب أنبياء فماذا قال لهما؟ انظروا إلى براعة الداعية إلى الله قال: وماذا رأيتم من إحساني؟ أرايتم سلوكا مهذبًا، أرايتم منطقًا حسنًا؟ أرايتم سمتًا متواضعًا؟  كل ذلك هين في سبيل ما عندي من كنوز الإحسان، فإنا عندى من كنوز الإحسان فوق ذلك.

وأكمل: “فإذن، عندما قال: إنا نراك من المحسنين، قال: (لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نباتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) فإحسانه من نوع آخر، إحسان من نوع الإنسان، إحسان من الذي كشف الله له حجاب الستر في الأشياء، وأعمله بغيب من غيبه، فهو يقول لهما: أنبئكم بالأكل الذي تأكلانه غدًا، فكأن إحساني ليس بشهادتكما ولكن إحساني بشهادة الحق الذي جعلني موضعًا أمينا يأتمننى فيه على أسرار غيبه فيقولها لى، وهو بذلك يريد أن يضخم الإحسان بمقاييس أعلى من مقياسهما، (لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما)، وبعد ذلك لم يدع غرورًا، ولا فقها، ولم يدع أن ذلك خصوصية، بل قال: (ذلكما مما علمنى ربي)، لماذا؟ لأنى تركت ملة قومٍ لا يؤمنون بالله، واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب، إلى آخر ما قال”.


وأردف قائًلا: "إذن، فالمنج الذي جعلني من المحسنين، كما قلت، ويجعلني أهلا لائتمان الله لى على أسرار غيبه، كما أخبرتكما، ليس لذاتية فيً، ولكن لمنهج تلقيته من الله فعملت به، ومن الممكن أن تكونا مثلى في أن تتركا ملة قوم لا يؤمنون بالله، وأن تقبلا على ملة الأنبياء والرسل والذين بلغوا عن الله، وبعد ذلك يدخل في صميم القضية الإيمانية: (ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) أربابكم المتفرقون المتعددون كان من الممكن أن يعيناكما على ما تطلبان، فلماذا تركتم أربابا متفرقة ولجأتما إلى عبدٍ بسيطٍ لرب واحد؟، (ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار).

وتابع: “وبعد ذلك قال حينما فرغ من إلقاء شحنته الإيمانية: (يصحبي السجن أما أحمدكما فيسقى ربه، خمرًا وأما الأخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان)، إذن، فقد ادخر الجواب الذي يهمهما إلى أن أفرغ شحنته الإيمانية، وأفرغ شحنة الدعوة إلى الله، واستغل حاجتهما استغلالا حسنا، وبعد ذلك عزا كل شئٍ أتى به إلى إيمانية بمنهج ربه، كذلك يجب أن يكون شأن الدعاة أسوة حسنة أولًا، تلفت الناس إلى ما فيهم من قيم الخير سألوهم: لماذا أنتم كذلك؟ فيقولون: لأننا مسلمون، ولذلك يقول الحق، في ذلك: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صلحا وقال إننى من المسلمين)، إذن، فكل عمل خير يعمله الإنسان يجب أن يعزوه إلى دينه، يجب ألا تعمل العمل وتقوله: إنه من عبقريتي وابتكاري واختراعى، مادام إسلامك يتسع إلى أن يكون فيه مثل ذلك، لماذا؟ أتستحى أن تقول: ذلك هو مبدأ ديني وهو مبدأ إسلامى؟”.

وزاد: “فلماذا إذ جاء مبدأ من مبادئ الخير، من أي دولة، صادف أن اتفق البشر مع منهج السماء، لماذا لا يلقن أبناؤنا أن دعوات الخير إنما تفد إليهم من أديانهم؟ فإذا كان ذلك هو شأن الداعية فيجب أن يكون أيضا شأن المنفعل بالداعية، لأن الفاعل شئ والمنفعل به شئ آخر”.

 

2018_11_17_2_28_57_579
2018_11_17_2_28_57_579